سياسيون لبنانيون عن مبادرة الرئيس للحوار: لبنان غارق في الكوارث وعون يسعى لحفظ ماء الوجه
مع تسارع الأحداث نحو مزيد من الانسدادات السياسية داخل لبنان، وفي ظل اتساع الانقسامات الحزبية التي وضعت لبنان على طريق اللانهاية، لم تتوقف المبادرات السياسية بحثا عن بارقة أمل ربما تساعد في لم شمل اللبنانيين.
آخر المبادرات السياسية كانت لرئيس لبنان ميشال عون، والتي أعلنها قبل أيام رافعة شعار الحوار الوطني، فهل تنجح تلك المبادرة في لم الشمل بلبنان؟، أم سيرفضها الشارع الذي يئن وجعا من كثرة الأعباء الاقتصادية والأزمات السياسية؟، أم ستكون للبلدان الغربية والعربية رؤى في بنود تلك المبادرة وتفعيلها على أرض الواقع؟
أزمات اقتصادية
المحلل والباحث السياسي اللبناني براء هرموش قال لـ القاهرة 24، إن لبنان اليوم يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية لم يسبق لها مثيل، فأتت أزمة كورونا عالميًا وتبعها الانهيار الاقتصادي بتخلف لبنان عن سداد ديونه مما أدى إلى انهيار العملة الوطنية، بالإضافة إلى ذلك انفجار المرفأ في بيروت الذي وصف بالثالث عالميًا من حيث قوة عصف الانفجار، وبالتالي كل تلك الأزمات أوصلت لبنان لما عليه الآن.
وأوضح هرموش أنه مع كل هذه المصائب والكوارث التي تحيط بوطننا الحبيب لبنان، يتابع رئيس الجمهورية التصرف بلا مبالاة على الصعيد الوطني والسياسي، وقد طالعنا أمس بالدعوة إلى جلسة حوار وطني، السؤال الذي يطرح نفسه هل يجدي نفعًا يا فخامة الرئيس أن تدعو إلى حوار وطني في آخر أيامك؟، ولماذا لم تتصرف كرئيس جامع لكل اللبنانيين منذ بداية عهدك؟ وهل تنفع الاستفاقة المتأخرة؟.. للأسف الرئيس عون لم يلتفت إلى اللبنانيين إلا عندما واجه مشاكل ومطبات اقتصادية وسياسية.
وتابع: اليوم لم يبق لرئيس الجمهورية وصهره الوزير جبران باسيل أي حلفاء مما يضع اتفاق مار مخايل تحت المجهر، قائلا: فخامة الرئيس هل يعقل أن كل اللبنانيين على باطل وأنتم على حق، للأسف لقد فاتكم قطار التغيير والإصلاح.
عجز الرئيس
ونوه السياسي اللبناني بأن كل القوى السياسية اللبنانية لم تعد تؤمن بقدرة الرئيس عون على قيادة السفينة اللبنانية وهو بدعوته إلى الحوار يحاول إنقاذ واستنهاض شعبية صهره وتياره وذلك بالإيحاء إلى اللبنانيين بأنه يجسد وحدتهم وخلاصهم، وأعتقد أن هذه الخطوة ما هي إلا ذر الرماد بالعيون ولم تعتد تنطلي هذه الخطوات على أحد، من هنا أتى اعتذار الرئيس سعد الحريري عن المشاركة.
واختتم هرموش: يجب على الحكومة أن تبدأ فورًا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاعتبار أن هذه الخطوة هي اللبنة الأولى والفرصة الأخيرة في سبيل النجاة، إضافة إلى محطة الانتخابات النيابية، فاللبنانيين اليوم مدعوون إلى محاسبة كل مسؤول عن ما وصلت إليه الأمور، وبالتالي فلا سبيل بخلاص لبنان إلا بإنتاج طبقة سياسية جديدة تعتمد سياسة الإصلاح ومحاربة الفساد.
حلفاء ميشال عون
المحلل السياسي اللبناني، رياض عيسى، قال لـ القاهرة 24، إن الرئيس اللبناني ميشال عون سبق وأن وجه للفرقاء السياسيين دعوة مماثلة للجلوس على طاولة الحوار، ورغم ذلك لم تأت تلك الدعوات بأي نتيجة إيجابية.
وأوضح عيسى أن الرئيس اللبناني يترأس سدة الحكم منذ 5 سنوات، وجميعها باءت بالفشل، كما أن الرجل عجز خلال تلك الفترة عن إحداث أي تغيير كما ادعى من قبل، كونه من حزب الإصلاح والتغيير، فلم يقم بأي خطوة تساهم في ترتيب الحد الأدنى للسياسة بلبنان، أو تغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي، بل ازدادت الأوضاع سوءا وانهارت الليرة وازدادت أعداد العاطلين وتعطلت العلاقات الخارجية مع الأشقاء العرب ودول العالم، وبالتالي فإن عهد ميشال عون هو عهد فاشل بكل المقاييس. حسب قوله.
وتابع: اليوم الرئيس ميشال عون يطرح مشروع دعوة السياسيين على طاولة الحوار، ووضع في مقدمتها مجموعة من العناوين الإشكالية، والتي سبق أن ناقشها اللبنانيون على طاولة الحوار من قبل في عهد الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، وتنصل منها ميشال عون نفسه وفريقه السياسي وحلفائه السياسيين حزب الله وفريقه، متسائلا: هل يمكن أن يطرح اليوم ميشال عون مثل تلك المبادرات في ظل رفض حليفه حزب الله للنقاش في موضوع الاستراتيجية والاتفاقية اللبنانية، هل يمكن لميشال عون أن يطرح موضوع العلاقة مع دول الخليج وحليفه حزب الله يضع المزيد من العراقيل أمام تقارب لبنان مع الدول العربية، بل يصر الأمين العام للحزب حسن نصر الله إلى مهاجمة ملوك وأمراء الخليج والبلدان العربية، إذن فماذا يأتي بجديد ميشال عون من تلك الدعوة، أعتقد أن طاولة الحوار لن تقدم أي جديد.
استقلال القضاء
وتابع متسائلا: هل سيطرح عون موضوع استقلالية القضاء وهو الذي يتدخل في القضاء!، وهل سيطرح موضوع محاربة الفساد وهو وفريقه الرئاسي غارقين في الفساد؟، وهل سيطرح الموضوع الأمني وهو وفريقه السياسي يسمحون بالسلاح المتفلت وتهريب الممنوعات وإبقاء التوترات على الحدود؟. حسب وصفه.
ونوه السياسي اللبناني بأن دعوة الرئيس ميشال عون تأتي بعد فشله بتنفيذ ما وعد به بخطاب القسم، وكذلك فشله أي من الإصلاحات التي وعد بها اللبنانيين بتنفيذها، سواء كان بتطبيق اللامركزية الإدارية أو موضوع التعافي المالي، وكذلك فصل السلطات وغيرها من الموضوعات الهامة، وبالتالي عون يريد إنقاذ ما تبقى من عهده وإلقاء الكرة في ملعب الأطراف السياسية، وأيضا للسعي لإظهار نفسه كمنقذ ومخلص للبنان أمام الرأي العام الدولي.
وأكمل أن الرئيس عون لديه كل السلطات، لديه أكبر كتلة برلمانية، وممسك بالمفاصل الأساسية بالقضاء، ولديه أكثرية كبيرة بالحكومة، إذن فماذا يمنعه لكي يقوم بالإصلاحات، وبالتالي فهو عجز من أن يقنع حليفه حزب الله بالجلوس وعقد جلسة لمجلس الوزراء فكيف له أن ينجح في عقد مؤتمر للحوار بين اللبنانيين.
دعوة رئاسية للحوار
وقبل أيام، دعا الرئيس اللبناني، في كلمة تلفزيونية، الأطراف السياسية اللبنانية إلى حوار وطني عاجل لم يحدد موعده، بشأن 3 مسائل، هي اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي.
وبشأن ردود الفعل حول تلك المبادرة، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، عدم مشاركته في الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس البلاد ميشال عون قبل أيام.
وقال المكتب الإعلامي لسعد الحريري، في بيان، إن رئيس تيار المستقبل أجرى اتصالا بميشال عون، و"أبلغه اعتذاره عن عدم المشاركة، لأن أي حوار على هذا المستوى يجب أن يحدث بعد الانتخابات النيابية".
وأوضح أن اتصال الحريري برئيس البلاد، جاء إثر اتصال تلقّاه الأول من القصر الجمهوري، مقر الرئاسة اللبنانية، ببيت الوسط مقر الحريري، بشأن اقتراح عون بالدعوة إلى مؤتمر حوار وطني.
انتخابات لبنان
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في 15 مايو المقبل، ومن المتوقع أن تحتدم المنافسة مع توسع الغضب الشعبي بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي، وتفاقم الفقر بدرجة كبيرة.
ويعش لبنان على وقع أزمات اقتصادية وسياسية أوجعت اللبنانيين، ووضعته ضمن أفقر البلدان العربية، الأمر الذي تسبب في اندلاع احتجاجات واسعة في لبنان منذ أكتوبر 2019، احتجاجا على فساد الطبقة السياسية في البلاد، وتردي الأوضاع المعيشية.
ووفق تقارير لبنانية، فإن الاقتصاد اللبناني يتداعى منذ سنة 2019، عندما دفعت الديون الهائلة وحالة الجمود السياسي، البلاد إلى أعمق أزمة منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.