دعوا التجربة تفرز نتائجها ليكون الحكم عليها صحيحًا
رابعة ابتدائي.. العَطب والدوا (1-2)
دومًا تُثير جدلًا، ولمَ لا وهي تُهِمُّ قطاعًا عريضًا من طليعتِنا وثروتِنا البشريةِ لما هو آت، فمحيطُنا دومًا يُنبئنا أنه بالعلم -وبه وحده- تستطيعُ أن تزاحمَ الآخرين على شتى الأصعدة سياسيًّا واقتصاديًّا وطبيًّا وخدميًّا، وإدارة متميزة لشتى القطاعات داخل الدولة.
المنظومةُ التعليميةُ المصريةُ على طُولِ الخطِّ جديرةٌ بذلكَ الجدلِ والاهتمام، لأنها دوما يُنشدُ منها طرحُ كلِّ ما هو مناسبٌ ومواكبٌ للمستجِدّات، وتحديدًا الخارجية، وجائحةُ كورونا خير دليل على ذلك، وربما شواهد حياتية قابلتَها كانت دليلا جليًّا يُناسب الحدث، وربما تُسعِفُ الذاكرةُ كثيرينَ لاستحضارِها معي.
بالمرحلةِ الابتدائيةِ تحديدا أتذكَّرُ أيامَ نهايةِ الامتحاناتِ بكلِّ تفاصيلِها، حينما كانَ كثيرٌ من أبناءِ تلكَ المرحلةِ يصنعونَ طائراتٍ ورقيةً وربما زينة رمضان -تَوافقَ توقيتُه مرةً أو مرتينِ مع نهاية امتحاناتي- وربما اكتفى البعضُ بتمزيقِها أو التخلصِ منها، وربما أصاب البعضُ شططًا وأشعلَ فيها النيران.
تُرى ما السبب؟.. ربما توجيهٌ غير مناسبٍ للطالب حمَّله عبئًا كان هو الدافع، ربما رداءةُ الخاماتِ المستخدَمةِ التي كلفت الدولةَ ملياراتٍ في طباعةِ الكتب، وربما مدرسُ المادةِ بطرحٍ وعرضٍ غير مناسبين، وخَلَّفَ ذلك كُلُّه كُرهًا ترجمتْه أفعالُ الطلاب حينها.
ما أقصده وأعنيه هنا، أين العطب وما العلاج؟ وهل التجربة خيار أم بديل لا غنى عنه؟ والحديث هنا عن الصف الرابع الابتدائي تحديدًا، نظرا لما أثاره من لَغَطٍ وحديثٍ تراوح بين الجِدِّ والهزْل في تعليقات معظم الآباء والأمهات.
ولي مأخذٌ وعَرْضٌ على نفْسي وعلى أولياء الأمور تحديدًا في تلك المسألة، وهو أن طَرْحَ الآباء والأمهات للقضايا التعليمية على السوشيال ميديا، واطلاعَ معظمِ الطلابِ عليها وعلى رأي الآباء فيها؛ ربما يشكل أكبرَ مِعْوَلِ هَدْمٍ لنفسيّةِ الطلبةِ تجاه أي عملٍ ربما كان مفيدًا للمنظومة وعلى رأسها أبناؤنا الطلاب، كونَه –أقصد الطلابَ - عَلِموا مسبَّقًا وربما سريعًا رأيَك عما يواجهونَه، ومَنْحَكَ إياهم رخصةً مجانيةً برفضِ أيِّ مُقترَحٍ ربما يُفيدُهُ شخصيًّا.
نعودُ لرابعة ابتدائي وأزمة منهج رابعة ابتدائي والحديثِ عن التجربة والمُعطَياتِ والخِياراتِ، ربما لو استمعنا لصوتِ العقلِ قليلا لَعلِمْنا أن الصبرَ على التجربةِ المطروحةِ هو الأقربُ لإفادة الطلبة؛ وذلك لأنَّ الحُكمَ على التجربةِ ليكون صحيحًا ينبغي تطبيقُه بشكلٍ كاملٍ يُراعي حداثةَ الأمر، وذلك للحُكمِ عليه بالنجاح أو الفشل، ربما كانت الموادُّ كبيرة وتَفُوقُ إدراكَ واستيعابَ الطالب، جميل، من أين لنا معرفةُ ذلك دون تطبيق التجربة وظهور نتائج على عيِّنات عشوائية من مُختلِف محافظات الجمهورية؟
لا مناصَ من التجرِبة بحلوها ومرها لتقييم منهج رابعة ابتدائي، مع مراعة تأهيلِ الطلاب بأن ذلك ليس عقابا ولا حتى تطويرا، ولكن يمكن طرحُها للطلاب على أنها يُستهدَفُ منها تطويرُ تفكيرِهم وإحاطتُهم بما يدور حولَهم في تخصصات عدة، على أن تكون 60% منها مثلا على سبيل تقييماتٍ ودرجاتٍ غير محتَسبة ولكن تقييمها نسبي (بين جيد ومتوسط ومتميز.. مقبول).
لا أظن أن أي مسؤول بالتربية والتعليم يؤدي عملا أو يطرح فكرة على سبيل العِندِ أو تنفيذ التعليمات، أو نكايةً في الآباء، لأن ألف باء مسؤولية هو معرفةُ أنَّ أولياءَ الأمور شُرَكاء، وأظن أن هذا مبدأ ثابت بشتى قطاعات منظومة التعليم.
أخيرًا وليس آخر، أرجو من مسؤولي التربية والتعليم وعلى رأسِهم وزيرُها، والآباء والأمهات وأنا من ضمنهم، تقبُّلَ اجتهادات وملاحظات أي مُستجِدٍ بتعلق بمصير أبنائنا، وتعزيز العلاقة بين أولياء الأمور والمسؤولين والخبراء عن وضع المناهج الخاصة بأبنائنا، فربما يُسهم ذلك حالَ تنفيذه بآليةٍ وطرحٍ مغايرٍ للسابق في تعزيز اتخاذ قراراتٍ مناسبة تتعلّقُ بمصير أبنائِنا وبلدنا.