السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

إلى صديقي

الجمعة 28/يناير/2022 - 04:10 م

• الكاتبة الصحفية الأمريكية "إليزابيث جاوين" بتحكي إنها كانت بتحب رياضة الغوص وفي يوم ما صدقت إنه أجازة والميه كانت دافية والهوا ماكنش شديد؛ لقت إنها فرصة مناسبة عشان تنزل تغوص... طلبت من جوزها ييجى معاها رفض عشان عايز يأنتخ في يوم أجازته... صممت تروح لوحدها... راحت... ركبت مركب غوص ونزلت في وسط البحر... بعد ما فات وقت وهي بتغوص على عمق أربعين قدم لوحدها جالها شد عضلي في بطنها!.. حست بـألم قوى جدًا شل حركتها.. اللي بيعرفوا يغوصوا عارفين إن الشد العضلي ممكن تكون نتيجته الغرق.. بصت على الساعة وفهمت إن الأكسجين قرب يخلص.. حاولت تفك أسطوانة الأكسجين من على ضهرها عشان تخفف وزنها وتـقب على وش الميه.. ماقدرتش.. حاولت تدلك بطنها بهدوء وبالراحة بس مافيش فايدة.. ماعرفتش عشان بدلة الغطس ماخلتهاش توصل للعضلات المشدودة.. بتقول إنها في اللحظة دي شافت الموت بعينها وقالت لنفسها جملة: (يا ربي لا يمكن أن أموت بتلك الطريقة).. فجأة حست بـحركة وحاجة خبطت فيها تحت باطها الشمال.. جالها رعب وهي بتقول أكيد ده قرش.. بصت شافت عيون!.. بتقول: (هي أجمل عين يمكن أن يراها أحد، شعرت أن هذه العيون تبتسم لي!).. بتقول عرفت إنه دولفين ولما شافته عرفت إنها خلاص في أمان.. الدولفين كان بيزُقها ببوزه من تحت باطها لفوق بقوة وكأنه قاصد.. خلّي إيدها تستقر فوق ضهره فـ اتشعبطت فيه.. شوية بشوية فضل يزق فيها لحد ما وصلها لسطح الميه ورفعت راسها وبدأت تتنفس.. اتلفتت حواليها واكتشفت إنها كانت بعيد عن مكان المركب.. الدولفين بعدها استمر يزقها لحد ما وصلها منطقة مياة ضحلة قريبة من الشاطئ رغم إن ده يعتبر خطر عليه لأنه لازم يكون في مكان عميق!..  وصلت ورجلها لمست الأرض وراحت زقته عشان يدخل لـجوه ناحية الميه العميقة تاني.. بس هو فضل يتنطط ويعمل أصوات.. بتقول: (حاولت دفعه بكل قوتي حتى يعود لكنه كان مصممُا على التواجد حتى يطمئن تمامًا علي!).. نتيجة الأصوات اللي بيعملها لقت 5 دلافين تانيين جم وعملوا دايرة حوالين الدولفين وكانوا بيتنططوا معاه!.. حست ببهجة من منظرهم اللي كأنه كان بيديها دعم وطمأنينة حقيقين.. خلعت الأسطوانة ونزلت تعوم وتلعب معاهم.. "إليزابيث" في نهاية تعقيبها على قصتها اللي كتبتها في باب القصص الإنسانية في جريدة نيويورك تايمز وتم ترجمتها لعدة كتب بكذا لغة بتقول: (أعظم هبة قد يمنحك الله إياها هي صديق، وأسرع استجابة من الله لدعاء منك عندما تطلب أن يهبك صديق).

• عمري ما سافرت بورسعيد قبل كدة إلا مرة واحدة في 2009 -(بقوا 3 مرات بعد التاريخ ده)-.. عملت زيارة لواحد صاحبي اسمه "ميدو العتّال" اتعرفت عليه على الشات لمدة 5 سنين قبلها.. ورغم إن سنه صغير وقتها 22 سنة لكن كان ليل نهار يكلمني عن إنجازاته في المحل بتاع الملابس اللي بيشتغل فيه وإزاي قدر يترقى من مجرد شيّال عنده 14 سنة لحد ما بقى هو اللي بيدير المحل وبيمسك الخزنة لما صاحب المكان بيغيب.. كتير كان بـيلح عليا أسافرله بورسعيد (لو عايز تشتري هدوم تعالى وأنا هظبطك من المحل اللي بشتغل فيه، إحنا عندنا حاجات مستوردة جاية من بره مش بنطلعها إلا للحبايب وهكرمك في السعر، تعالى أنت بس ومالكش دعوة بأي حاجة).. جاتلي سفرية مهمة وكنت فعلًا محتاج أجيب لبس جديد فقلت هسافرله وهطب عليه فجأة.. بالسؤال والبحث والمرمطة قدرت أوصل لعنوان المحل.. كنت متأكد إني هعرفه من شكل صورة البروفايل وفاهم إني هدخل هلاقيه قاعد متربع على المكتب بقى.. دخلت المحل لقيته بالفانلة الحمالات ومشمر البنطلون وبيمسح!.. قلت فُل أكيد كان بيرسم نفسه عليا فبلاش أحرجه واتعاملت عادي.. شافني فعرفني وسلم عليا بصدق وود حقيقي واستأذني يكمّل شغل وهيبقى معايا.. خلص مسح وترويق للمحل ولبس قميصه وظبط بنطلونه وهدومه وقعدنا دردشنا.. طول القعدة هو حاسسني مش على طبيعتي معاه ومقفول منه وفيه سؤال ناطط على ملامح وشي دون ما أقوله: (كدبت عليا ليه يا عم؟!).. هو حس.. فقرر يشيل الحرج ويحكيلي.. قال: (شكلك متاخد مني يا تامر؛ طب بُص يا صاحبي).. بدأ يشرح.. عرفت منه إن الولد العامل المسئول عن مسح المحل اضطر يغيب عشان أمه عيانة وأنه اتصل بصاحب المحل يستأذنه فصاحب المحل مارضيش يديله أجازة وحلف إنه لو جه ولقى المحل مش متنضف هيمشيه.. "ميدو" اتصدر في الحوار وكلم صاحب المحل وحاول يقنعه يسمح للواد يغيب اليوم ده برضو الراجل مارضيش.. فـمن ورا صاحب المحل ميدو إدى إذن للواد يغيب وقرر إن هو اللي ينضف المحل بنفسه واتصل بصاحب المحل وقاله الواد جه ونضف واتصل بالواد وقاله صاحب المحل سمح لك بـأجازة نصف يوم بس.. لما سألته: طب ليه قلت للواد نصف يوم مش يوم كامل؟ قالي: (خليك ناصح يا تيمو؛ عشان ييجي هنا وأديله أي فلوس يمشّي بيها حاله ليكون محتاجها ما هو أنا مش هقدر أسيب المحل لوحده).. لقاني باصص له بـانبهار وقلتله: أنت عظيم والله يا ميدو.. قال فـي بساطة: (يا عم صلي، صاحبي يا جدع، الله! كلت معاه عيش وملح خلاص يبقى صاحبي، ده عهد مافيهوش فلسعة يا عمنا).

• الظابط طبيب "جون مانسُر" بيحكي إن في منتصف السبعينيات وفي خلال حرب فيتنام فيه قذائف هاون متتالية وقعت على مدرسة أطفال في قرية صغيرة هناك وجابت كل المدرسة على الأرض... أغلب الأطفال ماتوا ومافضلش غير كام طفل أعمارهم مش أكتر من 8 سنين... وقتها تم استدعاء فريق طبي من الصليب الأحمر على رأسه الطبيب "جون" عشان يحاولوا ينقذوا ما يمكن إنقاذه من أرواح الأطفال.. وصل الفريق الطبي لمكان الحادثة. لقوا من ضمن التلاميذ المصابين بنت اسمها "كاتي" كانت روحها بين الحياة والموت.. فهموا إنها محتاجة نقل دم بسرعة.. بكشف سريع اكتشفوا إن ولا واحد من الفريق الطبي فصيلة دمه تتناسب مع البنت. بالشكل ده البنت هتموت.. الدكتور "جون" بص لـلعيال بتوع المدرسة اللي لسه عايشين ولأنه مابيفهمش فيتنامي اضطر يتكلم بالإشارة معاهم وقالهم إن" كاتي" هتموت لو ماحدش اتبرع لها بالدم.. العيال الصغيرين فضلوا مترددين وفجأة ولد رفيع ووشه ممصوص رفع إيده وقال: (أنا).. عرفوا إن اسمه "هِنج".. بسرعة قعدوه على كرسي وربطوا دراعه بأنبوبة عشان يلاقوا العِرق بتاعه ويبدأوا نقل الدم.. "هِنج" أول ما دخلوا الإبرة في دراعه صرخ صرخة مرعبة.. الدكتور بص له وسأله: (هل تؤلمك؟).. الولد هز رأسه بالنفي وهو بيعض على شفايفه وبيشاور للدكتور إنه يكمل!.. الدكتور كمل سحب الدم وبعدها بـلحظة "هِنج" صرخ تاني وحط إيده على وشه برعب!.. الدكتور بص له تاني ووقف السحب وسأله تانى: (هل تؤلمك؟). الولد رد: (لا). الدكتور كمل سحب الدم وهو مش فاهم الولد ماله.. "هِنج" كل كام ثانية كان بيصرخ وبيعض على شفايفه ولما يسألوه يشاورلهم يكملوا ولا كإن فيه حاجة..!  في اللحظة دي وصلت للمكان ممرضة فيتنامية ولما شافت توتر "هِنج" اتكلمت معاه بالفيتنامي بسرعة عشان تفهم فيه إيه.. فهمت كان بيصرخ وبيبكي ليه؛ بصّت للدكتور وقالتله: (كان يظن أنه سيموت، فقد كان يعتقد أنه سيتبرع بدمه كله لكي تعيش "كاتى").. الدكتور سأل الممرضة: (لكن ما الذي جعله يُقدم على هذا العمل من الأساس إن كان متأكد أنه سيموت؟). الممرضة سألت السؤال لـ "هِنج  فـرد عليها ببساطة وتعجب: (إنها صديقتي!).

• الحياة مستحيلة دون صديق.. مش صعبة حتى لكن مستحيلة.. الصداقة لما بتدخل في أى علاقة بتخليها أقوى وأمتن.. من أجمل الأوصاف اللي اختصرت أكتر من معنى للصديق هي الجملة اللي بتقول: (أنت صديقي وصدقي وصندوقي وصبري وصوابي وصبحي وصفائي وصمتي وصمودي وصلحي وصلاحي وإصلاحي).. لو ضمنت إنك لقيت صديق كلبش فيه بإيديك وسنانك لأنك مش هتكون عايز كتير بعد كده من الدنيا.. الأصدقاء هما شركاء الهلس والتهييس والمواقف الصعبة وبراميل الجدعنة وولاد الأصول. 

تابع مواقعنا