بين تجربة السيسي والكاظمي.. قراءة في منتدى شباب العالم
عمل الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم الشباب ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي، وسعى بكل جهد إلى فتح أبواب للحوار مع هذه الشريحة المهمة في مجتمعاتنا.
وبنى خلال السنوات الماضية، جسورا من التواصل معهم، وعمل على تطوير منتديات حوارية وفكرية، مع الشباب فاتحًا الباب إلى تأصيل فكرة منتدى الشباب، وليكون منبرا مهما يطرح فيه الشباب رؤاهم للحكم الرشيد وتطوير بلادهم.
ولتأتي الدورة الجديدة لمنتدى شباب العالم في مصر، بلورة لرؤية الرئيس لدور الشباب، ومنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر، وحتى قبل ذلك وضع الشباب المصري نصب عينيه والتقى بشباب ثورة يناير، وكان الراعي الأمين لشباب مصر والعالم العربي.
لقد آمن الرئيس السيسي بقدرات الشباب، في تحقيق المستحيل وأنهم المستقبل، وكان ملازما للشباب ومعهم مستمعا إلى آرائهم في مختلف القضايا ليتحول ذلك إلى منتدى عالمي يجمع شباب العالم اجتماع لتبادل الخبرات والتجارب والثقافات.
لقد احتضنت مصر منتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ، لأول مرة في نوفمبر 2017، وشارك في المنتدى مجموعة كبيرة من الشباب من مختلف الجنسيات والمجالات، حيث اجتمع أكثر من 3000 شاب من 113 دولة، شاركهم فيها 222 متحدثًا من 64 دولة من أصحاب الخبرات في مختلَف المجالات، وذلك من خلال 46 جلسة وأكثر من 70 ساعة عمل.
وفي حضور عدد كبير من مُختلف الزعماء وقادة الرأي والفِكر حول العالم، تمت مناقشة قضايا دولية حول موضوعات؛ الهجرة واللاجئين، الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقرار وتنمية إفريقيا، العولمة والهوية الثقافية، والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على السكان إلى غير ذلك من موضوعات هامة على الساحة الدولية.
وجاء منتدى شباب العالم ليناقش عددا من القضايا، وتبادلا بين آراء وخبرات شباب العالم، وكان أبرز الموضوعات التي ناقشها المنتدى هي قضايا الهجرة، حيث تم استعراض سبل التعاون في مجال الهجرة غير المنتظمة لمنطقة المتوسط، كما تم عقد حلقة نقاش حول التأثير السلبي للهجرة غير المنتظمة على الشباب حول العالم، وموضوعات التنمية المستدامة مثل وتسخير العائد الديموغرافي من أجل الاستثمار في الشباب لتحقيق مفهوم التنمية المستدامة، رؤية شبابية لتحقيق التنمية المستدامة في العالم، وتجارب شبابية مبتكرة في ريادة الأعمال، ودور منظمات المجتمع المدني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، دور المرأة في دوائر صناعة القرار.
كما تطرق المؤتمر إلى قضية صناعة القادة، والتي ناقشها في العديد من الجلسات مثل كيف يصنع العالم قادته؟، واستعراض التجربة المصرية في صناعة المستقبل، وعرض عن البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة والأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، وتعزيز مشاركة الشباب في صنع واتخاذ القرار، نماذج لقادة المستقبل، مساهمة الشباب في بناء وحفظ السلام في مناطق الصراع والمناطق الخارجة من صراعات.
الجديد في الدورة التي تنطلق يوم 10 يناير أنها تحمل مشاركة مهمة لرئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي الذي سيزور مصر، للمرة الأولى بصفته أحد قادة تمكين الشباب في إدارة شؤون بلاده، وتأتي المشاركة في فعاليات النسخة الرابعة من "منتدى شباب العالم"، ليقدم الكاظمي رؤية خاصة في فعاليات المنتدى تتمحور في ملفات مهمة تهم الشباب في العراق والعالم بضمنها، تمكين الشباب وإدارة شؤون البلاد والمشاركة السياسية، إضافة إلى المساهمة في تقديم ورقة عمل تخص فعاليات قضايا التغير المناخي، والتطورات التكنولوجية، وواقع البلدان في فترة ما بعد جائحة كورونا.
ولا يعتبر الكاظمي غريبًا عن الشباب بل كان أحد المرشحين من الشباب العراقي، لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء من داخل ساحة التحرير في ثورة "تشرين 2019" والتي أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، وظل اسمه مرددا من قبل شباب ثورة تشرين، ولاقى ترحيبا كبيرا من قبل كل التنسيقيات التي رأت في الكاظمي، شابا قادرا إلى انجاز قانون جديد للانتخابات يوسع دائرة المشاركة، وهو تم بالفعل والتي جاءت ببرلمان ساهم فيه شباب العراق بعد ان دفعوا دماء زكية من أجل تغير واقع بلادهم السياسي.
لم يكن الكاظمي بعيدا عن الشباب في بلاده كما عرف عنه دعمه للمشاركة الشباب في العمل السياسي، وأسهم في توسيع مشاركة الشباب في الانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا، والتي نجحت في كسل هيمنة الكثير من الأحزاب القديمة، وأنتجت برلمانا فيه الشباب غالبية.
منذ تولي الكاظمي رئاسة الوزراء في العراق، تعددت المواقف التي ظهر فيها الكاظمي مع الشباب ومنها مقابلته اليوتيوبر الشاب العراقي على عادل، الذي اشتهر بمناشداته للرؤساء الأمريكيين بين الحين والآخر بطريقة طريفة، ومن جانبه بيّن علي عادل في مقطع فيديو بثه مؤخرا على حسابه على "تيك توك"، إن الكاظمي داعم للشباب وأبلغه بأن له الحرية الكاملة بانتقاد الحكومة، كما عملت حكومة الكاظمي عبر "الورقة البيضاء" التي تعد مشروع إصلاح اقتصادي وفر فرص عمل للشباب، مع زيادة معدلات الاستفادة من خبراتهم، وخملت الورقة اصلاح لمنظومة القروض للمشاريع الصغيرة، الداعمة للشباب والتي تتيح فرصة لرفع الناتج المحلي.
كما شهد موقف إنسانية كبيرة للكاظمي مع الشباب، حيث تم معالجة شباب ثورة تشرين، ودعم مبادرة توظيف الخريجين والاستفادة من أصحاب الكفاءات من الشباب وأصحاب براءة الاختراع، وارتبطت علاقة الكاظمي بالشباب العراقي، عندما استجاب لمناشدة شاب عراقي مريض بلقائه من أجل معالجة حالته الصحية، ويقوم رئيس الوزراء بجولاته بنفسه مع المتظاهرين العراقيين وتعرض في أثناء ذلك لمواقف طريفة مثل الشاب الذي فاجأه بأنه خرج للتظاهر من أجل حبيبته، وقال المتظاهر للكاظمي مازحا: "منذ 10 سنوات أحب فتاة، حتى أنها لم تعد جميلة"، في إشارة إلى تأخر حصوله على وظيفة ليتزوج.
هكذا نحن اليوم امام قائدين ملهمين للشباب العربي، أصحاب تجربتين مهمتين في بلدين هما الأهم في المنطقة بما يملك من ثروة شبابية ضخمة.
تجربة الرئيس السيسي القائد الملهم كما ذكره الرئيس الكاظمي، وتجربة الأخير الذي جاء في وقت حرج وخطير شهده العراق، وبانتظار ما سيقدم الرئيسين من رؤية للشباب العربي الذي ينظر بعين التقدير لكلا التجربتين، وإلى قيادة الرئيس السيسي وإلى مصر وإلى قيادة الكاظمي وإلى العراق.