رفضه أنيس منصور وتألق في روزاليوسف.. صفحات من الأرشيف الصحفي لـ وائل الإبراشي
لا يمكن أن تجد أحدًا يختلف على أن وائل الإبراشي، احتل مكانًا في صدارة الإعلام المصري، كما استحوذ الإبراشي على أسلوب خاص في تقديم برامج التوك شو واتسمت برامجه بخصائص ليست لغيره.
ولا يمكن أن تجد محاورا أكثر إتزانًا من وائل الإبراشي، حيث كان لديه القدرة الإعلامية المميزة في تناول الموضوعات، دون أن ينحاز لأي طرف أو يتأثر رأيه بما يتم طرحه.
الإعلامي وائل الإبراشي
ومع مشواره الإعلامي، يمتلك الإبراشي العديد من التجارب الصحفية المميزة، حيث تألق في بلاط صاحبة الجلالة سنوات طويلة منذ أن خطت قدماه صحيفة روزاليوسف، التي رفض أن يشرف على رئاسة تحريرها مقابل كتابة عدة مقالات يمتدح فيها نظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك وسياسات نظامه في التعامل مع عدد من الملفات من بينها ملف الحالة الاجتماعية والمعيشية للمواطن المصري.
لكن عقلانية الإبراشي رفضت أن يتورط في مثل هذا الأمر مدركًا حجم ما سيقدمه لنظام كانت سياساته قد أرهقت المواطن المصري وأصبح في حالة من الغليان ضده، ومجرد قبول كاتب وصحفي في حجم الإبراشي بالتورط في هذا الأمر كان سيخسر معه حالة الثقة الكبيرة التي كانت في حالة من النضوج وقتها مع القارئ المصري وقد بناها هو على مدى سنوات.
بداية عطلها أنيس منصور
كان الإبراشي صريحًا جدًا في الحديث عن بداياته في الصحافة، واختار أسهل الطرق ليصارح بيها القارئ، موضحا أنه بحث عن من يتوسط له في اقتحام العمل الصحفي حتى أنه ذهب للكاتب الكبير أنيس منصور الذي رفض طلب الإبراشي.
الإبراشي خريج كلية التجارة، وكان يحلم بعد تخرجه بالهجرة لدولة أجنبية أو بالعمل كمحاسب في إحدى شركات الخليج وأنه كان يقف باليومين والثلاثة في طوابير الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة، ولكن دون جدوى، ولكن في النهاية تم رفض طلب الهجرة للخارج، وبعدها اتجه للصحافة.
واتصل الإبراشي بـ أنيس منصور، وطلب منه الوساطة كي يعمل في مجال الصحافة، ولكنه رفض الوساطة أيضا لمبدأ يؤمن به، ولكن لم يستسلم وعمل في النهاية بهذا المجال بعد أن تعرض لمعاناة كبيرة.
أبو غزالة لـ الإبراشي: أنت دمرت حياتي
في 1992 شهدت مصر الزلزال الأشهر في تاريخها والذي أدى لتدمير 350 مبنى بالكامل وإلحاق أضرار بالغة 9000 مبان أخرى وأصيب 216 مسجد و350 مدرسة بأضرار بالغة وأصبح حوالي 50000 شخص مشردون بلا مأوى وعشرات الوفيات والإصابات وظلت مصر لعام كامل مشغولة بتبعات هذا الزلزال، الذي وضع نظام الرئيس الشاب وقتها في مأزق.
لكن مصر كانت على موعدًا مع زلزال آخر من نوعه وطالع السطوع والنبوغ للصحفي وقتها في جريدة روزاليوسف وائل الإبراشي.
الزلزال لم يكن له الحدوث لولا الحكم الصادر ببراءة الكاتب کمال خالد المحامي صاحب كتاب رجال عبدالناصر والسادات من قضية السب والقذف التي رفعها عليه مصطفى أبو زيد فهمي المدعي الاشتراكي.
قالت حيثيات الحكم إن انتقاد الموظف العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير حق كفله الدستور لكل مواطن ويجب عدم إعاقة هذا الحق، بشرط أن يكون النقد هدفه الوصول للحقيقة لا للأحقاد والضغائن الشخصية ولا يجوز للقانون أن يكون أداة الإعاقة حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو الخدمة العامة.
وجاء فيها: ذلك أن الحكومة خاضعة لمواطنيها وإذا تخاذل القائمون على العمل العام أو انحرفوا عن حقيقة واجباتهم مهدرین ثقة المواطنين فيهم، كان تقویم اعوجاجهم.
لبنى عسل في آخر لقاء لها مع الإبراشي: قالي محدش ينقل أخبار عني وأنا هخف وأرجع للبرنامج
كانت تلك الحثيثات الضوء الأخضر للإبراشي للإفراج عن ما لديه، والذي لم يكن سوى فضيحة لوسي أرتين، التي أطاحت برجال النظام المشير محمد عبد الحليم أبوغزالة - وزير الدفاع - واللواء حلمي الفقي - مدير الأمن العام، والضابط فادي حبشي والضابط فادي حبشي.
كما أطاحت بمدير المباحث الجنائية تحسين شنن - محافظ السويس - المستشار عبدالرحيم علي محمد - رئيس المحكمة ومعهم اثنين من موظفي البريد ومحامي لوسي أرتين، إلى جانب مصطفى الفقي أحد الموظفين في رئاسة الجمهورية.
الإبراشي كشف تفاصيل اتصال لوسي آرتين بعدد من كبار المسؤولين في الدولة، وكان على رأسهم المشير أبو غزالة وعدد من القيادات الأخرى في وزارة الداخلية وبغرض التأثير على أحد الأحكام القضائية الصادرة في نزاع حدث بينها وبين طليقها.
كما استطاع الصحفي وائل الابراشي نشر مكالمة هاتفية، تمت بين لوسي وهؤلاء المسئولين بعد تسجيلها من قبل أحدى الجهات الرقابية التي كانت ترفض استمرار أبو غزالة في منصبه بإيعاز من الرئيس من مبارك.
الإبراشي قال عن خبطة لوسي أرتين: قضية لوسي آرتين كانت من أهم خبطاتي الصحفية ولا يمكن الادعاء بأنني حصلت عليها من أحد الأجهزة الأمنية خاصة أنها كانت تحمل إدانة للدولة بكاملها وسقط فيها الرجلان الثاني والثالث في وزارة الداخلية ومعهما ثلاثة قضاة، وهي قضية سيدة لديها مشاكل خاصة ولجأت للمشير أبو غزالة ليحلها لها حيث توسط لدي قضاة ولواءين بالداخلية.
وأضاف الإبراشي أن المستشار هشام سرايا رئيس نيابة أمن الدولة حينها سألني: القضية لا توجد إلا في مكانين هما نيابة أمن الدولة والرقابة الإدارية فمن أين حصلت عليها؟، وشماعة الأجهزة الأمنية تستخدم لوأد أي انفراد صحفي، وقد تحدثت مع المشير بو غزالة قبل موته، وقال لي متأثرا: أنت دمرت حياتي.
رحل بعمر صغير وعطاء استثنائي.. الفنانون والإعلاميون ينعون وائل الإبراشي
ورددت عليه بقولي: أنا صحفي وحصلت على مستندات لوقائع فساد، وأنت أعطيت الفرصة لخصومك لاغتيالك، وطلب مني التوقف عن النشر لأن تلك القضية حطمت منزله فتوقفت إنسانيا، وأقسم بالله أنني حصلت على تلك القضية بمجهودي وليس من إحدى الجهات الأمنية كما تردد.
عادل حمودة ينصف الإبراشي
عادل حمودة تحدث في مذكراته، قائلًا: اسم وائل الإبراشي، ظهر لأول مرة على صفحات المجلة في فبراير 1992 عندما نجح في إجراء حوار مع الفريق سعدالدين الشاذلي، رئيس الأركان الأسبق، قبل المحاكمة العسكرية التي ينتظرها؛ بتهمة نشر أسرار عسكرية.
ويضيف: لقد تأملت موهبة كل محرر منفردًا ودفعت به إلى الطريق الذي يناسبه دون أن يضطر إلى منافسة أو مزاحمة غيره في مكانه ليتسابقوا جميعًا من أجل نجاح التجربة، ولو قصّر أحدهم لسبب أو لآخر وجد من يسد فراغه أو يتجاوز أخطاءه.
حمودة صاحب رأي متفرد في الإبراشي، موضحًا أن وائل الإبراشي مثلا تفوق في التلفزيون، قائلا: أهم شيء هو اختيار لكل شخص ما يميزه، واختيار المكان المناسب له كان اختياري لوائل الإبراشي في محله أن يكون محققًا.