سفيرة النوبة بكوريا الجنوبية: لم أتخل عن عاداتي المصرية.. واللغة الكورية كانت سندي| حوار
كانت اللغة الكورية هي هي المسار الذي شقت بيه كل محطات حياتها، فمن خلالها استطاعت أن تقدم العديد من الإنجازات المختلفة بـ كوريا الجنوبية وبالتحديد في العاصمة الكورية - نور الدمرداش-، مصرية مقيمة في كوريا الجنوبية، تدرس بجامعة كوريا الوطنية للفنون كأول مصرية وعربية تلتحق بكلية الموسيقى التقليدية الكورية.
ساعدت الفتاة النوبية على تغيير عدد من الأفكار حول المصريين وبالتحديد المصرين النوبيين، بخفة روحها وشغفها الدائم والطموح الذي لا ينتهي، استطاعت أن تقدم خطابا أمام زوجة رئيس جمهورية كوريا كأفضل مراسلة صحفية، ولا زالت تحقق العديد تحت مُسمى سفيرة النوبية بكوريا الجنوبية مثلما لقبها مُحبيها وأصدقائها.. وإلى نص الحوار
حدثيني عن بداية رحلتك من مصر لكوريا الجنوبية.. وماذا كانت أهدافك وطموحاتك وقتها؟
في البداية كان حبي للغة الكورية هو السبب، التحقت بكلية الإرشاد السياحي وتمنيت أن أكون مرشدة سياحية باللغة الكورية، وفي 2016 بدأت أدرس كوري وكان لدي رغبة بالسفر إلى كوريا لكن دون هدف محدد، وبعد وصولي لمستوى معين في اللغة اشتركت بمسابقة وكسبت رحلة لكوريا لمدة 10 أيام، وكانت أول مرة أسافر للبلد التي أراها في كل المسلسلات والأفلام الكورية، وشعرت أن حلمي يتحقق، وجدت كل الشوارع التي أشاهدها بالتلفزيون، وتعلقت بالعاصمة لمدة 10 أيام وبدأت وقتها أعد تنازلي أني راجعة مصر، ويوم ما كربت طيارة العودة بكيتـ واتخذت عهدا على نفسي بالرجوع للعاصمة الكورية مرة أخرى، ولكن لم أكن أعلم كيف ومتى، خاصة وأنه لا يوجد شيء حينها يساعدني على الدراسة غير دراسة اللغة ولم أعلم هل من الممكن أحصل عليها أم لا.
بعد عودتي لمصر أصبحت ورقة خالية، وتم فصلي من كورس اللغة بسبب طول مدة سفري بكوريا، وبعدها قررت البحث عن هدفي وطريقة تربطني باللغة الكورية، وقررت أتقدم لخوص امتحان اللغة الكورية، وفي اليوم المحدد حدث لي حالة قلق وخوف غير طبيعية ولم أستطيع الذهاب للامتحان وذهبت إلى العمل وأنا باكية بسبب ضياع الفرصة التي كانت من الممكن أن تمكني من الحصول على شهادة معتمدة بتحدثي للغة الكورية، وبالرغم من ذلك كانت الترتيبات الإلهية أفضل من ترتيباتي، ويشاء القدر في نفس اليوم بعد ذهابي للعمل كمرشدة سياحية تقابلت مع أحد الأشخاص الكوريين ونتحدث سويًا بمواضيع خارجة عما أسوق له - حيث الورق البردي-، وسألني عن كيف تعلمت الكوري وسبب تعلقي بها، وبعد معرفته بأنني أحب الموسيقى الكورية التقليدية، قال لي أنه دكتور بجامعة كوريا الوطنية للفنون وقادمين لمصر للترويج للمنحة التي تقدمها الجامعة لمن يرغب بالتقديم، وبين لحظة والثانية تحولت دموع حزني لدموع فرحة بعد أن انساقت الأمور نحو ما أحب وأرغب بالرغم من عدم ذهابي للامتحان الذي كنت اعتبره منفذي لكوريا.
بدأت أقدم للمنحة، وثقتي بنفسي عادت إلي مرة أخرى، وفي أول مرة تم رفضي لأنني كنت غير مرتبة، ومعتمدة على مقابلتي مع الدكتور، ولكني قررت عدم الاستسلام وخلال إعادة فتح التقديم مرة أخرى درست واستعديت بكامل طاقتي ومجهودي وأيضًا مشاعري لكي أبهر لجنة التحكيم، وضعت لينكات لي وأنا أُغني بالكوري، وبالفعل تم قبولي وعادت خطوات قدمي تتجول بشوارع العاصمة مثلما وعدت نفسي، وبتخصص ومجال مختلف عن مجال دراستي وعملي بمصر.
كيف كانت إجادتك للغة الكورية مُنقذا لك في بداية إقامتك هناك، وكيف اندمجتي بالمجتمع الكوري.
بعدما تم قبولي بالمنحة، كنت أول مصرية وعربية تدرس في الجامعة الوطنية للفنون، وكانت اللغة الكورية منقذا لي لأن الدراسة جميعها بالكوري حول التاريخ والثقافة ولولا معرفتي باللغة لم أستطيع أن استكمل دراستي لأنها صعبة، وأيضًا أنقذتني من أول وصولي المطار خاصة أنني قادمة من دولة عربية والباسبور الخاص بي فارغ، اللغة الكورية كانت عكازي الذي أستند عليه منذ بداية رحلتي في كوريا الجنوبية.
اللغة الكورية أيضًا ساعدتني على سرعة الاندماج مع المجتمع الكوري نتيجة للمسلسلات والأفلام التي كنت أشاهدها، الجميع كان يسألني عن مكاني وحينما أقول لهم من مصر يتفاجؤون وينبهرون بي، وكانت التواصل مع أصدقائي سهل جدًا.
كنتي أول عربية ومصرية تتخصص بمجال الموسيقى التقليدية الكورية.. حدثيني عن سبب حبك لها؟
شغفي بالموسيقى التقليدية الكورية، بدأ منذ أول ما شعرت أنها شبه الموسيقى النوبية، شعرت بشغف لمعرفتها أكثر، واستمريت في سماعها وتعلمها من خلال اليوتيوب لمدة سنتين بالرغم من أن إجادتي للغة الكورية حينها كان ضعيفا، ووقت تقدمي للمنحة وضعت كل الفيديوهات الخاصة بي وأنا أغنيها.
مثلتي مصر في 3 مؤسسات سياحية محلية كورية.. حدثيني عن التجربة وهدفها؟
منظمات تنشيط السياحة الكورية، بيختاروا ناس أجانب تقدر تروج ونسافر في أماكن مختلفة في كوريا لنشر الثقافة وما يهم الأجنبي داخل الدولة ليسافر لها، وبصفتي مصرية وعربية مُسلمة بدأت أرووح لكل المدن التي تحتوي على طعام حلال وأماكن مخصصة للصلاة لتشجيعهم على المجيء لكوريا.
وخبرتي بمجال الإرشاد السياحي ساعدتني على أنهم يقبلوني في كل مرة، وتم اختيار كأفضل داعمة لوزارة السياحة الكورية، وساعدت نفسي ألا يكون شغفي كله بمجال عمل واحد لتوسيع الخبرة مع مجالات الحياة المختلفة.
كيف استطعتي تغيير فكرة أن كوريا دولة غير صديقة للمسلمين؟
تغيير فكرة أن كوريا غير صديقة للمسلمين، كانت من خلال منظمة كوريا للسياحة وهي أكبر منظمة لدعم السياحة، تقوم بنشر حلقات خاصة لكل ما تتضمنه كوريا من حلال، حيث أسبوع المطاعم الحلال، وكان لي إضافة لهم لأن كل المشاركين بالبرنامج مسلمين من أسيا، وكان أول مرة يكون شخص عربي مشارك، والحقيقة أنها كانت فرصة مهمة في حياتي سعدت بيها وركزت على احتياجات العرب، وتم اختياري أيضًا أن أقوم بتمثيلهم خلال 2021.
هل واجهتي أي مشاكل أو عنصرية بسبب حجابك بكوريا؟
سمعت عن تجارب سيئة كثيرة لعدد من الأفراد بسبب الحجاب، ولكن لم يحدث معي ولا مرة، ولم أعتبر أي تصرف ضد حجابي أنه عنصرية بل فقط عدم تعود على هذا الشكل من قبل الكوريين، هما ممكن يبعدوا لفترة ولكنهم يتعاملون بكل احترام.
ولكن أصعب جزء في هذه النقطة هم الأطفال، بمجرد ما ينظروا لي بالحجاب والكمامة نزرًا لظروف كورونا يبدأون في البكاء فورًا، حيث كنت استبدل الحجاب بكاب في الشتاء، ولكن لا غنى عنه في الصيف، ولو صادفت طفل لا أنظر إليه، ولكنها تكون مواقف طريفة بالنسبة لي ولا تضايقني، هما مختلفين، وعلى جانب آخر هناك أيضًا ناس كورية ودودة.
لماذا أطلقوا عليك لقب سفيرة النوبة بكوريا؟
أول مرة دخلت كوريا كان لا بد وأن كل شخص يقوم بتمثيل بلده بزي خاص بها، قررت أن أمُثل بلدي بالزي النوبي لأن الشعب لا زال يرتديه عكس الفرعوني أصبح لا يرتديه الكثيرون، مصر بها مناطق كثيرة وقررت أن أتزين بلبس محافظتي، وبعدها تمت معرفتي في الإعلام المصري بسفيرة النوبة بكوريا الجنوبية بعد أن قمت بنشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي.
ماذا عن دور عائلتك في رحلة حياتك؟
والدتي هي الدور الأول والأخير لي في رحلتي، لي أخت قريبة مني للغاية ونتواصل سويًا كل يوم عبر الفيديو كول، ولكن مامتي كانت هي الداعم الأول لي بعد وفاة والدي منذ أن كنت 12 عامًا، لا يوجد كلام أستطيع أن أصفها به، فحتي في الوقت الذي كانت الظروف المادية صعبة كانت توفر لي كل ما احتاجه، لا أتوقع أن يكون هناك مرأة تستحمل ما قدمته أمه لي.. ربنا يباركلي فيها.
كيف استطعتي أن تحافظي على لغتك العربية طوال هذه المدة؟
بتكلم بالعربي طوال الليل والنهار، أًشاهد القنوات العربية على التليفزيون والمسرحيات وأيضًا الأفلام، لم أترك ثقافتي المصرية وراء ظهري أبدًا، وكل تفصيلة ببيتي في كوريا هي تفصيلة مصرية، حتى العادات التقاليد التي تتواجد في البيوت المصرية، حرصت على تواجدها في بيتي بكوريا.. وأتمنى أن تنزاح غمة جائحة كورونا، كيف أستطيع النزول إلى مصر وأرى عائلتي.