تعرف على سيرة الإمام الغزالي صاحب إحياء علوم الدين والمنقذ من الضلال
في ذكرى وفاته التي توافق 14 جمادى الآخرة، نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تعريفا بحجة الإسلام أبي حامد الغزالي مجدد عصره، وإمام زمانه، وأحد أشهر علماء المسلمين.
جاء ذلك عبر حساب العالمي للفتوى على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، حيث قال في إطار مشروعه التثقيفي «قدوة»، مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يقدم لكم تعريفًا بحجة الإسلام أبي حامد الغزالي مجدد عصره، وإمام زمانه، وأحد أشهر علماء المسلمين في ذكرى وفاته التي توافق 14 جمادى الآخرة.
وجاء التعريف كالتالي:
مولده ونشأته
وُلد الإمام أبو حامد، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزَالي نسبة إِلَى قَريَة يقَال لها: غزالة، في طوس إحدى مدن إيران الأثرية، (450 هـ /1058م - 505 هـ / 1111م)، وعاش بها في صدر حياته، وبدأ فيها طلب العلم.
وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، فلما احتضر أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق له صوفي صالح، وترك لهما شيئًا من المال، فظل الرجل يعلمهما حتى فني ما خَلفَه لهما أبوهما، وتعذر عليهما القوت، فدفَعهما إلى المدرسة كأنهما طالبا علم؛ لتحصيل القوت لا لتحصيل العلم؛ طلبًا لما كانت تفرضه المدارس لطلابها من الرعاية والقوت آنذاك.
رحلته العلمية
ظل أبو حامد الغزالي يطلب العلم بطوس على يد كبار علمائها؛ حتى فاق أقرانه، ثمّ ارتحل منها إلى جرجان، ثم إلى نيسابور؛ ليلازم إمام الحرمين أبا المعالي الجويني -رحمه الله-، ولينهل من علومه.
ثم رحل إلى بغداد، وتولى بها التدريس في مدرستها النظامية في عهد الدولة العباسية بطلب من الوزير السلجوقي (نظَام الملك)، وكان في تلك الفترة قد اشتهر شهرة واسعة، وذاع صيته في الآفاق؛ حتى صار مقصدًا لطلاب العلم من جميع البلدان، وكان يحضر مجلسه أكابر العلماء؛ للاستماع إليه وتلقي العلوم على يديه أمثال ابن عقيل، وأبي الخطاب، وعبد القادر الجيلاني، وأبي بكر بن العربي؛ لما رُزِقَه -رحمه الله- من حظ وافرٍ في حسن التصانيف وجودتها، مع تبحر في غيرِ ما نوع منها بدراية، وإتقان، وتمكّن بالغ في دقائق ما يتفنن فيه.
اعتزاله الناس
بعد فترة طويلة من التعلم والتعليم وتصنيف الكتب شعر الإمام الغزالي أنه أغرق في العلوم الفلسفية والباطنية، وابتعد عن علم التصوف والتزكية الروحية، وعلوم الآخرة؛ فاعتزل التدريس، وابتعد عن الناس فترة من الزمان، وتعمق في تجربته الصوفية؛ مصاحبًا الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي، تلميذ الشيخ القشيري.
وبعد 11 سنة من العزلة والتنقل بين الشام والحجاز، والقدس، ومصر، ألف فيها كتابه الشهير إحياء علوم الدين.
مؤلفاته
ومن أبرز مؤلفاته: الاقتصاد في الاعتقاد، إحياء علوم الدين، المنقذ من الضلال، بغية المريد في مسائل التوحيد، إلجام العوام عن علم الكلام، المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى، المعارف العقلية ولباب الحكمة الإلهية، القانون الكلي في التأويل، بداية الهداية، مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب، غاية الغور في دراية الدور، المستصفى في علم أصول الفقه، المنخول في علم الأصول، تهذيب الأصول، المبادئ والغايات، شفاء الغليل في القياس والتعليل، وغيرها من الكتب النافعة والمؤلفات الفائقة.
أقوال العلماء عنه
قال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف والذكاء المفرط.
وقال عنه الإمام ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: صنف الكتب الحسان في الأصول والفروع، التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها، وتحقيق الكلام فيها.
وفاته
عاش الإمام الغزالي حياته مؤديا حق دينه ودعوته، ومدافعًا عن هوية أمته، وتاركا تراثا علميا ومعرفيا ضخما، وتلاميذ ومرِيدين، وللإمام سيرة ثرية مضيئة سجل جل أحداثها في كتابه: المُنقِذ من الضلال، لمن أراد الاستزادة منها.
روى أبو الفرج ابن الجوزي في وفاته عن أبي الفتوح أحمد الغزالي -أخي الإمام أبي حامد الغزالي- قال: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ وَقْتَ الصُّبْحِ تَوَضَّأَ أَخِي أَبُو حَامِدٍ، وَصَلَّى، وَقَالَ: "عَلَيَّ بِالْكَفَنِ"، فَأَخَذَهُ وَقَبَّلَهُ وَتَرَكَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: "سَمْعًا وَطَاعَةً للدُّخُول عَلَى الْمَلِكِ" ثُمَّ مَدَّ رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَمَاتَ قَبْلَ الإِسْفَارِ»، وكانت في 14جمادى الآخرة 505 هـ، بمدينة طوس.