سياسية رد الفعل والاحتواء.. كيف ستتعامل البنوك المركزية مع التضخم المتوقع في 2022؟
ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق في 2021، وتوقع خبراء استمرار عملية التضخم خلال 2022 وقد بدأ النقاش الأول في النصف الأول من عام 2021، عندما دقَّ بعض الاقتصاديين ناقوس الخطر من احتمال أن نشهد أعلى معدل تضخم منذ جيل، بينما جادل آخرون أولًا بأن التضخم سيظل ضعيفًا ومن ثم سيتّضح أنه مؤقت.
ويرى الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد، أن موجة التضخم الحالية قد تشبه ما حدث مطلع خمسينيات القرن الماضي، مع الانتعاش الاقتصادي عقب الركود الشديد الذي صاحب سنوات الحرب العالمية الثانية.
وتابع: أنه مع استمرار نمو الاقتصاد بعد الحرب، استقرت معدلات التضخم بشكل جيد دون الحاجة لإجراءات في السياسة النقدية، مضيفا أن التغيير الذي أحدثه وباء كورونا لن يقتصر على بعض قطاعات الاقتصاد، بل سيعني تحولًا في طريقة رسم السياسات واتخاذ القرارات على مستوى الحكومات والبنوك المركزية، بمعنى أنه إذا كانت البنوك المركزية تصرفت في السابق بشكل استباقي، فإنها الآن ستنتظر ليكون تصرفها بطريقة رد الفعل للاحتواء والضبط.
وأكد هشام بدوي الخبير الاقتصادي، أن عملية اندماج الاقتصاد العالمي زادت في الآونة الأخيرة، والاقتصاد العالمي أصبح متداخلًا بشكل عميق، بحيث يصعب فصل جوانبه عن بعضه البعض، قائلا: مفيش دولة بقت معزولة اقتصاديا عن باقي دول العالم ولكن تتفاوت التأثيرات من دولة لأخرى.
وأكد خبراء اقتصاديون أن الضرر الذي أحدثه هذا التضخم، أثار نقاشًا كبيرا وزعم المتفائلون أن ذلك سيساعد الكثير من الأمريكيين، وربما حتى معظمهم، لأنه يسمح للمقترضين بسداد قروضهم بالدولار الذي تنخفض قيمته، بينما أكد المتشائمون، الذين يصطف الجمهور إلى جانبهم، أن القيمة الحقيقية للأجور تراجعت خلال العام الماضي.
جشع التجار
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن نقاشا أخر سيكون جديرا بالاهتمام وهو ما الذي يقف وراء التضخم؟. يشير بعض الاقتصاديين إلى جشع الشركات، وزيادة تركيز الأعمال. لكن هذه التفسيرات لا تفسر مثلًا: لماذا لم ينخفض تركيز الأعمال لمدة أربعة عقود بدءًا من الثمانينيات، ثم ارتفع فجأة العام الماضي؟ كما أنه من الصعب وفق الخبراء تصديق أن الجشع اتبع هذه الوتيرة أيضًا.
ويتعلق الخلاف الأكثر خطورة بمدى الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19، التي تسببت في ارتفاع الأسعار، وإلى أي مدى تسببت المبالغة في تحفيز الاقتصاد بذلك؟ بمعنى آخر، ما هو مقدار "العرض" في هذه المشكلة؟، وما مقدار "الطلب" فيها حيث يمكن أن يكون التضخم الحالي مشكلة عرض إلى حد كبير وذلك وفق الخبراء الاقتصاديون.