رئيس جامعة القاهرة: الدولة الوطنية أرقى أشكال الدول لـ ارتباطها بالقانون الطبيعي
ترأس الدكتور محمد عثمان الخشت، أستاذ فلسفة الدين ورئيس جامعة القاهرة، جلسة بعنوان نحو مواطنة مستدامة على بساط السلم، ضمن فعاليات الملتقى الثامن لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة المواطنة الشاملة.. من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك، والذي عقد بدولة الإمارات، خلال الفترة من 5 وحتى 7 ديسمبر 2021، تحت رعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات، ورئاسة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم ورئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وبمشاركة وزراء وممثلي حكومات ومنظمات دولية وشخصيات رفيعة المستوى وعشرات المفكرين والأكاديميين والباحثين، وعلماء الدين من مختلف الأديان والمذاهب وبحضور العشرات من الباحثين الشباب.
وأكد الخشت أن مفهوم المواطنة في حدود الدولة الوطنية، هو المفهوم الذي تقوم عليه الدولة بالمعنى المعاصر، مشيرًا إلى أن الدولة الوطنية هي أرقى أشكال الدول لارتباطها بالقانون الطبيعي، وحماية المقدرات الشخصية والعامة، وحقوق الإنسان، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تكون الدولة الوطنية، هي الأصل والانتماء والولاء والملاذ في مقابل الفوضى والضياع ومهددات الوجود، لافتًا إلى أن الدولة الوطنية هي التي يتساوى فيه الجميع الذين يعيشون في الوطن نفسه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، وأمام القانون، دون تمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو الموقف المالي أو الانتماء السياسي، ويحترم كل مواطن المواطن الآخر.
وحدد رئيس جامعة القاهرة، سمات المواطنة وترسيخها وكيف تكون عاملًا في بناء الدولة، مؤكدًا أن حقوق وواجبات المواطنة تتفاوت نسبيا، وتزيد واجبات المواطنة بتولي وظائف أعلى أو الانتماء لهيئات أو مهن، وكذلك الحقوق قد تزيد وقد تنقص حسب ظروف الحرب والسلام.
ودعا الخشت، إلى ترسيخ سمات الدولة الوطنية من خلال مجموعة من الوسائل، أبرزها التوسع في تذوق وتعليم الفنون والآداب وتاريخ الحضارة وتاريخ العلوم، ونوعية جديدة من التعليم تقدم له أسلوب حياة وطريقة عمل، ونوعية جديدة تعتمد على التعلم بدل التعليم، والبحث بدل النقل، والحوار بدل الاستماع، والقدرة على الاختلاف بدل التسليم المطلق بالأفكار السائدة، بالإضافة إلى طرق تدريس جديدة قائمة على التربية الحوارية، والتي تهدف إلى تخريج شخصية حرة واعية قادرة على الحوار، وغير متعالية عليه؛ مما ينشأ عنه النمو في تكوين المواقف والآراء الجديدة.
وأضاف أن المواجهة الشاملة لأعداء النموذج الوطني، تستلزم الحل الثقافي والفني والتعليمي والإعلامي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، موضحا أن المواجهة الأمنية والعسكرية ؛ خيار ينجح في حسم المواجهة مؤقتا، ويقتلع أغصان الشجرة، لكن هذه الشجرة تعود لتنبت في موسم آخر.
ونوه رئيس جامعة القاهرة بأن تغيير ماكينة التفكير؛ تبدأ من تغيير طرق تفكير الطالب من خلال تغيير طرق تأليف المناهج، وطرق تدريس المادة العلمية وطرق الامتحانات؛ لتكوين العقل المفتوح الذي ينمو باستمرار، والقضاء على العقل المغلق الجامد، مؤكدا ضرورة إعادة كتابة التاريخ الإسلامي وإبراز تاريخ العلوم والفنون والثقافة والآداب؛ قائلا: تاريخنا المقروء هو تاريخ الحروب فقط، بينما تاريخنا الحقيقي أوسع من ذلك بكثير.
وأشار إلى أن الثقافة والفنون لهما دورا كبيرا أيضًا في تشكيل وجدان الأجيال، من خلال الارتقاء بالغناء والموسيقى والفنون الجميلة والتطبيقية، وتطوير صناعة السينما والمسرح؛ لتكون جزءًا من مواجهة العقل المغلق وذلك لقدرتها على التأثير في النموذج الإدراكي والسلوكي للشعوب، موضحًا أن المعركة ليست فقط مع حاملي السلاح، بل هي معركة مع العقول المغلقة، وهذه العقول تمت صناعتها على أعيننا ليس في الزوايا ومجالس العلم المزيفة فقط، لكن في المناهج التعليمية التي تنتج ماكينات، للحفظ لا عقولا تفكر تفكيرا نقديا، وهذه المكينات تتغذى على منظومة ثقافية هشة.