الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مفتي الجمهورية: يجب ترك كل مجتمع على ما استقروا عليه من رأي أو مذهب فقهي ارتضوه   

الدكتور شوقي علام
دين وفتوى
الدكتور شوقي علام
الجمعة 24/ديسمبر/2021 - 09:45 م

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن مكارم الأخلاق والفضائل قضية محورية وأساسية في الشرع الشريف، وتمتاز منظومة القيم في الإسلام بكونها بناءً حقيقيا تتعاون فيه كل العناصر وتتساند كل المجالات، فهيّ مرتبطة بالعقيدة والعبادات، وتسري في المعاملات ويمتزج خلالها المثالي بالواقع العملي.

وجاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة، مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفا أن هناك جملة من القيم والمُثل والقواعد والمعايير الأخلاقية مستودعة في طبيعة كل إنسان، تمثل سلطة ذاتية داخلية تمكنه من مراجعة تصرفاته وسلوكياته، قبل صدورها وبعد وقوعها، وهو ما يعرف بـ الضمير.

وأشار علام إلى أن طريق الإنسان في المحافظة على حياة ضميره، وطهارة فطرته يحصل من مراقبة الله تعالى في جميع الأحوال، والأقوال، والأفعال، والحركات، والسكنات، وكذلك القلب الذي يحوي جملة من المعاني الخفية، ليست ظاهرة أمام الناس، تعد أساس المعاملة القائمة على الأخلاق، مضيفًا: ركز الإسلام على أهمية الأخلاق، وهيّ مرتبة الإحسان التي ذكرها المصطفى في حديث سيدنا جبريل معه، والإحسان من حيث استقراره في القلب هو ما ينظم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقيها.

وشدد مفتي الجمهورية أن هناك عدة عوامل تساعد على الالتزام بتنفيذ القانون، كما أشار إليها العلامة الطاهر ابن عاشور - رحمه الله - منها الباعث والدافع أو الاستعداد الفطري الناتج عن التنشئة السليمة، وكذلك غرس القيم والمبادئ والرقابة الذاتية، وثالث هذه العوامل هو العلاج والتهذيب والتأهيل أو تصحيح المسار، وذلك فائدة العقوبات التي تطبق بمعرفة ولي الأمر ولا بد من التكامل بين هذه العوامل لتؤدي دورها.

وأضاف علام أن الشرع الشريف سلك في سبيل الحث على مراعاة منظومة القيم والأخلاق وترسيخها بين الناس منهجًا حكيمًا، حيث نلاحظ تأسيسه للقيم والأخلاق مع العقيدة، ثم غرْس ذلك وتعميقه في نفوس المكلفين من خلال العبادات مع سريانه في المعاملات وسائر السلوكيات الإنسانية، سواء في أعمال القلوب أو في أفعال الجوارح الظاهرة، بهدف أن يتحقق الإنسان بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المثل الأعلى والإنسان الكامل، حيث وصفه الله تعالى بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ. 

وأكمل مفتي الجمهورية: ولذا حصر النبي صلى الله عليه وسلم رسالته الخالدة في إتمام حُسْن الأخلاق، حيث يقول صلى الله عليه وسلم، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، حيث كانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم مصداقًا لما بُعث به، فكان كما وصفته عائشة رضي الله عنها، خُلقه القرآن، وهذا الأمر لم ينشأ فقط بعد البعثة، بل كان ملازمًا له صلى الله عليه وسلم طوال حياته فقد لقَّبه قومه بالصادق الأمين قبل البعثة النبوية وقد أشارت إلى ذلك أيضًا السيدة خديجة عندما أتاها النبي صلى الله عليه وسلم يُخبرها بأمر نزول الوحي عليه فقالت له: واللهِ لا يخزيك اللهُ أبدًا، واللهِ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

وردًّا على سؤال حول فرض بعض الناس على غيرهم رأيًّا فقهيًّا معينًا مختلفًا فيه دون غيره، قال علام: إن الدين الإسلامي يحترم التعدد والتنوع، حيث نبهنا المولى عز وجل إلى ذلك في قوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ.

وشدد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين احترموا هذا التعدد والتنوع، ونظروا إليه نظرة تقدير واحترام، وكذلك العلماء والفقهاء فوضعوا قواعد وضوابط كثيرة، منها قاعدة لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه، فلا يصح بأي حال من الأحوال أن أعتبر صحة رأيي فقط وخطأ رأي غيري، فكل المجتهدين يجتهدون من أجل الوصول إلى مراد الله عز وجل، وكلٌّ له مقدماته وأدلته وبراهينه بما يغلب على الظن.

واختتم مفتي الجمهورية أنه لا ينبغي أن ينكر أحد على غيره ثقافات فقهية استقرت في بلد معين وفرض رأي واحد فقط عليهم، بل يجب ترك كل مجتمع على ما استقروا عليه من رأي أو مذهب فقهي ارتضوه، ما دام متوافقًا مع الشرع الشريف وإلى ذلك يشير الإمام القرافي المالكي قائلًا: إن العالِم المتقن لا يُجَرِّح بأمرٍ مختلفٍ فيه، وأنه ما من مذهب إلَّا وفيه أمور ينكرها أهل المذاهب الأخرى، ولا سبيل إلى جعل الآخر فاسقًا بذلك، وإلا لَفَسَّقَتْ كلُّ طائفةٍ الطائفةَ الأخرى، فتفسق جميع الأمة، وهو خلاف الإجماع. 

تابع مواقعنا