صحفي إريتري يكشف أوضاع تيجراي المأساوية واتفاقيات تركيا العسكرية مع آبي أحمد
قال المحلل السياسي والكاتب الصحفي الإريتري والباحث في شؤون القرن الإفريقي، عبد القادر محمد علي، إن المناطق التي دارت فيها المعارك في إقليم تيجراي وعفر وأمهرة تعاني أوضاعًا إنسانية كارثية ولا سيما تيجراي، حيث كان للحرب تأثيرات مدمرة من حيث تدمير البنية التحتية الزراعية وتهجير المزارعين ودفع الشباب إلى القتال، كما أن الحصار الذي فرضته الحكومة الإثيوبية على الإقليم زاد الأمور سوءًا، فنحن نتحدث عن ملايين على حافة الجوع ويعانون من انعدام أبسط المستلزمات الطبية.
وأضاف عبد القادر محمد علي، لـ القاهرة 24، أن ثمة حالة من الهدوء الآن تسود الجبهات بعد انسحاب قوات دفاع تيجراي إلى داخل إقليمها في حين تعسكر قوات الدفاع الإثيوبية على حدود الإقليم مع توغلات محدودة.
تدخل الجيش الإريتري
وعن تدخل الجيش الإريتري في حرب إثيوبيا لحساب الحكومة الفيدرالية برئاسة آبي أحمد، أشار علي، إلى أن الجيش الإرتري مشارك في الحرب الإثيوبية منذ البداية وعنصر فعال فيها، لعدة أسباب منها العلاقة العدائية بين نظام الرئيس أسياس أفورقي والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، ورفض الأخيرة إعادة أراض إرترية تحتلها رغم الحكم الأممي لصالح إرتريا ورغم موافقة حكومة آبي أحمد على ذلك.
وبخصوص عقد أبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا اجتماع حكومته من على سد النهضة، أوضح المتخصص في الشؤون الإفريقية أن الرسائل من عقد تلك الاجتماعات واضحة من هذا الأمر، وهي موجهة بشكل أساسي للدول المعنية بموضوع سد النهضة، وأن موقف حكومته من هذا الملف لم يتغير.
وبشأن الوجود الغربي داخل القرن الإفريقي وتأثيره على الأوضاع هناك، أوضح الكاتب الصحفي الإريتري عبد القادر محمد علي، أن الدول الغربية لها تقليديًا حضور بقدر أو بآخر داخل دول القرن الإفريقي لكن الأزمات المتتابعة تكشف عن تغيير في حجم نفوذ هذه الدول وبروز لاعبين دوليين جدد في المنطقة كالصين.
تدخلات تركية في الحرب الإثيوبية
وعن التدخلات التركية في حرب الحكومة الفيدرالية الإثيوبية الأخيرة ضد التيجراي، قال الباحث في شؤون القرن الإفريقي، إن إثيوبيا وتركيا عقدتا اتفاقيات في أغسطس الماضي مع زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى أنقرة، جزء من هذه الاتفاقيات، وكانت تتضمن الشق العسكري، حيث زادت الواردات لإثيوبية من السلاح التركي خلال العام المنصرم من 300 ألف دولار إلى 93 مليون دولار، والمصادر تتحدث عن التأثير الكبير للمسيرات التركية في قلب مسار المعارك لصالح الحكومة الفيدرالية.
وحول تقيمه أداء الاتحاد الإفريقي حول الأزمة الإثيوبية الداخلية، قال: كانت أزمة تيجراي امتحانًا حقيقيًا للاتحاد الإفريقي فشل فيه بشكل واضح، وهناك وساطة إفريقية بدعم أمريكي أوروبي برئاسة الرئيس النيجري السابق مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى القرن الإفريقي أوليسون أوباسانغو وهي تواجه تحديًا كبيرًا في إثيوبيا وأوباسانغو نفسه تحدث عن صعوبة المهمة لكنه تحدث أيضًا عن ضوء في نهاية النفق لكن مدى نجاح جهوده غير متضح حتى الآن.
وأنهى المحلل السياسي الإريتري كلامه، بأن ثمة خطوات لإطلاق عملية مصالحة بين الحكومة الفيدرالية وإقليم تيجراي، وثمة خطوات اتخذت من قبل أديس أبابا مثل إطلاق سراح سياسيين معتقلين منهم أعضاء بارزون في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، غير أن تعقيد الأوضاع داخل البلاد، نتيجة للوضع ما قبل الحرب والصدوع العميقة بعد سنة وشهرين من حرب دموية، يهدد بإفشال أي خطوات تصالحية.
وشهد إقليم تيجراي، في نوفمبر الماضي، مواجهات عسكرية استمرت لنحو 3 أسابيع أطاحت بجبهة تحرير تيجراي بعد أن فرت قياداتها إلى الجبال عقب دخول قوات الجيش الإثيوبي.
غير أن الحكومة الإثيوبية أعلنت، نهاية يونيو الماضي، قرارا مفاجئا بوقف إطلاق النار ضد الجبهة وسحب قوات الجيش كاملا من تيجراي، لتعود الجبهة مجددا للإقليم وتسيطر عليه.
حصار أمهرة وعفار
ثم سرعان ما بدأت جبهة تحرير تيجراي تنفذ اعتداءات على إقليمي أمهرة وعفار بعد أن دخلت إلى عدة مناطق ومدن، أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين ونزوح أكثر من نصف مليون شخص بالإقليمين.
وعلى خلفية هذه التطورات، أعلنت الحكومة الإثيوبية إلغاء وقف إطلاق النار أحادي الجانب في الـ10 من أغسطس الماضي وإعلان حالة الاستنفار في كامل البلاد.
وتسبب الصراع بين القوات الفدرالية الموالية لرئيس الوزراء وجبهة تحرير شعب تيجراي بأزمة إنسانية حادة ودفع أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة إلى الأمر بفتح تحقيق دولي في انتهاكات مفترضة.
واعتبارا من أواخر أكتوبر الماضي، أعلن كل من الجانبين تقدمه ميدانيا مع إعلان جبهة تحرير شعب تيجراي في إحدى المرات أنها أصبحت على مسافة 200 كيلومتر برا من العاصمة أديس أبابا.
قلق المجتمع الدولي
وأثار القتال قلق المجتمع الدولي فيما فشلت الجهود الدبلوماسية التي قادها الاتحاد الأفريقي لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في تحقيق أي تقدم ملموس.
وتسبب القتال بنزوح أكثر من مليوني شخص ودفع بمئات الآلاف إلى عتبة المجاعة، حسب تقديرات الأمم المتحدة، مع ورود تقارير عن مذابح وعمليات اغتصاب جماعي ارتكبها الطرفان.
وخلص تحقيق مشترك بين مفوضية الأمم المتحدة والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان في مطلع نوفمبر إلى ارتكاب كل الأطراف جرائم يمكن تصنيفها جرائم ضد الإنسانية.