غلطة الشاطر بمليار دولار

خطأ المليار دولار والتأمين ضد الهجمات السيبرانية فقبل عدة أيام حكمت محكمة نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية في قضية شائكة استمرت لبضع لسنوات بين شركة تصنيع الأدوية الأمريكية Merck وشركة التأمين Ace American الحكم جاء لصالح شركة الأدوية، والمحكمة وجدت شركة التأمين ملزمة بدفع التعويضات التي تزيد عن مليار دولار. 

في عام 2017، تعرضت شركة الأدوية Merck لهجوم سيبراني علي مستوي ضخم كان عبر فيروس فدية اسمه NotPetya، ودمر حينها البيانات على 30 ألف جهاز مستخدم بالإضافة إلى 7500 خادما احتاجت الشركة إلى أشهر عده لاستكمال عملها بوتيرة طبيعية أو شبه طبيعية، وقدرت الشركة الخسائر الإجمالية بنحو مليار وأربعمائة مليون دولارا. 

كان الهجوم في أساسه كان بسبب الخلافات بين روسيا وأوكرانيا، وصممه الروس لاستهداف المنشآت والمصالح الأوكرانية شركة Merck كان لديها بعض الخوادم في أوكرانيا. أصيبت به الخوادم هناك، وانتقل عبر شبكتها من جهاز إلى آخر، ومن بلد إلى آخر، حتى انتهى به المقام في مقرها الرئيسي في أمريكا، وتعطلت الشركة. 

عندما انتهت فترة الهجوم السيبراني وأتت فكرة تقليص الخسائر، توجهت شركة Merck إلى شركة التأمين مطالبة بالتعويضات كان هناك عقد تأمين فعال ضد حوادث خسائر البيانات بقيمة 1.75 مليار دولارا شركة التأمين رفضت دفع التعويضات، بحجة أن الهجوم السيبراني كان جزءا من استهداف روسيا لأوكرانيا في العقد كان هناك بند يستثني التعويضات في حالة الحرب Act of War. بمعنى إذا كانت العارض بسبب حالة حرب، عقد التأمين لا ينطبق، وهنا برز الخلاف بين الشركتين توجهت شركة الأدوية للمحكمة ورفعت قضية مطالبة بالتعويضات، ومدعية أن الهجوم لم يكن منظما من دولة ما ضد أمريكا، وعليه بند الحرب لا ينطبق. 

 الدليل الذي التي رجح دفه شركة الأدوية على شركة التأمين هي في صلبها خلل لغوي التقطه المحامون. بند حالة الحرب لم يشر صراحة لحوادث الهجمات السيبرانية، وكان مصاغا بدقة ليشمل الحروب العسكرية الاعتيادية المحكمة وجدت شركة الأدوية محقة في ادعائها شركة التأمين كان لديها القدرة لتعديل البند لغويا، ولم تفعل وبالتالي ما حدث غير مشمول، وشركة التأمين ملزمة بالتعويض. 

هذه الهجمة كان لها تداعيات عالمية في سوق التأمين. من لحظة ظهور الخلل في وسائل الإعلام وقبل صدور الحكم، بدأت مختلف شركات التأمين في تعديل بند حالة الحرب ليكون شاملا للحروب التقليدية والحروب السيبرانية على حد سواء.

الموضع برمته يلقي بظلاله على سوق التأمين بشكل خاص، وعلى مختلف الأعمال بشكل عام نماذج الأعمال التي ما زالت تعتمد على الفكر التقليدي تواجه اليوم تحديات وجودية لا يمكن لذي عقل نكرانها شركة التأمين احتفظت بالفكر التقليدي نفسه، وبالصياغة التقليدية نفسها لسنوات طوال كانت تمتلك الأدوات لتغييرها وتطويرها انسجاما مع التغييرات العالمية، ولم تفعل تجاهلت التغيير، وفضلت البقاء على حالها في لحظة ما، وجدت نفسها مطالبة ومضطرة بأمر القانون للدفع غاليا جراء هجمة سيبرانية ضخمة استهدفت أحد عملائها وهذا الدرس كان ثمنه مليار دولارا أو يزيد، والنجاة منه كان متاحا في وقت ما بإضافة بضع كلمات أو سطور ربما لا أكثر.

اعتقد بالمستقبل القريب سيتم شن قوانين ولوائح عده تتعلق بالتأمين ضد الهجمات السيبرانية وكذا تغليظ عقوبة تلك الهجمات.