تقارب فلسطين وسوريا.. هل يبحث أبو مازن عن شرعية جديدة من فصائل دمشق؟
تقارب وتوطيد علاقات جديدة حملتها الرسائل الدبلوماسية للوفود الفلسطينية برعاية السلطة الفلسطينية تجاه العاصمة السورية دمشق، بحثا عن فتح أفق تعاون بين فلسطين وسوريا.
فبالرغم من ابتعاد دمشق عن الجامعة العربية لسنوات إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أسهم في ترسيخ علاقة جيدة بالرئيس السوري بشار الأسد، وظلت السفارة الفلسطينية تفتح أبوابها منذ اندلاع أحداث سوريا قبل ١٠ سنوات.
ويأتي التقارب الفلسطيني مع دمشق في ظل تبني الأردن والإمارات والبحرين استراتيجية مختلفة لتعزيز العلاقات مع النظام السوري، وفتح صفحة جديدة معه، وإنهاء عزلته العربية، إلى جانب بحث الرئيس الفلسطيني عن دعم فصائلي لما له من أهمية كبيرة في التأثير على الفصائل الفلسطينية التي مقرها العاصمة دمشق من أجل استعادة شرعية الرئيس.
ترتيب اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير
السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة فتح الدكتور أيمن الرقب قال لـ القاهرة 24، أنه خلال الأيام الماضية زار وفد من حركة فتح، العاصمة السورية دمشق بهدف ترتيب اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا، حيث يوجد عدد من الفصائل الفلسطينية في دمشق وكذلك ترتيب زيارة للرئيس أبو مازن لزيادة للعاصمة السورية.
وتابع: من الواضح أن السلطة الفلسطينية تريد أن تستغل الخلاف بين حماس ودمشق وتوحيد موقف من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بعيدا عن حماس.
وأضاف القيادي بحركة فتح: من مخرجات زيادة وفد فتح لدمشق يتضح فشل الزيارة حتى الآن في الاتفاق على عقد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث رفضت الفصائل التآمر على حماس ولم يتم الاتفاق على موعد زيارة أبو مازن لسوريا، وأتوقع أن يتم ترتيب ذلك حيث تريد سوريا العديد من زيارات زعماء عرب لتمثل ضغطا لعودة سوريا لجامعة الدول العربية.
علاقة جديدة مع النظام السوري
الكاتب والصحفي الفلسطيني ثائر نوفل أبو عطيوي قال لـ القاهرة 24، إنه من المعلوم أن هناك العديد من الأحزاب والفصائل الفلسطينية التي مقرها العاصمة السورية دمشق، والتي على علاقة وطيدة مع النظام السوري منذ سنوات طوال، وتربط هذه الفصائل علاقات استراتيجية وسياسية مع دمشق، وقد كان هناك الحضور اللافت لهذه التنظيمات في اجتماع بيروت الذي ضم اجتماع القادة والأمناء العامون للفصائل الفلسطينية برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شهر سبتمبر من العام 2020، من أجل ترميم البيت الفلسطيني واستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، والذي تم اعتبار هذا الاجتماع كسابقه في جولات وصولات المصالحة التي لم تنجح حتى بالوصول لقواسم مشتركة على طريق إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وعن نية الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارته للعاصمة السورية دمشق، بعد أن سبقه زيارة لوفد من حركة فتح، أشار أبو عطيوي إلى أن هذا يأتي ضمن مساعي الرئيس عباس للتقارب أكثر مع النظام السوري لما له من أهمية في التأثير على الفصائل الفلسطينية التي مقرها العاصمة دمشق من أجل استعادة شرعية الرئيس أبو مازن، والتفات كافة الفصائل والتنظيمات حوله لتعزيز مكانته أمام المحور الإقليمي والدولي هذا من جهة، ولدعم وتعزيز تطلعاته السياسية المستقبلية سواءً كانت فلسطينية أم عربية أم في استعادة المفاوضات من جديد مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من الجهة الأخرى.
رسائل من حركة فتح
وبخصوص زيارة وفد حركة فتح لسوريا في الشهر المنصرم، قال الصحفي الفلسطيني ثائر نوفل أبو عطيوي: حسب تصريحات بعض الفصائل الفلسطينية جاء لإقناع التنظيمات في إمكانية عقد دورة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة السورية دمشق وهي الفكرة التي حملها جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لفتح، والتي باءت بالفشل ولم يتم التوصل لإقناع الفصائل بالفكرة والقبول بدعوة عقد دورة المجلس المركزي، وهذا أيضا يعود حسب تصريحات العديد من قادة الفصائل الفلسطينية التي أرجعت سبب رفضها وعدم قبولها بعقد اجتماع المجلس المركزي على الأراضي السورية، بأن حركة فتح تهدف إلى تمرير ملف تشكيل حكومة وحدة وطنية تعترف بدولة الاحتلال الإسرائيلي وقبولها بشروط الرباعية الدولية.
وأيضا للالتفاف على تفاهمات حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى عبر الدعوة لتقديم بعض الإغراءات والامتيازات للفصائل من أجل القبول بالمشاركة في اجتماع المجلس المركزي الذي كانت تريد حركة فتح عقده في العاصمة دمشق، وهذا ما جاء على لسان قياديين فلسطينيين، لفصائل تحالف القوى الفلسطينية والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة الجهاد الإسلامي.
وتابع القيادي بحركة فتح: كما أشرنا في سياق حديثنا فإن زيارة الرئيس محمود عباس للعاصمة دمشق تهدف لاستعادة توطيد العلاقة مع النظام السوري والتقارب معه من أجل استعادة علاقة السلطة الفلسطينية مع الفصائل والأحزاب المقيمة في العاصمة دمشق، من أجل دعم شرعيته عبر لقاءات فصائلية فلسطينية على غرار اجتماع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية في بيروت، من أجل التمهيد الطريق لفتح علاقات أوسع مع الإقليم ومع الرباعية الدولية من جهة، ومع حكومة الاحتلال من جهة أخرى على أمل استعادة العملية التفاوضية الفلسطينية الإسرائيلية بعد موتها منذ أكثر من عشرين عامَا.
في سياق متصل، قال أمين سر اللجنة المركزية لـ حركة فتح جبريل الرجوب، إثر زيارة أجراها على رأس وفد من الحركة إلى دمشق، فـتحت الأبواب أمامنا في دمشق، وأجرينا لقاءات مع مسؤولين سياسيين وأمنيين تخطر ولا وتخطر على البال، مضيفًا أن الزيارة تؤسس لإقامة علاقة متطورة مع الحكومة السورية.
علاقات الإرث القديم
وكشف الرجوب في تصريحات صحفية، عن اتصالات فلسطينية سورية لتحديد موعد لزيارة الرئيس عباس إلى دمشق في ظل رغبة وإرادة سورية وحرصها على تطوير علاقة راسخة مع منظمة التحرير، مشيرًا إلى أن تلك العلاقات ترتكز على "الإرث القديم بين الجانبين السلبي والإيجابي منه.
وشدد الرجوب على أن الرئيس عباس، لا يحتاج إلى إذن من أحد لزيارة دمشق، ولا أحد وصي عليه. لكن ما يهم القيادة الفلسطينية، حسب الرجوب، هو الحفاظ على منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية وحق العودة، وعدم التدخل بشؤونها الداخلية.
وقال القيادي الفلسطيني الذي حمله عباس رسالة إلى الأسد، إن حركة فتح تؤيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وحماية الجيش السوري.
وأضاف أن التسوية السياسية في سوريا هي الحل الوحيد أمام السوريين، مطالبًا المعارضة السورية "بالعودة إلى حضن الوطن.
وأوضح الرجوب أن منظمة التحرير تبنت موقفًا منحازًا إلى جانب سوريا منذ بداية الأزمة، ولم تنحز إلى جانب المعارضة"، في إشارة إلى "حركة حماس التي قال إن النظام السوري دعمها واحتضنها كما لم يفعل مع أحد غيرها.
وصرح بأن منظمة التحرير تؤيد عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية باعتبارها عضوًا مؤسسًا لها.