القمة العربية في الجزائر.. النفوس ليست صافية
تسببت القمة العربية المرتقبة، المقرر انعقادها في دولة الجزائر، العام الجاري، في تاريخ لم يحدد بعد، في إثارة جدل كبير بين المتابعين والمراقبين، خلال الفترة القليلة الماضية، حتى على مستوى وسائل الإعلام العربية، لا سيما في الجزائر والمغرب، خاصة فيما يتعلق بالأسباب الحقيقية لتأجيلها عن موعدها الدوري في شهر مارس من كل عام، حيث إن موضوع النزاع التاريخي بين المغرب والجزائر بخصوص الصحراء الغربية، واعتراف عدد من الدول العربية بمغربية الصحراء، كان أهم الأسباب التي تم إثارتها حول تأجيل القمة.
وعلى الرغم من إعلان الجامعة العربية أنه بعد توقف دام ثلاث سنوات للقمم العربية بسبب وباء كوفيد -19، سيتم تأجيل انعقاد القمة العربية مرة أخرى بسبب الفيروس. فإنه يبدو أن هذا الطرح لم يَرُقْ لقطاع كبير ينظر إلى الموضوع من أبعاد أخرى، وعمت وسائلَ الإعلامِ أسبابٌ مختلفة حول تأجيل القمة، كان أبرزها إصرار الجزائر على إدراج ملف الصحراء الغربية، على جدول أعمال القمة، وسط رفض دول عربية خاصة دول الخليج، وهو ما سينعكس أيضا على تمثيل القادة في القمة، وهناك من يرى أن سبب التأجيل هو عدم وجود أمر ملح يستدعي عقد القمة خاصة مع استمرار تداعيات فيروس كورونا، ما سيؤدي لتقليل الدول مستوى تمثيلها بالقمة، وهناك أيضا من يرى أن الجزائر تريد فرصة لعقد مؤتمر للفصائل الفلسطينية الموجودين الآن في الجزائر، حتى تستطيع تحقيق انتصار دبلوماسي يساعدها على إعطاء زخم للقمة العربية المرتقبة، وهناك من يرى أن من ضمن أسباب تأجيل القمة عدم وجود موقف عربي موحد من مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل، وهناك من وصل إلى احتمالية إلغاء القمة في الجزائر أو نقلها لدولة أخرى.
قد تكون هناك فعلا أسباب منطقية أخرى غير فيروس كورونا دفعت نحو تأجيل القمة العربية في الجزائر، وهذا الأمر لا يخفى على أحد، فالجزائر من الدول الداعمة لعودة سوريا للجامعة العربية وتريد أن يحدث خلال القمة المقبلة توافق على هذا الأمر، في الوقت الذي ما زالت فيه دول عربية غير متحمسة لمسألة عودة سوريا، كما أن هناك توترا مستمرا بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء الغربية، قد يكون ألقى بظلاله على دول أخرى أقدمت على الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم الموقف المغربي، كما أن للجزائر مقاربتها بالنسبة لحل الأزمة الليبية، والتي ربما تتقاطع مع دول أعضاء بالجامعة العربية، فضلا عن أن الأزمة مع إيران ستكون حاضرة بطبيعة الحال ضمن أسباب التأجيل، خاصة أن الجزائر لديها علاقات قوية مع إيران، حيث أيدت طهران قرار الجزائر قطع العلاقات مع المغرب، في الوقت الذي يشهد فيه المغرب صفحة جديدة من التعاون مع إسرائيل، التي تؤيد مغربية الصحراء.
على أي حال، سواء إن كان فيروس كورونا هو السبب في تأجيل القمة العربية في الجزائر أو هناك أسباب أخرى دفعت للتأجيل، فلا شك أن النفوس العربية العربية ليست صافية، بسبب تأجيل القمة للمرة الثالثة منذ عام 2019، على الرغم من انعقاد العديد من القمم المهمة خلال العام الماضي 2021، كان أبرزها اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والقمة الخليجية في السعودية، والعديد من الاجتماعات الأخرى، وربما بدا عدم التمازج هذا جليا بعد ثورات الربيع العربي، حيث بدأت دول عربية في التفكك وصولا لضربها بالإرهاب، ما أدى لانهيار أوضاعها الاقتصادية والإنسانية، وهنا اختلفت الرؤى بين الدول الأعضاء في الجامعة حول معالجة قضايا المنطقة، ما أدى لحدوث تباين في المواقف الخاصة بقرارات الجامعة العربية حول الأزمات الراهنة في الوطن العربي.