هل كان ابن خلدون سببا في دخول تيمورلنك مدينة دمشق وتدميرها؟
حاصر تيمورلنك قلعة دمشق، بعد أن سيطر على معظم أنحاءها، في 14 يناير من العام 1401، تمهيدا لإسقاطها وإخضاعها تحت سلطانه، وكانت الشام خاضعة لحكم المماليك في تلك الفترة، واستطاع تيمورلنك؛ احتلال حلب وحماة، وقتل الكثير من أهل الشام، وأحرق بيوتهم، وارتكب مجزرة في حق الأطفال، بأن جمعهم، وذبحهم جميعا.
كانت دمشق المحطة الأهم، لأنها النقطة الحصينة، والقوة المركزة في الشام، ويستطيعون أن يقاوموه، ويهزموه، وفي البداية أرسل رسولا إلى أهل دمشق، من أجل عقد صلح، لكن أهلها رفضوا هذا الصلح، ولم يتجاوب معه الأمراء المصريين الذين كانوا فيها.
وحصّن أمراء دمشق؛ القلعة، وصارت سدًا منيعًا في وجه تيمورلنك وجنوده، وفي ذلك التوقيت؛ وصلت الأنباء إلى دمشق، بأن أمراء المماليك في القاهرة يريدون خلع السلطان الناصر، وتنصيب سلطان جديد، وعندما علم أمراء دمشق بتلك الواقعة، أسرعوا إلى القاهرة، تاركين خلفهم دمشق أمام تيمورلنك.
وسرعان ما أغلق أهل دمشق أبواب المدينة، والمناداة إلى الجهاد، وهجم تيمورلنك على المدينة، ووقع قتالا شديدا بينه وبين أهل دمشق، وأثناء اندلاع المعارك، لجأ تيمورلنك إلى حيلة تحرك دفة المعركة لصالحه، فأرسل يقول لأهل المدينة، إنه أمنّها، وأعتقها، وأنه لن يحارب أهلها، فقط هو يريد أن يحاور أهلها.
ابن خلدون يلجأ للفرار
استمع له سكان دمش، وذهب إليه المؤرخ الشهير ابن خلدون، وتقي الدين الحنبلي - قاضي القضاة، ممثلين عن سكان المدينة، وعلم ابن خلدون بفطنته، نوايا تيمورلنك، وكشف كذبه، وتجاوب معه، وعندما حل الليل، هرب ابن خلدون، وسافر إلى مصر، ولم يحذر أهل دمشق من النية المبيتة لتيمورلنك.
وقاضي القضاة، لم يخوّن تيمورلنك، ولم يكشف كذبه، واطمأن له، وقال له تيمورلنك، إنه أعتق دمشق، وأمّن أهلها، بل وحدثّه عن الأنبياء والصحابة، وعندما عاد القاضي إلى أهل دمشق، صار يُحدثهم عن كرم تيمور، أخلاقه، ونواياه الطيبة.
صدّق أهل دمشق المكيدة، وفتحت أبواب المدينة، فدخل تيمورلنك وجنوده، وكان الفرمان الأول لتيمور لنك؛ فرض جزية كبيرة على سكان دمشق، ألف ألف دينار، وعندما سارع أهل دمشق في جمعها، طلب مُضاعفتها أكثر وأكثر.
وفي 80 يوما؛ أحرق رجال تيمورلنك المساجد والمنازل، واختطفوا البنات والنساء، وقتلوا وعذبوا الآلاف، وفي أواخر أيامهم؛ حرقت دمشق، واستمر الحريق 3 أيام كاملة؛ حتى صارت دمشق، مدينة مُهدمة وقاحلة.