الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عالجوا الإهمال قبل معاينة النيابة.. القصة الكاملة لوفاة طفل الشرقية صعقًا بالكهرباء | صور وفيديو

والد الطفل خلال حديثه
حوادث
والد الطفل خلال حديثه لـ مراسل القاهرة 24
الإثنين 27/ديسمبر/2021 - 09:01 م

بين عشية وضُحاها تتبدل الأحوال، وبين طرفة عين وانتباهها يُغير الله الأحوال ويُبدلها خير تبديل، إلا أن حال المسؤولين داخل محافظة الشرقية ربما لا يؤمن بـ سُنة التغير أو حال الدنيا؛ فالإهمال كما هوَّ ثابتًا راسخًا لا يتحرك قيد أُنملة لتتكرر المآسي واحدةً تلو الأخرى، وتُزهقَّ الأرواح في متوالية لا نهاية لها، اللهم إلا استغاثة خرجت من جوف أب فقد طفله وولده الأكبر في ثوانٍ فصلت بين مرور الصغير بجوار عمود إنارة أمام مؤسسة حكومية بارزة وبين صعق طال جسد الفتى الوهن ولم يتركه إلى صريعًا من أثر التيار الكهربائي.

بهاء علي الديب، أخصائي اجتماعي بأحد المدارس الحكومية، ضاق به الحال والمعيشة ليُدشن قبل فترة حانوت لأجل زيادة دخله، اعتاد بفعل الظروف أن يوائِم بين مهنته وتجارة يرجو نجاحها وأن تُدر دخلًا يُعين في المعيشة التي تُشاركه فيها زوجته، المدرسة هيَّ الأخرى، وأطفالهما الأربعة، وجرت العادة أن يحتل الحانوت المجاور لـ قصر الثقافة في بندر المدينة -بمركز الحسينية بالشرقية- وقتًا من يوم الرجل وحياته، يُقاسمه العمل معيشته ويأخذه من الحياة بأسرها لأجل رعاية أبنائه وضمن حياة كريمة لهم من قبله وبعده.

يوم الأربعاء الماضي، تلقى الأب مكالمة أدخلت السرور إلى قلبه حين أخبرته أستاذة بـ الإدارة التعليمية بحضور ابنته رحمة، الطالبة بالصف السادس الابتدائي، لأجل تكريمها في قصر ثقافة الحسينية، لكن لحاجة العمل في الحانوت تخلف الأب وذهبت فتاته وشقيقها ونجله الأكبر محمد، الذي يصغر أخته بأربعة أعوام، على أن يلحق الأب بهما بعد سويعات قليلة، لكن ما هي إلى فترة أقل من المنتظرة حتى علا صوت هاتف الأب ليفاجأ بابنته وهي تنتحب: محمد أخويا وقع على الأرض وبيطلع في الروح جنب عمود النور.

لملمَّ الرجل نفسه وما تبقى لديه من قدرة على التحمل وذهب مهرولًا إلى قصر الثقافة، قلبه يسبقه ودعواته يصل صداها عنان السماء بألا يمس الفتى مكروهًا، لكن فور وصول الأب فوجئ بأهل المنطقة قد اصطحبوا الطفل وشقيقته إلى المستشفى عسى أن يتمكن الأطباء من إنقاذه، لتستمر الدعوات ويزيد القلق، قبل أن يحل محله الحزن والصمت الذي لا تصفه الكلمات حين أكد الأطباء وفاة الفتى جراء تعرضه لـ صعق كهرباء.

هدى الله الأب لـ يعود إلى مكان سقوط فتاه وفلذة كبده، لا يدري لما عاد لكن عودته ووجوده بالمكان انتهى بتحصله على مقطع فيديو من إحدى الكاميرات يوثق وقت الحادث وما جرى للصغير حتى فارق الحياة بجوار عمود الإنارة الموجود أمام قصر ثقافة الحسينية.

لم يتمالك بهاء نفسه وهوَّ يُعيد المشهد للمرة التي فقد العدد والإحصاء قيمته مع إعادتها لمراتٍ ومرات، لا يعرف الرجل كيف يُعبر عما يجيش بصدره من حزن وغضب، قبل أن يقطع الغضب بالذهاب واستكمال إجراءات الدفن وما صاحبها، لكن مكان الواقعة، وبعد مدة لم تتخطى الساعة من الزمن، اكتظ برجال رئاسة مجلس المدينة وفنيين الكهرباء، الذين أزالوا معالم ما حدث؛ إذ قطعوا سلكًا معدنيًا كان يصل بين عمود الإنارة وشجرة أمام القصر، أمسكه الفتى آخر ما مسك قبيل وفاته، وأعادوا كذلك طلاء عمود الإنارة، ليبدو الأمر كما لو كان المكان غير المكان والسبب لم يعُد له وجود، في سبيل سلكه من سلكه ومن أمرهم لأجل الهرب من المسؤولية، لكنهم لا ولم يستطيعون الهرب ممن رآهم ويراهم ولا يرونه من فوق سبع سماوات.

 

تخاذل وطلب إحاطة

أرقام كثيرة لم يُحصها الأب لـ أولئك الذين هاتفونه لتقديم واجب العزاء والاستئذان بالحضور إلى المنزل لتأكيد ذلك، لكن من بينهم لم يرن الهاتف لأي رقمٍ كان صاحبه ذا مسؤولية أو إنسانية من رجال السلطة التنفيذية بالمدينة أو المحافظة بوجهٍ عام، اللهم إلا طلب إحاطة تقدم به أحد أعضاء مجلس النواب، قبل ساعات، وجهه إلى رئيس مجلس النواب ليُخاطب بدوره رئيس الوزراء ووزير الكهرباء، ويبحث لديهم عن محاسبة وجزاء من تسبب بالإهمال والتقصير في مصرع الطفل، قبل أن يؤكد على أن ما جرى يؤكد على ثمة وجود إهمال وتقصير من جانب المسؤولين.

طرق الأب كل أبواب الحقيقة لأجل أن يصل صدى شكواه إلى المسؤولين وتعبر الكلمات إلى آذانهم، قبل أن يشير عبر القاهرة 24، إلى أن من توفى نجله وفلذة كبده، لكن التساؤل الحق موجه إلى المسؤولين جميعًا عما إذا كان من تعرض لذلك نجلهم، هل كانوا سيصمون آذانهم ويُغلقون أعينهم كما يبدو؟.. أم أن الشكوى يجب أن يصل صداها إلى أكبر المسؤولين حتى يتحرك ويُحرك الساكن لئلا تتكرر المأساة رغم البيانات المُعلبة التي تخرج بين الحين والآخر لتؤكد على أهمية صحة وسلامة المواطنين وضرورة بُعدهم عن أعمدة الإنارة وقت سوء الطقس، في تناسي تام لأية صيانة أو إجراء من شأنه أن يضمن عدم التكرار، حتى كتابة هذه السطور.

الطفل المتوفى محمد بهاء
الطفل المتوفى محمد بهاء
سيارة مجلس المدينة تتحرك لإعادة طلاء العمود وإخفاء معالم الحادث هربًا من المسؤلية 01
سيارة مجلس المدينة تتحرك لإعادة طلاء العمود وإخفاء معالم الحادث هربًا من المسؤلية 01
سيارة مجلس المدينة تتحرك لإعادة طلاء العمود وإخفاء معالم الحادث هربًا من المسؤلية 02
سيارة مجلس المدينة تتحرك لإعادة طلاء العمود وإخفاء معالم الحادث هربًا من المسؤلية 02
عمود الإنارة بعد طلائه
عمود الإنارة بعد طلائه
عمود الكهرباء المتسبب في مصرع الطفل بعد إعادة طلائه
عمود الكهرباء المتسبب في مصرع الطفل بعد إعادة طلائه
الشجرة القريبة من العمود وأثر السلك المعدني لا يزل فيها
الشجرة القريبة من العمود وأثر السلك المعدني لا يزل فيها
والد الطفل خلال حديثه لـ مراسل القاهرة 24
والد الطفل خلال حديثه لـ مراسل القاهرة 24
تابع مواقعنا