مفتي الجمهورية يشارك بمؤتمر الوعظ البيئي في موسكو افتراضيًا
شارك الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ذلك في فعاليات المنتدى الإسلامي العالمي السابع عشر، المنعقد في موسكو عبر تطبيق زووم الافتراضي.
تأتي المشاركة ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للإفتاء، حيث نظمت الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية ذلك المنتدى تحت عنوان: من الوعظ البيئي إلى التفكير البيئي.. البحث عن الطريقة المثلى للتحدث، وبدعوة كريمة من سماحة الشيخ راوي عين الدين، رئيس مجلس شورى المفتِين في روسيا الاتحادية، وبمشاركة نخبة من العلماء ورجال الدين، في مقدمتهم سماحة الشيخ حسين كافازوفيتش، رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك، والمفتي الشيخ رافيل جينوتين، رئيس مجلس المفتِين الروس، والشيخ نورالدين خالق نظروف، رئيس الهيئة الدينية لمجلس مسلمي أوزبكستان، ونيافة الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو، رئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان بالفاتيكان، وغيرهم.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: قضية التفكير البيئي تنطلق بدايةً من الوعي بقضايا البيئة، والوعي في حقيقته يدور حولَ الإدراكِ الدقيق والحقيقي، إدراكِ الذات وإدراكِ المتغيرات التي تُحيط بالإنسان، والوعي بهذا المفهوم صفةٌ إسلاميةٌ أصيلة وعامة؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية قد أَسَّست للوعي بمفهومه الشامل، فبيَّنت حقيقة الذات البشرية، والكون المحيط، وعلاقة الإنسان بذلك الكون، ولا شك أن الوعي البيئي كان أحد محاور ذلك الوعي الشامل الذي كرَّس الإسلامُ له.
المفتي: التناول الإسلامي لقضايا البيئة لم يقتصر على مجرد الوعظ والخطابة
وأضاف علام أن التناول الإسلامي لقضايا البيئة لم يقتصر على مجرد الوعظ والخطابة، بل تشكَّل في إطار الشريعة الإسلامية بنظرية رائدة تجاه الحفاظ على البيئة ومكتسبات الإنسان من ذلك الكون المُسخَّر له، وانطلقت الشريعة في اتجاه موازٍ لذلك الاتجاه في سياق التفكير البيئي، وهو اتجاه التنمية المستدامة لتلك البيئة ومواردها، وقد بُني ذلك على ركائزَ عدةٍ من شأنها تنمية الإدراك لدى الإنسان بفَهم وظيفته وذاته وبيئته.
المفتي: لا بد للخطاب الديني أن يأخذ موقعه من التحركات العالمية لمواجهة المشكلات البيئية والتغيرات المناخية
وأكد المفتي أن الشريعة حثت على تنمية موارد تلك البيئة، لضمان استمرارها وتحقيق الاستفادة منها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِن مُسلمٍ يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَة»، وحث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخلقَ على استصلاح الصحراء وإعمارها فيما وضعه من أحكام إحياء الموات؛ بما يتسق مع ما تنظمه الدولة في تشريعات وقوانين في هذا الخصوص، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «مَن أحيا أرضًا ميتة فهي له». ومن هنا كان لا بد أن يأخذ التفكير البيئي موقعه المناسب كإحدى الآليات التي تتبناها المؤسسات الدينية المختلفة تجاوزًا لمجرد الخطاب الوعظي.
مفتي الجمهورية: الفكر الإسلامي امتلك مادة غاية في الثراء والتنوع بخصوص قضايا البيئة
ولفت المفتي النظر إلى أن الفكر الإسلامي قد امتلك مادة غاية في الثراء والتنوع بخصوص قضايا البيئة تحديدًا، ويمكن القول إن الفكر الإسلامي قد كوَّن نظرية متكاملة حول العلاقة بين الإنسان وما يحركه من نوازع شخصية، وبين الموارد الطبيعية المتاحة، واشتملت تلك النظرية على منهج متكامل ومحددات واضحة تحكم تلك العلاقة، ليس فقط تلك المحددات، وإنما كل ما يتعلق بالحق المتعلق بالحفاظ على البيئة، ولا نبالغ إن قلنا إن قضية المحافظة على البيئة تصدرت أولويات التشريع، وشكَّلت أحد المبادئ الأساسية في التشريع الإسلامي.
وعلى نطاق الدعوة أكد فضيلة المفتي أنه لا بد للخطاب التوعوي والديني أن يأخذ موقعه من التحركات العالمية لمواجهة المشكلات البيئية والتغيرات المناخية، وأن يتخلص من المكبِّلات التي تصنع تفرقةً بين تكرارية ذكر النصوص الدينية ودلالتها الروحية وبين الممارسات التي يضطر إليها الشخص كل يوم؛ ولا سيما أن كل حركة للإنسان مرتبطة ببيئته، ولا ينفك عن التأثير والتأثر بها في كل لحظة من لحظات حياته.
وأكد المفتي أنه يجب على الخطاب الديني البيئي أن يصرف اهتمامه لمعالجة بعض القضايا التي ربما فُهمت خطأً، أو كانت منطلقًا للفهم الخاطئ، والتراخي والاستخفاف بقضايا البيئة، وعلى رأس تلك القضايا، قضية التسخير وكون الكون كله مسخَّرًا لخدمة الإنسان وتحقيق رغباته؛ فإن المبالغة في ذلك تُفضي إلى التغول الواضح للإنسان على الموارد الطبيعية وسوء استخدامها وعدم الاعتناء الكافي بما يجب عليه من واجبات والحدود الفاصلة بين الاستمتاع بذلك التسخير وإيقاع الضرر من الاستخدام الخاطئ للموارد.