“الدولار أمام الجنيه”.. انخفاض موسمي أم حقيقي؟
27 قرشا قيمة تراجع الدولار أمام الجنيه المصري، ليحقق الأحد الماضي 27 يناير، أكبر معدلات انخفاضه أمام الجنيه المصري في الشهور الأخيرة، التراجع الذي تزامن مع عدد من القرارات والبيانات سواء من مصر على لسان محافظ البنك المركزي طارق عامر، أو مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء من جهة، أو كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولي من جهة آخرى، ليطرح تساؤلات ما إذا كان هذا التراجع موسمي مرتبط بحدث، أم دائم يبنى عليه أحداث أخرى.
وبنظرة أوسع، فإنه في منتصف نوفمبر من العام الماضي 2018، قرر محافظ البنك المركزي طارق عامر إلغاء آلية تدبير النقد الأجنبي، الآلية التي اعتبرها كثيرون مؤشرا على فتح الباب أمام تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، إلا أن البنك المركزي في نفس القرار التزام بتدبير النقد الأجنبي وضمان تحويل أموال الأجانب إلى الخارج، ويقتصر هذا الضمان على أموال الأجانب التي يتم استثمارها بشكل حصري في أسهم البورصة المصرية وأذون وسندات الخزانة.
أهمية قرار المركزي في انخفاض الدولار
فشكل القرار على عكس المتوقع، ارتفاع في حجم التدفق الدولاري إلى البنك المركزي، عن طريق بيع السندات في الخزانة المصرية وأذون الدين لصالح المستثمرين الأجانب والتي ترغب الحكومة المصرية في زيادة استثماراتهم في مصر خاصة مع بداية سنوات صرف الديون المستحقة على مصر بعد عام 2011، وأولها العام الحالي 2019 حيث يستوجب على مصر صرف 500 مليون دولار، في الوقت الذي تصل فيه قيمة الاستثمار الأجنبي مليار دولار ومستهدف وصوله إلى 5،8 مليار دولار في منتصف 2019.
تعرف على عوامل أدت لتراجع سعر الدولار بالبنوك اليوم
حسب الدكتور وليد جاب الله الخبير في الشأن الاقتصادي والمصرفي، فإن هناك العديد من الأسباب الموضوعية الداخلية والخارجية التي تتحكم في سعر صرف الدولار ولكن كان من أهم أسباب استقرار سعر الصرف في الفترة الماضية هو وجود آلية خاصة لتنظيم تحويلات المستثمرين الأجانب دخولا وخروجا، ومع تحسن الأوضاع الاقتصادية وتوافر الدولار ألغى البنك المركزي تلك الآلية وتوقع محافظ البنك المركزي في تصريح لوكالة بلومبرج أن يترتب على ذلك زيادة مساحة حركة الدولار صعودا وهبوطا وهو ما فسره البعض أنه تمهيد لصعود الدولار، وما حدث كان العكس حيث أن إلغاء الآلية ترتب عليه زيادة المعروض بالبنوك لينخفض سعر الدولار مما خلق حالة ارتباك للراغبين في المضاربة.
“الشعبة” تعترف: حملة “خليها تصدي” أثرت على أسعار السيارات
الأمر ذاته لا يبتعد عن حملات شعبية ضد شراء السلع الجمركية وعلى رأسها السيارات، وبالتالي ساهم الأمر في نقص الطلب على العملة الأجنبية “الدولار” بالشكل الذي أدى إلى انخفاضها في السوق النقدي المصري، ولا ينفصل تأثيره على حالة الركود الكبيرة في عمليات الشراء والبيع، خاصة وأن عوامل الدفع والطلب من أهم العوامل التي يتحدد عليها ارتفاع أو انخفاض عملة الدولار.
طارق عامر محافظ البنك المركزي خلال مقابلة مع وكالة بلومبرج، الثلاثاء الماضي، قال إن سعر صرف الجنيه قد يشهد تحركًا بشكل أكبر في الفترة المقبلة، وذلك بعد إنهاء العمل بآلية ضمان تحويل أموال الأجانب.
وأكد عامر في تصريحاته أن المركزي ملتزم بضمان وجود سوق صرف حر خاضع لقوى العرض والطلب، عازيًا استقرار أسعار الصرف خلال الفترة الماضية إلى تحسن في الحساب الجاري، بسبب زيادة التحويلات، والسياحة والصادرات، والتحسن في التصنيف الائتماني لمصر.
هل تتراجع أسعار السلع بانخفاض الدولار؟
حسب الخبير الاقتصادي وليد جاب الله، أن سعر الصرف في الفترة القادمة سوف يشهد تذبذب صعودا وهبوطا لكنه لن يكون بصورة كبيرة ولن يسمح البنك المركزي بالمضاربة على الدولار في ظل وجود احتياطي يتجاوز 40 مليار دولار وزيادة في إيرادات قناة السويس وزيادة في تحويلات المصريين من الخارج وزيادة في إيرادات الصادرات والسياحة.
السيسى عن برنامج الإصلاح الاقتصادى: “مصرين على أننا نخلصه للأجيال القادمة” (فيديو)
الزيادة التي طالت كافة السلع والخدمات الرئيسية في مصر، جاءت في أعقاب زيادة وصلت إلى الضعف تقريبا في قيمة الدولار والذي ارتفع من حوالي 10 جنيها في نوفمبر 2016، إلى قرابة 20 جنيه بعد قرار البنك المركزي تعويم سعر الجنيه المصري للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، بينما لا يمكن في الوقت نفسه أن تتراجع أسعار هذه السلع بانخفاض للعملة لم تصل قيمته “جنيه واحد” في السوق النقدية.
تصريحات إيجابية
صباح الجمعة 25 يناير 2019 كان له مكانة خاصة، وذلك بعد شهادة بتصريحات لمديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، تحتفي فيها بقوة الاقتصاد المصري، وتؤكد منح الثقة لصرف الشريحة الخامسة من قيمة قرض صندوق النقد الدولي لمصر.
وقالت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد أنه منذ أن شرعت مصر في برنامجها للإصلاح الاقتصادي الطموح في 2016، وهي تحقق تقدمًا كبيرًا يُدلل على نجاحها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، كما أصبح معدل النمو من أعلى المعدلات المسجلة في المنطقة، كما يسير عجز الميزانية في اتجاه هبوطي، والتضخم في طريقه لبلوغ الهدف الذي حدده البنك المركزي مع نهاية 2019، وكذلك انخفضت البطالة إلى 10% تقريبًا، وهو أدنى معدل بلغته منذ عام 2011، وتم التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية.