أصوات شعرية | صلاح عبد الصبور رائد الشعر الحر.. وقصائده شاهدة على أثره المضيء
صلاح عبد الصبور، الفارس الذي راح يركض في ساحة الشعر العربي الحر بجسارة، وبدد أفكار التقليدية الشعرية بين أبياته المتفردة التي شهد له الجميع بنبوغها، وهو الشاعر الذي أثر في وجدان كل من قرأ أو سمع قصائده، وبعد رحيله بقيت قصائده علامة شاهدة على أثره المضيء وبصماته المنيرة في كل مكان، وفي كل مكتبة وبيت ثقافة في مصر.
يعد صلاح عبد الصبور من أبرز الشعراء المميزين الذين أثروا في الشعر الحديث المعاصر، بجانب إبداعه في تأليف المسرحيات الشعرية، وبراعته في النثر، ولد عام 1931 بمحافظة الشرقية، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1947، وكان بارعًا في كتابة الشعر، طموحًا في وضع قصائده الخاصة.
كيف كتب الشعر؟
تأثر صلاح عبد الصبور بشعر الحكمة وشعر الصعاليك والأدب الإنجليزي، كما كان لمسرحه الشعري طريقة سياسية لاذعة نجحت في استقطاب الأنظار إليه، بالإضافة إلى أنه ضم لشعره الثقافات المختلفة من الهند والإنجليز وأمريكا، والعرب القدامى والصوفيين أمثال الحلاج الذي كتب عن مأساته.
تضم مؤلفات صلاح عبد الصبور الشعرية عدة دواوين منها: الناس في بلادي، أحلام الفارس القديم.
أقول لكم، تأملات في زمن جريح، شجر الليل.
ومن المؤلفات النثرية لصلاح عبد الصبور: ماذا يبقي منهم للتاريخ؟ رحلة على الورق، قراءة جديدة لشعرنا القديم.
قصيدته مرثية رجل تافه
مضت حياته...كما مضت
ذليلة موطَّأة
كأنها تراب مقبرة
وكان موته الغريب باهتا مباغتا
منتظَرا، مباغتا
الميتة المكررة
كان بلا أهل، بلا صِحاب
فلم يشارك صاحبه حين الصبا لهوَ الصبا
ليحفظ الوداد في الشباب
كان وحيدا نازفا كعابر السحاب
و شائعا كما الذباب
و كنتُ أعرفه
أراه كلما رسا بيَ الصباح في بحيرة العذاب
أجمع في الجراب
بضع لقيمات تناثرت على شطوطها التراب
ألقى بها الصبيان للدجاج والكلاب
و كنت إن تركتُ لقمة أنفتُ أن ألمُّها
يلقطهاـ يمسحها في كمِّهِ
يبوسها
يأكلها
في عالم كالعالم الذي نعيش فيه
تعشى عيون التافهين عن وساخة الطعام والشراب
و تسألونني: أكان صاحبي؟
و كيف صحبةٌ تقوم بين راحلَيْن؟
إذن لماذا حينما نعى الناعي إليَّ نعيَهُ
بكيتهُ
و زارني حزني الغريب ليلتين
ثم رثيتهُ..!