طعم الكلام.. ورشة كتابة ابداعية تعتمد على الطعام
تتقاطع الفنون عادة لتشكل أنواعا أدبية وفنية جديدة ناتجة عن التجريب والحداثة وأحيانا الصدفة، ولكن أن تتقاطع الفنون مع الطعام وممارساته وطقوسه وموروثاته وحتى أدواته لتؤكد على الأصالة والهوية هذا ما لم يكن معتادًا على الأقل في بلداننا العربية، الكاتبة رانيا هلال استطاعت تحقيق هذه المعادولة من خلال ورشة بعنوان طعم الكلام
تقول رانيا هلال عن ورشتها طعم الكلام للكتابة: ألهمني الاقتراب من دراسة علاقة الطعام بالأنثروبولوجيا وتعمقه في حياتنا، إنه ليس فقط نتيجة أو وصفة نهائية، لكنه مرادف لتلك الأعماق التي تسكن داخلنا مرتبطة بذكرياتنا حوله.
درست رانيا هلال التاريخ وأكملت دراساتها العليا بدراسة الحضارات، وهي كاتبة قصة قصيرة حصلت على جائزة ساويرس الثقافية ولها عدد من الكتب والمجموعات القصصية، وقد انتبهت من خلال مشوراها مع الكتابة أن «أنسنة الأشياء» كانت ثيمة تحمل لديها خصوصية ما، وربما دفعها للتوقف أمام الطعام وموروثاته الثقافية، في محاولة للاقتراب من عالمه وطيد الصلة بالإنسان.
فوجئت رانيا بنُدرة المصادر العربية حول علاقتنا بالطعام، ثم بحثت عن مصادر أجنبية لمحاولة استكشاف هذا العالم، وقامت بتطوير فكرة ورشة إبداعية حول علاقتنا بالطعام والتعبير عنها عبر الفن، كانت مهتمة باستكشاف حضور الطعام في ذواتنا مع المشاركين في الورشة، ومن ثم في القصة والشعر والرواية، مرورًا بتجلياته في الفن التشكيلي والحكي والدراما والسينما.
الطعام ليس ممارسة سطحية كما يتم تداوله فى وطننا العربي هذا ما تؤكده رانيا مضيفة ان الطبخ كفعل مرتبط دائمًا بالأفراح والأحزان، والمناسبات العاطفية، وكذلك التعبير عن الحب منذ القدم، حتى أن المصريين القدماء صنعوا نحو 300 نوع من الخبز، متعددة الأسماء والمناسبات.
خلال الورشة اختار المشاركون صنفًا من الطعام، وطهوه، وتشاركوا مع زملائهم تناوله، ولعل هذا الطقس كان أحد المداخل الحميمية للاقتراب من الطعام ومشاركة قصته مع المحيطين اضافة إلى النقاشات العميقة وقراءات أدبية وسردية وفقرات الحكي والكتابة.
يقول الكاتب رامي حمدي أحد المشاركين بورشة طعم الكلام: بشكل شخصي أعشق الطعام لأنني أعتبره أحد أساسيات الحياة التي لم نتطرق لها في الأدب العربي بشكل جيد، فهو قيمة مثله مثل الحب والحياة والموت. لهذا أنا مهتم بتتبع هذا النوع من الأدب، لكن هذا الاهتمام تشكل أكثر بعد انضامي لورشة طعم الكلام.
تاثير الطعام على البشر
ويضيف: لعل أكثر ما اكتسبته من الورشة هو أن كتاباتي أضيف لها بعد جديد هو أثر الطعام الدائم على حياة الشخصيات.. أصبحت شغوفًا بتتبع قصص صناعة الأطباق حول العالم وكيف كانت تؤثر على البشر والثقافات.
ويتابع: بجانب مواضيع الكتابة التي كانت ملهمة ومميزة، كانت أيضًا الأنشطة الخاصة بالطبخ ومشاركة الطعام وتأمل أصوات عملية التحضير نفسها وروائح المكونات فارقة بالنسبة لي، وساعدتني على تكوين رؤية جديدة لهذا الجزء المهدور حقه في البيت والأدب وهو المطبخ، وأعتقد أن الأمر لو كان بيدي لأصبحت ضيفًا دائمًا على كل النسخ اللاحقة من هذه الورشة.
