ابن دمي
• في يوم من أيام شهر يوليو 2020 يعني من حوالي سنة ونص فيه طفل بريطاني اسمه "بريدجر" عنده 6 سنين كان هو محور حديث العالم.. "بريدجر" وهو بيلعب قدام البيت مع أخته اللي أصغر منه وعندها 4 سنين لقوا كلب مفترس هجم عليهم وكان أقرب للبنت.. رغم إنه بطبعه كان بيخاف من الحيوانات بشكل عام ومن الكلاب والقطط بشكل خاص لكن دون تفكير، ولا حسابات، ولا توجيه؛ "بريدجر" في ثواني حط نفسه بين الكلب وبين أخته عشان يمنعه يوصل لها!.. على مدار ٥ دقايق كاملة، ولحد ما الناس لحقوا الولد كانت نتيجة صراعه مع الكلب جروح في وشه، وغياب عن الوعى، وهو مكلبش في الكلب مش عايز يسيبه عشان مايروحش لأخته!.. النتيجة؟.. ٩٠ غرزة في وش "بريدجر" هيسيبوا أثر معاه للأبد!.. الجميل إن الولد بيتكلم بإنبساط عن إنه قدر يحمي أخته للنهاية، ومش فارق معاه اللي حصل له!.. بيقول: (إذا مات شخص ما، اعتقدت أنه يجب أن يكون أنا).
• قصة حقيقية حصلت في القرن الـ 15 في مدينة (نورمبرج) في ألمانيا.. كان فيه أسرة مكونة من أب وأم وعندهم 18 طفل!.. عدد الأطفال المبالغ فيه ده خلّى ظروف الأسرة صعبة جدًا والأب مش قادر يصرف على ولاده.. أكبر ولدين اسمهم "ألبرت" و"جان".. توأم.. عندهم 20 سنة.. كانوا موهبين جدًا في الرسم.. لأنهم عارفين ظروف أبوهم كويس وعشان يقدروا يكملوا حلمهم عملوا اتفاق حلو بينهم وبدون ما حد يعرفه.. قالوا هيعملوا قرعة واللي هيكسبها يروح يدرس في أكاديمية الفنون واللي هيخسر يروح يشتغل في منجم الفحم اللي في المدينة عشان يصرف على أخوه اللي في الأكاديمية.. وبعد ما تمر الـ 4 سنين بتوع الدراسة يبدلوا.. اللي كان بيشتغل يروح يتعلم واللي اتعلم يرجع يشتغل عشان
يصرف على أخوه.. Deal عادل ومافيهوش ظلم للطرفين.. عملوا القرعة.. اللي كسب "ألبرت" واللي اشتغل في المنجم "جان". من أول يوم في الأكاديمية نجح "ألبرت" إنه يلفت النظر لموهبته العظيمة وكان بيعدي كل سنة بتفوق.. على الناحية التانية "جان" كان بيشتغل في منجم الفحم ورديتين 12 ساعة كاملة في اليوم عشان يقدر يسند أخوه بالمصاريف ويغطي تكاليف دراسته واحتياجاته.. تمر الأيام والسنين ويتخرج الرسام العالمي المعروف "ألبرت دورير" من الأكاديمية بعد ما سمعته كانت سابقاه.. يرجع لـ "جان" عشان ينفذوا باقي اتفاقهم ويخلّيه يدرس ويبدأ هو في الشغل.. يكتشف "ألبرت" إن أخوه "جان" وبسبب الشغل الكتير في المنجم العظام بتاعت كفوف إيده فيه أجزاء صغيرة منها اتكسرت بالإضافة لرعشة بقت موجودة في الكفين بسبب عنف الوظيفة وبالتالي حاليًا بقت فرصة إنه يمسك فرشة رسم مستحيلة تمامًا!.. "ألبرت" اتصدم وحس إن هو السبب في اللي حصل لكن "جان" وهو بيحكي عن إصابته كان مبسوط بنجاح أخوه وماكنش زعلان وقاله: (حتى ولو لم تساعدني يداي على الرسم لكنهما لا زالتا قادرتين أن يرتفعا لك بالدعاء ويصليان من أجلك)!.. بعدها بكام يوم و"ألبرت" ماشي في بيتهم مر على أوضة أخوه "جان" وشافه من الباب اللي كان متوارب رافع إيده وبيدعي ربنا لأخوه بمنتهى التضرع!.. المنظر كان فيه رهبة وأثر في "ألبر" جدًا.. قرر يرسم لوحة فيها إيد أخوه وهما مرفوعين بيدعوا!.. فعلًا حصل.. وكانت النتيجة: لوحة (اليدان المصليتان) أو (praying hands).. اللوحة حققت انتشار واسع من الشهرة ورغم إن أغلب أعمال "ألبرت دورير" موجودة في أهم متاحف العالم دلوقتي إلا إن اللوحة دي بالذات واخدة حقها لأن وراها قصة.. أو بمعنى أدق وراها أخ.
• وإحنا أطفال أنا وأخويا "هيثم" عندنا 8 و6 سنين على التوالي في أجازة الصيف؛ كنا بنلعب كورة في الشقة وبنحاول على قد ما نقدر نحافظ على تعليمات أمي.. (حاسبوا بلاش تشوطوا الكورة جامد عشان الإزاز ما يتكسرش).. في مرة الحمية خدتنا واللعب سخن وهوب بمنتهى القوة الغير مبررة الحقيقة شوطت الكورة شوطة شالت إزاز النيش كله!.. لحظة صمت أنا وهيثم وقعدنا نفكر في حل المصيبة دي.. قبلها بيومين كنت متفرج على حلقة في مسلسل قديم اسمه (عائلة شلش). واحد من أبطال المسلسل كان تلميذ وعايز يهرب من عقاب أبوه عشان سقط في الامتحان فواحد زميله نصحه إنه ياكل ساندوتش حلاوة طحينية بالشطة.. ليه؟.. حرارته هترتفع.. مافهتمش إيه العلاقة وقتها
بس هما قالوها كده!.. لما اتقالت اتلزقت في دماغي وشيلتها لوقت عوزة.. ويشاء ربنا إن وقت العوزة يكون بسرعة بعدها بيومين.. سألته: هنعمل إيه يا هيثم؟.. رد: قول أنت.. بصراحة طيبة الواد خلّتني اتشجعت وحطيت الخطة.. هخلّي هيثم يضرب حلاوة بالشطة فحرارته ترتفع وهنقول إن هو اللي شاط الكورة وكسر النيش بالتالي ولأنه هو الصغير المتدلع أكيد مش هينضرب.. لكن لو أنا هيسلخوني.. في الأول إديته نصف رغيف فينو ممسوح جواه معلقة حلاوة وندعة شطة.. ماسخنش!.. نصف رغيف كمان.. ولا الهوا.. رغيفين.. ميعاد رجوع أمي وأبويا اللي يرحمه من الشغل عمال يقرب وهيثم مش عايز يسخن!.. الواد يا عيني وبسبب ضغطي عليه أكل علبة حلاوة طحينية بحالها ونصف برطمان الشطة لما خلاص وشه بقى طمطماية وسخن لدرجة إنك لو حطيت بيضة على راسه ممكن تتقلي.. جت أمي وشافته كدة طبعًا فصرخت (ابني، حبيبي، مالك، إيه اللي حصل)، وطبعًا ماشافتش الإزاز المتكسر واتلخمت في ابنها.. الحلو إن "هيثم" ورغم اللي كان فيه وجزعة أمي وخضتها عليه كان بيردد بعدم وعي بسبب السخونة: (ماما أنا اللي كسرت النيش مش تامر).. فكانت هي بترد: (نيش إيه وزفت إيه بس؛ في ستين داهية النيش).. الموقف يبان عيالي وطفولي وفيه شر كدة؛ بس فعلًا والله ومن الوقت ده و"هيثم" له معزة كبيرة عندي يمكن تصنيفها عدّى مرحلة الأخوة بشوية ويمكن ولحد الآن عمره ما سابني في أي زنقة إلا ووقف جنبي وعمره ما خذلني.. "هيثم" أخويا الصغير بس أنا ابنه.
• ماحدش يقدر ينكر إن فيه أصحاب بيبقوا أعز من الأخوات بس دول من اختيارك؛ فما بالك باختيار ربنا؟... ماحدش فينا بيختار لا أبوه ولا أمه... ولا أخوه... أخوك اختيار من فوق سبع سموات من ربنا ليك؛ واختيار ربنا لينا دايمًا صح.. فيه اخوات بيكونوا هما الأب والأم.. أخوك هو الستر.. وهو الغطا في عز برد الظروف والتكتكة لما سقعوية ندالة الناس تضرب وشك.. الحيطة العدلة اللي ممكن تميّل عليها وإنت متطمن إنها هتردك تقف على رجليك تاني.. دا انت لما بتيجي تتخبط ولا تتعور بتقول (أخ).. لما بتيجي توصف صديق ليك وعشان تدلل على درجة قربكم من بعض بتقول ده زي أخويا!.. فيه "مثل فرنسي" بيقول: (ليس هناك أجمل من صديق ممزوج بنكهة أخ)!. القصة كلها في الأخ أو الأخت.. أبوك التاني أو أمك التانية.