التغيرات المناخية في الدول العربية.. ناقوس الخطر يدق |تقرير
باتت التغيرات المناخية واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه الكوكب، ولعل الاحتباس الحراري وما ترتب عليه من مشكلات جفاف وتصحر وفيضانات، ولعل أبرز أشكال ذلك التغير؛ الذي طال قارات العالم أجمع. وحتى المنطقة العربية التي تعد قلب العالم؛ أصبحت أيضًا مركز التغير المناخي.
عالميا كان عام 2010 أشد الأعوام حرارة منذ بداية رصد درجات الحرارة أواخر القرن التاسع عشر، حيث سجلت 19 دولة درجات حرارة قياسية، خمسة منهم دول عربية، بالإضافة إلى ذلك فالشرق الأوسط عمومًا يعد أفقر المناطق المائية في العالم، حيث نصيب الفرد من المياه العذبة أقل من نصف المعدل الدولي للفقر المائي 1000 م3 سنويا وذلك وفق تقرير البنك الدولي 2014.
مقدمات الكارثة
في العراق مثلا، هناك موجات جفاف في نهري دجلة والفرات، حيث أصحبت الواردات المائية العراقية القادمة من تركيا وإيران والتي تمثل من 80 إلى 90 % من مياه العراق في انخفاض مستمر، حتى وصفها وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني، أن المياه القادمة من إيران بلغت حد ( صفرًا)، ومؤخرا أعلنت وزارة الري العراقية إمكانية لجوء البلاد لاستخدام خزانات السدود لمواجهه شح المياه. التغيرات المناخية السبب الرئيسي في ما يواجه العراقي من جفاف يليها مباشره إنشاء السدود التركية والإيرانية على منابع الأنهار دون وضع دولة المصب في الاعتبار.
وفي دول الخليج العربي، سترتفع درجة الحرارة إلى 60 درجة مئوية في بعض المناطق بحلول منتصف القرن، وهو ما يجعل المعيشة مستحيلة. وفي سوريا انخفضت نسبة مياه الأمطار ما أدى إلى جفاف سد الدويسات للمرة الأولى منذ إنشائه عام 1994. وبسبب الفيضانات والسيول في جنوب السودان التى أثرت على أكثر من 700 ألف شخص، حسب مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتي وصفت الفيضانات بأنها الأضخم تدميرا منذ أكثر من 60 عاما، هذه الفيضانات أدت إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص بسبب نقص الموارد الغذائية.
جانب آخر يؤثر على المنطقة العربية وهو تسبب الاحتباس الحراري في ذوبان الجليد في القارتين القطبيتين ما يؤدي لارتفاع منسوب البحر قرابة المتر بحلول عام 2100، ما يؤدي للتهجير القسري لسكان دلتا النيل أكثر من 5 مليون نسمة، كما أن ذوبان الجليد سيؤدي إلى غرق مدينتي عدن والحديدة اليمنيتين بمياه المحيط الهندي.
سُبل التكيف
الدكتور هاني عزازي، خبير التغيرات المناخية، أكد في حديث لـ القاهرة 24، إن التغير المناخي أمر ملموس، وإلى الآن قادرين أن نتعامل معه، لكن الخطورة تكمن إذا وصل ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى درجتين، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر وتغير نظم الأمطار في الدول العربية وبالتالي غرق الدول الجزرية الصغيرة، وحتى الآن وصلنا إلى درجة حرارة 1.1 درجة مئوية.
وعن سبل مواجهة التغير المناخي أضاف العزازي، أنه يمكن ذلك من خلال إجراءات التكيف، في الزراعة مثلا تتم من خلال زراعة نباتات تتكيف مع درجات الحرارة المرتفعة، وفي الأماكن الساحلية المهددة يتم بناء جُدر واقية من الفيضانات"، موضحا أن إجراءات التكيف تتطلب دعم بأموال ضخمة تصل ل 100 مليار دولار من الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية.
وأكد خبير التغيرات المناخية، أن المؤتمرات مثل مؤتمر الأمم المتحدة في قطر، ومؤتمرCop 27 المزمع إقامته في شرم الشيخ، هذه المؤتمرات تمثل حلقة وصل لاستمرار المناقشات بين الدول المشاركة للوصول والاتفاق على حلول مشكلات فشلت المؤتمرات السابقة في إيجاد حلول لها. مختتما حديثه بأن العالم أجمع مساهم في كارثة الاحتباس الحراري وليست الدول المتقدمة وحدها لا يجوز أن نقول أن إفريقيا قارة غير منتجة للانبعاثات الضارة، فاستيرادها لمنتجات من الدول الصناعية كالصين، يعد مشاركة منها في زيادة تلك الانبعاثات.
على الجانب الآخر يرى دكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والمواد المائية بجامعة القاهرة، أن الكوارث المناخية التي تحدث خلال عام أو اثنين لا تصل لحد وصفها بالتغيرات المناخية، هو فقط تذبذب في المناخ.
وأوضح شراقي في حديثه لـ القاهرة 24، أن هناك ارتفاع في درجات الحرارة في آخر 10 سنوات في المنطقة العربية، لكن جزء من هذا الارتفاع نتيجة عوامل طبيعية تحدث دون تدخل الإنسان. في المائة سنة الأخيرة ارتفعت درجة حرارة الأرض درجة واحدة، وبالتوازي ارتفع منسوب سطح البحر لـ 20سم، جزء بسيط لا يتجاوز ال 20% من هذا التغير حدث بسبب زيادة نشاط الإنسان ومضاعفة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة والاستهلاك".
وأشار أستاذ الجيولوجيا والمواد المائية، أن التغيرات المناخية العظمى حدثت عشرات المرات على مدار تاريخ الأرض قبل وجود الإنسان، مؤكدا عدم إغفال دور الإنسان في زيادة الانبعاثات الضارة حتى ولو بنسبة ضئيلة، والتأثير السلبي الناتج عن النشاط الصناعي للإنسان معظمه يؤثر مباشرة على صحة السكان في تلك المناطق الصناعية، وندعو الجميع للحفاظ على البيئة.
إسكندرية في أمان.. ولكن
وأوضح شراقي أن التغيرات المناخية ليست وليدة اليوم، وأُخذت لمنحنى سياسي، مبينًا أن الهدف من الحملات التي تنذر باختفاء عدد من المدن هي بالأساس لحث الدول والشعوب للحفاظ على البيئة، وهو هدف جيد، لكن كل هذه التقارير والحملات لا تستند إلى أدلة علمية، هي فقط توقعات.
وأشار إلى أن الإنسان لا يستطيع وقف التغيرات المناخية، ولو حدث ارتفاع نص متر لسطح البحر خلال خمسين عاما، ستضرر عدد من الأماكن المنخفضة في مصر مثل دمياط وبور سعيد بجوار بحيرة المنزلة، وشمال كفر الشيخ الملاصق لبحيرة البرلس، أما الإسكندرية في أمان ولن تتأثر بهذا الارتفاع؛ لأنها مبنية على حاجز مرتفع عن سطح البحر، باستثناء تأثر جنوب الإسكندرية بحيرة مريوط.
ونوه أستاذ جامعة القاهرة، أن هناك عدد من الظواهر الطبيعية وراء تذبذب درجة الحرارة، منها: حدوث انفجار في الشمس منذ يومين للمرة الثالثة خلال شهرين، ينتج عن هذا الانفجار هالة حرارية ضخمة تصل إلى سطح الأرض بعد 48 ساعة من وقوع الانفجار، وهذه ظاهرة تعرف باسم دورة الشمس، وتحدث كل 11 سنة.
وتابع: سبب آخر لتغير درجة الحرارة، وهو أن مدار الأرض حول الشمس بيضاوي تدريجيا بمرور السنين، ما يعني أن المسافة بين الأرض والشمس تتفاوت تدريجيا، وبالتالي تذبذب في درجات الحرارة.
توصيات للتعايش
واتفق شراقي مع العزازي، على طبيعة الإجراءات التي يجب على الدول الأخذ بها للتكيف مع التذبذب كما يسميه في درجات الحرارة:
أولًا زراعة نباتات تزيد الإنتاج وتتحمل التفاوت الحراري، ونفس الشيء في الثروة الحيوانية.
ثانيًا على الدول مراعاة الزيادة في منسوب سطح البحر أثناء التخطيط لإنشاء المدن حتى ولو حدث الارتفاع على فترات بعيدة.
ثالثًا على دول العالم تقليل الانبعاثات الضارة، والاعتماد على الطاقة النظيفة، كما حدث مثلا في مصر بإنشاء محطات كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية في بنبان بأسوان بتكلفة ملياري دولار، بالرغم من وجود مناجم الفحم الذي يعد أقل تكلفة فمن غير المعقول أن الدول النامية هي التي تسعى للحفاظ على البيئة؛ بينما الدول العظمى تستمر في إنتاج أكثر الانبعاثات الضارة.
رابعًا هناك دورات كبرى تحدث للأرض، قد تغير المناخ ونصبح بعد مئات السنين في عصر جليدي، وذلك على عكس المتداول من الكثيرين الذين يعتقدون أن درجة الحرارة تسير تصاعديا في خط مستقيم.
واختتم شراقي حديثه لـ القاهرة 24، مشددا على أهمية التكاتف بين الشعوب والحكومات في سبيل تقيل الانبعاثات الضارة والعيش في بيئة آمنة وصحية.