ينشر الفساد واختلاط الأنساب.. حكم الزاني المتزوج وكيف يكفر عن ذنبه
حكم الزاني المتزوج ، الزنا من أشد الكبائر والفواحش التي حذر منها الإسلام، واتفق الجميع على تحريمها، وورد في أدلة ذلك الكثير في القرآن الكريم والسنة النبوية قال تعالى ولا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا.. وقال في آية أخرى الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.. ومن الأدلة التي تحرم الزنا أيضا قوله تعالى وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا.. في أمور الزنا قطعا حرام، فما بال الزاني المتزوج.. ما حكم الشرع وكيف يتوب إلى الله عز وجل.
حكم الزاني المتزوج
يختلف عن حكم الزاني للمتزوج، عن حكم الزاني غير المتزوج وعن حرمة الزنا لغير المتزوج يقول في كتابه الكريم "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)، وفي هذا أيضا روى ابن عمر -رضي الله عنه-: أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- رَجَمَ في الزِّنَى يَهُودِيَّيْنِ، رَجُلًا وَامْرَأَةً زَنَيَا، فأتَتِ اليَهُودُ إلى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بهِمَا).. لكن في حد الزاني المتزوج العاقل والمحصن فإنه يرجم حتى الموت.
و حد الزنا على المتزوج الزاني المُحصن: هو المتزوّج الذي وطأ زوجته في قبلها بزواج صحيحٍ، ورغم زواجه، ذهب ثم زنا بامرأة أخرى.
ويطلق كلمة الزاني المحصن والتي معناها أنه متزوج بالغ وعاقل وزواجه صحيحه دخل بزوجته وتوفرت فيه هذه الشروط، وترك الحلال وذهب للحرام وزنى، ففي هذه الحالة الزاني يطلق عليه متزوجًا مُحصنًا، وحكم الزاني المتزوج (المحصن) أنه يرجم حتى الموت.
وفي حكم الزنا روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد، فاعترف على نفسه بالزنا فقال: (يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْتُ، فأعْرَضَ عنْه، فَلَمَّا شَهِدَ علَى نَفْسِهِ أرْبَعًا قالَ: أبِكَ جُنُونٌ؟ قالَ: لا، قالَ: اذْهَبُوا به فارْجُمُوهُ. قالَ ابنُ شِهابٍ: فأخْبَرَنِي مَن سَمِعَ جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ قالَ: كُنْتُ فِيمَن رَجَمَهُ بالمُصَلَّى).
وفي فكرة الزنا يجب توفر الشروط لإثبات الحالة، ومن هذه الشروط الشهادة أو أن من فعل هذه المعصية يعترف ويقر بذلك، لأن اتهام الناس بهذه المعصية دون دليل في حق الرجل أو المرأة غير مقبول وأمر مشروط في الإسلام أن يكون هناك دليل، والله عز وجل شدد في قبول الشهادة فيه، فوضع ُشروط فيها أن تكون أربعة شهداء، كلهم بالغون وعاقلون، وجميعهم عدول أيضًا، كما أنه في حد الزنا اُشترط الإسلام أنه لا بدّ للشهود لكي تُقبل شهادتهم أن يعاينوا الفعل ويصرّحوا به، وأن يشهدوا جميعًا في مجلسٍ واحدٍ، وتعدّ الذكورة شرطًا في الشهادة على الزنا، ولا يجوز في الشهادة في الزنا التقادم كذلك.
كفارة الزنا
وفي حكم الزنا ورد هذا الحديث فعن عبد الله بن عباس قال: "قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهو جَالِسٌ علَى مِنْبَرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ قدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عليه الكِتَابَ، فَكانَ ممَّا أُنْزِلَ عليه آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فأخْشَى إنْ طَالَ بالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: ما نَجِدُ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وإنَّ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللهِ حَقٌّ علَى مَن زَنَى إذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كانَ الحَبَلُ، أَوِ الاعْتِرَافُ.
وكفارة الزنا خاصة المتزوج أن يتوب إلى الله عز وجل توبة صادقة ونصوح وقال تعالى في كتابه العزيز إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، وعن التوبة وأهميتها أن تكون خالصة لله عز وجل قال تعالى أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
- جَاءَ مَاعِزُ بنُ مَالِكٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ: وَيْحَكَ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ، قالَ: فَرَجَعَ غيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَيْحَكَ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ، قالَ: فَرَجَعَ غيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِثْلَ ذلكَ حتَّى إذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قالَ له رَسولُ اللهِ: فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ فَقالَ: مِنَ الزِّنَى، فَسَأَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ أنَّهُ ليسَ بمَجْنُونٍ، فَقالَ: أَشَرِبَ خَمْرًا؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ منه رِيحَ خَمْرٍ، قالَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَزَنَيْتَ؟ فَقالَ: نَعَمْ، فأمَرَ به فَرُجِمَ، فَكانَ النَّاسُ فيه فِرْقَتَيْنِ، قَائِلٌ يقولُ: لقَدْ هَلَكَ، لقَدْ أَحَاطَتْ به خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يقولُ: ما تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِن تَوْبَةِ مَاعِزٍ، أنَّهُ جَاءَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ في يَدِهِ، ثُمَّ قالَ: اقْتُلْنِي بالحِجَارَةِ، قالَ: فَلَبِثُوا بذلكَ يَومَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَقالوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ. قالَ: ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِن غَامِدٍ مِنَ الأزْدِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ: وَيْحَكِ ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ فَقالَتْ: أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كما رَدَّدْتَ مَاعِزَ بنَ مَالِكٍ، قالَ: وَما ذَاكِ؟ قالَتْ: إنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فَقالَ: آنْتِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، فَقالَ لَهَا: حتَّى تَضَعِي ما في بَطْنِكِ، قالَ: فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ حتَّى وَضَعَتْ، قالَ: فأتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: قدْ وَضَعَتِ الغَامِدِيَّةُ، فَقالَ: إذًا لا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا ليسَ له مَن يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ يا نَبِيَّ اللهِ، قالَ: فَرَجَمَهَا.
حكم الزنا للمتزوج
حكم الزنا للمتزوج حرم الله تعال الزنا في كتابه وأكد شرعنا الشريف ان الزنا حرام ومن أكبر الكبائر قال تعالى وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا، ويعد كبيرة في الإسلام مثل قتل النفس والشرك بالله وفي سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا.
واعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاني خارج دائرة الإيمان والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "إذا زنا الرجلُ خرج منه الإيمانُ، فكان عليه كالظُّلَّةِ، فإذا أقلعَ رجع إليه الإيمانُ"، والزاني المتزوج خيانة عظيمة ومعصية كبيرة، فلديه زوجه أسلمته لنفسها وارتضت به وفي الشرع أصبح زوجها حلل الشرع لها وطئها في حدود ما أمر الله ورضيت به ورضى بها، فهو ضرب بكل ذلك عرض الحائط ولجأ للحرام والرذيلة وبدل الخبيث بالطيب، وعقوبته أشد من الزاني غير المتزوج.. الزاني المتزوج عقوبته الرجم حتى الموت والزاني غير المتزوج الجلد مائة جلدة.
والدليل على ذلك حديث ابن عباس في صحيح البخاري في قصة رجم الصحابي الذي زنى واسمه ماعز وذكرناها سابقا، وذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أن حد الزاني المتزوج الجلد ثم الرجم قال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة النور.
خطر الزنا على المجتمع
خطر الزنا على المجتمع له مفاسد كبيرة عظيمة على المجتمع، ففيه تختلط الانساب وينتشر الفساد في كل مكان، ولاتحفظ الأعراض وكأن ابن ادم كالبهيمة، وضياع للأهل والولد وانتشار للأمراض، لذلك حرمه الله عز وجل أشد تحريم، وحرم الاستهانة بحدود الشريعة، وكثرة الأمراض، كما أنَّ حكم الزنا للمتزوج أشدُّ حُرمة، ويترتب عليه عقوبة الرجم حتى الموت.