بعد 109 أعوام على اكتشافه.. أثري يكشف تفاصيل تمثال الملكة نفرتيتي بألمانيا | صور
كشف الدكتور أحمد بدران، أستاذ التاريخ والحضارة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، تفاصيل تمثال الملكة نفرتيتي المعروض حاليًا في متحف برلين بألمانيا، وذلك بمناسبة ذكرى مرور 109 أعوام على اكتشافه.
وقال في تصريحات لـ القاهرة 24، إن تمثال الملكة نفرتيتي النصفي الشهير، يعد أحد أشهر الأعمال الفنية الأثرية التي جاءتنا من مصر القديمة، وكذلك من أشهر القطع الفنية في العالم، وهو تمثال نصفي من الحجر الجيري الملون.
وتابع أن التمثال نحته النحات المصري تحتمس عام 1345 قبل الميلاد، أي منذ حوالي 3500 سنة.
وأوضح بدران، أن هذا التمثال جعل نفرتيتي من أحد أشهر نساء العالم القديم، ورمزًا من رموز الجمال الأنثوي، ويبلغ ارتفاع هذا التمثال النصفي47 سم، ويزن حوالي 20 كجم، والتمثال يظهر رأسها بالرقبة وجزء من الكتفين والصدر، وهو مصنوع من الحجر الجيري والمغطى بطبقة من الجص وهو في حالة سليمة تقريبًا.
وذكر أن التمثال يجمع ما بين المثالية والواقعية وبه لمسة من عصر العمارنة والذي يتميز بالواقعية والخطوط الانسيابية والرقة والعذوبة، وترتدي الملكة تاجا أزرق اللون مميزًا يحيط به شريط ملون ومثبت على قاعدة ذهبية ملونة باللون الأصفر، وكان مثبت في مقدمة التاج على جبين الملكة حية الكوبرا المقدسة، رمز الملكية في مصر القديمة، والتي سقطت وما زال مكانها موجودًا.
وقال: جانبا الوجه متماثلان تمامًا، والرقبة منسابة بجمال ورقة، والشفتان بديعتان جميلتان غضتان ملونتان باللون الأحمر، والوجه يشرق جمالا واقعيا ويشع أنوثة في نبل وعظمة؛ فقد لون الوجه بأكمله بمزيج من الأصفر الوردي ليعطي لون البشرة الإنسانية، وقد لون الحاجبان باللون الأسود، أما العينان فكانتا مطعمتان بزجاج بلوري ذي خلفية سوداء، فالعين اليمنى مطعمة حيث أن بؤبؤ العين اليمنى من الكوارتز المطلي باللون الأسود والمثبت بشمع العسل، بينما خلفية العين من الحجر الجيري، ولكن العين اليسرى تفتقر إلى البطانة الموجودة في اليمنى، فيبدو أن التطعيم سقط منها ونظرا لأن التاج طويل ولكي يحتفظ الفنان بتوازن النسب ويعطي الانطباع الحقيقي للعنق فقد أطال العنق الأملس الرقيق الذي يلتحم بالكتفين والصدر المحلى بقلادة عريضة في انسيابية ورقة وجمال، ويوجد تهتم في الأذنين.
وقال: الملكة نفرتيتي يعني اسمها بالمصرية القديمة الجميلة تتهادى أو الجميلة أتت، هي زوجة الفرعون المصري أخناتون، أحد أشهر ملوك مصر القديمة والذي حكم في الأسرة الثامنة عشرة في الفترة من 1352 ق.م إلى 1336 ق.م.
قصة اكتشاف تمثال الملكة نفرتيتي بـ تل العمارنة
في عام 1912 عملت بعثة ألمانية برئاسة عالم الآثار الألماني لودفيج بورخارت في منطقة تل العمارنة بالمنيا والتي كانت تسمى في العصر الفرعوني أخت آتون وهي العاصمة التي اختارها أخناتون أمنحتب الرابع داعي الوحدانية لتكون مركزا لديانته الجديدة وعاصمة ملكه بدلا من طيبة(الأقصر).
وعملت تلك البعثة الألمانية في تل العمارنة واستطاعت أن تكتشف الكثير من المدينة القديمة
وكان من مكتشفاتها في 6 ديسمبر عام 1912 هذا التمثال النصفي الأسطورة للملكة نفرتيتي الذي أصبح من أجمل وأندر وأشهر القطع الأثرية والفنية في العالم؛ والذي يظهر لنا الأنوثة الطاغية والجمال الفتان للملكة الجميلة نفرتيتي زوجة الملك أخناتون ورفيقته في دعوته.
وعثرت البعثة على هذا التمثال في ورشة عمل أو أتيليه النحات المصري القديم تحتمس والذي عثر به أيضًا على عدد من التماثيل النصفية الأخرى للملكة نفرتيتي ولكن لم ينتهي العمل فيها، أي أنها تمثايل غير مكتملة الصنع، وفي عام 1924عثر في أرشيف الشركة الشرقية الألمانية (التي تولّت أعمال التنقيب) على وثيقة حول اجتماع حدث في 20 يناير 1913 بين العالم المكتشف لودفيج بورخارت وبين مسئول مصري رفيع لمناقشة تقسيم تلك المكتشافات الأثرية التي عثرت عليها تلك البعثة في عام 1912 بين ألمانيا ومصر.
قصة خروج تمثال الملكة نفرتيتي إلى ألمانيا
وفقًا للأمين العام للشركة الشرقية الألمانية وهو صاحب الوثيقة، والذي كان حاضرًا الاجتماع، فإن بورخارت كان عاقدًا العزم منذ البداية على أن يكون تمثال نفرتيتي للألمان، ويشتبه في أن يكون بورخارت قد أخفى قيمة هذا التمثال الحقيقية، على الرغم من إنكاره لذلك، وعرض بورخارت على المسئول المصري صورة ذات إضاءة سيئة للتمثال كي يخفي جمال وحقيقة التمثال، كما أخفي التمثال في صندوق عند زيارة مفتش عام الآثار المصرية الذي كان أجنبيا في ذلك الوقت وهو“جوستاف لوفيفر” حينما جاء ليفتش عن التمثال.
وادعى بورخارت، أن التمثال مصنوع من الجبس، لتضليل المفتش، وقام بورخارت بتهريب التمثال إلى منزله في حي الزمالك بالقاهرة، ومن هناك هربه إلى ألمانيا مخفيًا ضمن قطع فخار محطمة غير ذات قيمة، مرسلة إلى برلين للترميم، وقد ألقت الشركة الشرقية الألمانية باللوم على إهمال المفتش،
وأشارت إلى أن التمثال كان على رأس قائمة التقسيم، وأن الاتفاق كان نزيهًا، ووصل التمثال إلى ألمانيا في عام 1913، حيث تم شحنه إلى برلين، وقـُـدّم إلى "هنري جيمس سيمون" تاجر الآثار وممول حفائر تل العمارنة، وبقي التمثال عند سيمون حتى أعار التمثال وغيره من القطع الأثرية التي عثر عليها في حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.
وعلى الرغم من عرض بقية مجموعة تل العمارنة منذ عام 1913، إلا أن تمثال نفرتيتي ظل في طي الكتمان بناء على طلب بورخاردت، وفي عام 1918 ناقش المسئولون عن المتحف مسألة عرض التمثال للجمهور، ولكن مرة أخرى ظل التمثال دون عرض بناء على طلب بورخاردت.
وفي عام 1920 وهب سيمون التمثال لمتحف برلين نهائيًا.
وأخيرًا في عام 1923 تم عرض التمثال لأول مرة للجمهور بعد موافقة كتابية من بورخاردت.
في عام 1924تم عرض التمثال على الجمهور كجزء من المتحف المصري ببرلين، وبعد ذلك نُقل التمثال ليعرض في متحف برلين الجديد.
محاولات لاستعادة تمثال الملكة نفرتيتي من ألمانيا
في عام 2005، طالب الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصري ووزير الآثار الأسبق، منظمة اليونسكو بالتدخل لإعادة التمثال، وفي عام 2007 هدد حواس بحظر معارض الآثار المصرية في ألمانيا، إذا لم تعد ألمانيا تمثال نفرتيتي لمصر ولكن دون جدوى.
كما طالب حواس بمقاطعة عالمية لإقراض المتاحف الألمانية القطع الأثرية بادئًا ما أسماه "الحرب العلمية".
وطالب حواس ألمانيا بإعارة التمثال لمصر في عام 2012 عند افتتاح المتحف المصري الجديد بالقرب من أهرامات الجيزة، وفي الوقت نفسه، انطلقت حملة بعنوان رحلات نفرتيتي، أطلقتها جمعيات تعاون ثقافي مقرها فيهامبورج في ألمانيا، حيث قاموا بتوزيع بطاقات بريدية تحمل صورة تمثال نفرتيتي مع عبارة "العودة إلى المرسل"، وكتبوا رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة الألماني "بيرند نيومان"، تدعم إعارة التمثال إلى مصر.
في عام 2009عندما عاد تمثال نفرتيتي لمتحف برلين الجديد تجددت التساؤلات حول مدى ملاءمة برلين كموقع للتمثال، وحاول العديد من خبراء الفن الألمان دحض كل الادعاءات التي أدلى بها حواس حول خداع بورخاردت للسلطات المصرية عند الاتفاق على تقسيم الآثار، مستندين إلى وثيقة 1924، وقد تحججت السلطات الألمانية بأن التمثال هش للغاية، وقد يتهشم أثناء نقله، وبأن الحجج القانونية لإعادته غير صحيحة.
وفي ديسمبر 2009، عرض فريدريك سيفريد مدير المتحف المصري في برلين على الجانب المصري وثائق محفوظة لدى المتحف حول العثور على التمثال، والتي تتضمن البروتوكول الذي وقعه بورخاردت مع هيئة الآثار المصرية.
وفي الوثائق وصف التمثال بأنه تمثال جص ملون لأميرة، ولكن في مذكراته أشار بوضوح إلى أنه رأس نفرتيتي، وهو ما يثبت كذب وتلاعب بورخارت حيث إنه كتب هذا الوصف حتى تتمكن بلاده من الحصول على التمثال، وهو ما علق عليه حواس بأن هذه الوثائق تؤكد صحة موقف مصر بأن بورخاردت تصرف بشكل غير أخلاقي بقصد الخداع، إلا أن مدير المتحف علق بأن سلطة الموافقة على عودة التمثال إلى مصر، تقع بين مركز التراث الثقافي البروسي، ووزير الثقافة الألماني.