هروب من أجل الحياة.. يارا تهرب بشقيقتها من الصعيد لحمايتها من الختان
كان عندي استعداد أضحي بسمعتي ولا إن أختي تتعرض للي تعرضت له، بهذه الكلمات بدأت يارا. هـ، سرد قصة هروبها بشقيقتها ذات الـ 6 سنوات، من منزلهما قبل أن تدخل عليها أمها ومعها الطبيب لإجراء قطع متعمد لجزء من العضو التناسلي أو ما يسمى بالختان.
روت يارا. هـ: والدتي خريجة كلية التربية قسم دراسات اجتماعية، وعلى قدر كبير من الثقافة، ولكن للأسف بحكم العادات والتقاليد هنا في قلب الصعيد، بالتحديد محافظة قنا، يكون الختان قدرا إجباريا على الفتيات الصغار.
وأضافت صاحبة الـ 22 عاما في تصريحات لـ القاهرة 24، أن اليوم الذي انقلبت فيه قريتها رأسًا على عقب، كانت في طريقها إلى البيت، وفور وصولها شعرت بحركات غريبة على غير العادة، ولكن المشهد الذي كانت تعلمه تمامًا، هو رؤيتها شقيقتها تتجهز بجلباب أنيق سادة، هذا الذي يشبه الذي كانت ترتديه قبل أعوام طويلة وخضعت بالحيلة للختان.
حينما رأت يارا ما عليه الصغيرة، أصابتها رهبة شديدة، إلى أن شعرت بها أمها، وجاءت لتنهي الوضع بشكل سريع ومُربك للغاية، لافتة: كان باين عليها أنها تهيئ الجو، وبالفعل لقيت دكتور داخل عليها الأوضة ومعاها طفلتين صغيرين غير أختي.
حققت يارا ما فكرت به بمجرد رؤيتها لشقيقتها ترتدي ذلك الجلباب اللعين، ويهيئ لك للوهلة الأولى خيالات وكأنه ملطخ بالدماء، حيث سحبتها من سريرها، حاملة إياها على ذراعها النحيلة، وهي تتلفظ بكلمات مسرعة، تتضمن تهديد الأسرة والطبيب بإبلاغ الشرطة.
أسرعت يارا بأختها الصغيرة التي لم تدرك حتى تلك اللحظة ما تقوم به أختها أو ما الذي يدور من حولها، وذهبتا إلى محطة القطار، متابعة: ركبت معرفش رايحة فين ولكن مع نزولي أول محطة قدروا يلحقونا ورجعنا البيت ولكن الوضع كان مختلفا.
بمجرد رجوع يارا والصغيرة إلى المنزل، تمكنت من حمايتها لبضع ساعات أخرى، إلى أنْ تدخل شيخُ كبير في البلد وحذر الأب الذي كان على علم بما تقوم به زوجته والأم والجدة من القيام بتلك الأفعال، قائلا لهم: ده حرام وعصيان لربنا، وأنا كمان كلمت أختي وفهمتها أن جسمها ملك ليها ميصحش حد يقرب منه أيًّا كان.
وتابعت يارا: الهروب من البيت كان شيء مش سهل والناس شافوني قليلة الأدب، لكن كان عندي استعداد أضحي بسمعتي ولا إن أختي تتعرض للي تعرضت له.
تقول يارا إن حالتها الجسدية حتى الآن بها اختلاف رهيب تشعر به بعد تعرضها للختان، فبعيدًا عن المشكلات الصحية، إلا أنها تواجه ألمًا نفسيًّا وخوفًا من أن يلمسها أي شخص، كما أنها لا تريد الزواج رغم كثرة المتقدمين لها، والسبب يعود لذلك اليوم البشع الذي لن تنساه رغم مرور السنوات.
جسمي بقى نحيل مبلعبش زي الأطفال ولا بقيت أضحك، هنا وصفت يارا حالتها بعد تعرضها للخذلان من والدتها التي أقنعتها يومها بأنها تقيس جلبابا جديدا، وعليها فقط أن تتمدد على السرير، وبعد تنفيذ طلباتها بكل سعادة، تنتظر الحصول على الجلباب الجديد، إلا أنها وجدت أمها بمساعدة جدتها تكشف موطن عفتها، ثم عمَّ الصراخ أرجاء الغرفة.
تلك الذكريات المؤلمة هي التي داهمت يارا فور رؤيتها لأختها وحملها والهروب بها خارج القرية الواقعة بمحافظة قنا، رامية خلفها كل العواقب التي تعرف أنها ستلحقها.
