ياسر رزق يروي شهادته الأخيرة (1): مبارك لم يتخلَّ عن السلطة بإرادته.. وملف سري للغاية رسم سيناريو 2011
لم يمهل القدر الكاتب الصحفي الكبير الراحل ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم السابق، ليكمل شهادته عن مصر التي عاش فيها، والأحداث التي اقترب منها أكثر من غيره، فمؤخرًا أصدر رزق كتاب سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص، وهو الجزء الأول من ثلاثية الجمهورية الثانية، التي كان يعكف على كتابتها قبل وفاته والتي تدور في مرحلة زمنية فارقة بداية من مقدمات ثورة الخامس والعشرين من يناير التي يرى رزق أنها أسقطت الجمهورية الأولى في مصر بعدما بدأت في 18 يونيو 1953، بعد سيطرة الضباط الأحرار على مقاليد السلطة في مصر ونهاية أسرة محمد علي، والتي امتدت لأكثر من مائة وخمسين عامًا.
في الجزء الأول من الثلاثية يرصد رزق مرحلة الانتقال الأولى، حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة دولة، وصفها أنها كانت تترنح بفعل رياح ثورة، وعواصف إقليم، ومخططات قوى كبرى، أرادت تغيير خريطة المنطقة بحراب أبنائها قائلًا: أقدم شهادتي عن تلك المرحلة الحرجة، التي انتهت بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب كانت عصمة أمره بيد جماعة اختزل فيها الشعب، فاقتاد البلاد نحو طريق الهلاك أكتب عن وقائع عشتها، وكنت شاهدة عليها، أثناء عام حكم الإخوان لمصر، وربما أتاحت لي الظروف أن أرقب عن كثب، شرر الغضب الشعبي منذ بدأ يبرق، حتى تحول إلى حريق هائل، قوض نظام المرشد في ثورة كبرى لم يعرف التاريخ العالمي المعاصر لها مثيلا.
ويتابع رزق: أكشف أسرار بطولات رجال، وتفاصيل أدوار شخصيات فيما بين الثورتين، وما بعد ثورة يونيو الكبرى، وأعرض مفارقات أقدار كانت ذروتها حينما خرجت الناس تنادي ببطل شعبي حاكما ينقذ البلاد وينهض بالأمة، حتى استجاب البطل لنداء الجماهير، وترشح وفاز وأدى اليمين، ليشرع في مهمته الوطنية مستعينا بالله والشعب.
وداعًا فارس القلم.. الحزن يخيّم على الصحفيين بأخبار اليوم عقب وفاة الكاتب الكبير ياسر رزق | بث مباشر
يتكون كتاب سنوات الغضب والخلاص لرزق من فصول سبع تمثل سردًا يرى كاتبه أنه يميل إلى الموضوعية أكثر من الحيادية التي لم يدَّعِها، خصوصًا أنها تتناول أسرار ومواقف وقرارات كانت هي كواليس كل ما جرى في مصر تبدأ من الفصل الأول سقوط الجمهورية الأولى إلى الانتقالية الأولى وعمود الخيمة وجمهورية السراب وبداية النهاية، وإسقاط جمهورية السراب، ورجل الأقدار وأخيرًا طريق السيسي إلى الاتحادية.
سقوط الجمهورية الأولى: الشعب والجيش والتوريث -البركان ينفجر - اليوم الأخير ومقدماته
في فصله الأول من الكتاب ينطلق ياسر رزق من نهاية الأيام الثمانية عشرة التي قامت خلالها ثورة الخامس والعشرين من يناير ملخصًا جملة مطالبها التي تصاعدت تدريجيا بداية من المطالبة برحيل وزير الداخلية إلى إقالة الحكومة قبل أن تصل قمتها لتصل إلى المطالبة برحيل رأس السلطة في مصر محمد حسني مبارك ونظامه وهو ما حدث بالفعل.
يفاجئ رزق القارئ في توصيفه لرحيل مبارك عن السلطة، مؤكدًا أنه لم يتخل طواعية عن السلطة أو يتنحى بناء على وازع داخلي أو بخاطره، وكذلك لم يكن رحيله كذلك إذعانا لقرار من الجيش، ولكن كان رحيله في منزلة بين المنزلتين الذي لم تكن الثورة خارج توقعات قيادته العامة أو لرأس المؤسسة العسكرية المشير محمد حسين طنطاوي، والذي كان متهيئا هو وقادة الجيش لقرار التنحي قبل نحو 10 أيام من صدوره.
وفاة الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق
ويتطرق الفصل الأول إلى كواليس الأيام التي أعقبت قرار التنحي من صالون مكتب مدير المخابرات آنذاك اللواء عبد الفتاح السيسي، الذي كان بروزه بين ضباط القوات المسلحة لافتًا للمشير طنطاوي، وبالتالي لم يفاجئه تقدير الموقف الذي قدمه له تحت عنوان سري للغاية راسمًا سيناريو موسعا لما سيحدث في مصر خلال العام 2011.
الانتقالية الأولى وعمود الخيمة: المشير واليوم التالي- اللقاء الأول 4+4- عواصف الانتقال
في فصله الثاني يتحدث زرق عن أيام المصريين الذين لم يعرفوا لهم رئيسا لأكثر من ربع قرن سوى محمد حسني مبارك، ورؤية المشير طنطاوي الذي بات ليلة قلقة بعد أن تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وهو الذي قال للمقربين منه إن مبارك ألقى في حجره جمرة من نار، عندما سلم السلطة إلى المجلس الأعلى، رافضًا تسليمها لنائبه بسبب الكيميا بين الرجلين.