تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة فالتراود بيتون أرملة رأفت الهجان.. وسبب وفاتها | انفراد
غيب الموت فالتراود بيتون، أرملة الجاسوس المصري الشهير رفعت الجمال - رأفت الهجان - عن عمر ناهز 80 عامًا، بعد أزمة صحية ذهبت على إثرها للمستشفى لتموت هناك.
مصدر مقرب من الأسرة كشف لـ القاهرة 24، أن فالتراود بيتون عانت من أمراض بالقلب في آخر سنوات عمرها، وتعرضت لأكثر من وعكة صحية.
ولفت المصدر إلى أن أرملة رأفت الهجان أصيبت بإعياء شديد العام الماضي، ما جعلها في وضع صحي حرج، وظلت تُعالج بالمنزل حتى ساءت حالتها الصحية.
وأضاف أن نجل فالتراود بيتون ورأفت الهجان، دانيال، ترك عمله ليتفرغ لرعاية والدته المريضة، ولكن تم نقلها للمستشفى وظلت بها حتى توفيت في أغسطس 2021.
قصة حب فالتراود بيتون ورأفت الهجان
فالتراود بيتون جمعتها قصة حب مع رفعت الجمال - رأفت الهجان - وكان أول لقاء بينهما في أحد فنادق فرانكفورت في سهرة حضراها معًا، وبعد انتهاء السهرة أوصلها إلى المنزل وقال لها إنه سيسافر إلى فيينا لمدة 10 أيام وعليها أن تفكر خلال تلك الفترة في الزواج، وقالت فالتراود إنها كانت مصدومة من عرض الزواج بعد أول لقاء، وخلال الـ10 أيام لم تتمكن إلا من الحصول على معلومة واحدة فقط عن الهجان متعلقة باسم شركة السياحة التي يملكها في تل أبيب باسم جاك بيتون.
اقرأ أيضًا
“مقدم” أم “عميد”.. “ضابط” أم “وكيل”؟ محمود السيسي وأوجه الحقيقة الغائبة (انفراد بالتفاصيل)
نجل السيسي يسيطر على الجهاز والمخابرات تمنع المصالحة مع قطر وهالة السعيد تطيح بمدبولي.. كيف صنع "العربي الجديد" موضوعات كاذبة لمدة عام كامل؟
وفي كتاب «18 عامًا خداعًا لإسرائيل.. قصة الجاسوس المصري»، الذي نشرته فالتراود بيتون لتروي فيه جانب من مذكرات رفعت الجمال وشهادتها، تحكي عن بداية علاقتهما: قال لي إن اسمه جاك بيتون، ولن أنسى ما حييت كيف قال لي ذلك. كان في صوته سلطان واعتزاز وثقة، شأنه في ذلك شأن كل شيء يقوم به. كان جاك يدخن بشراهة، ودون أن يضيع وقتا أخذ يسألني عن كل التفاصيل المتعلقة بي، وكنت أجد مشكلة في إدراك معاني الجمل بدقة لأن إنجليزیتي كانت ضعيفة فلم أدرسها سوى في المدرسة الثانوية، غير أنه كان يفهم جيدا ما كنت أريد قوله. وعرف كل شيء عن حياتي وعملي وأسرتي وابنتي. كان نموذجًا للسيد المهذب الودود رقيق الحاشية، خفيض الصوت الذي لا يفقد أعصابه أو يتوتر لأي سبب. وكانت الطريقة التي يعالج بها الأمور بسهولة ويسر وهدوء تؤكد أنه متمرس ومحنك وصاحب تجارب، وحريص على مشاعر الآخرين.
واستكملت: لم يمض وقت طويل في صحبته حتى كنت أعيد التفكير في كل ما كان عقلي الشاب يعتقد أنه يعرفه. كان جاك يتحدث بطلاقة وبساطة في حين بدوت وكأن لساني قد ألجم. كان على راحته مع كل شيء حوله، وكنت أشعر تجاهه بأني تلميذة في مدرسة. وأحسب أنني وجدت نفسي مدفوعة لكي أفضى له وهو الإنسان الغريب عني، تمامًا، بكل قصة حياتي خلال أول ساعتين من اللقاء، وشعرت بالراحة بعدها.
وفاة أرملة رأفت الهجان
وأردفت: كان الليل ساحرًا، وكذلك كان هو بل كان أشد سحرًا. أعرف أننا أكلنا معًا، ولكنني لا أذكر ماذا أكلنا. أعرف أنه كان طعامًا شهيًا لأنهم قالوا إنه مطعم متميز، لكني لم أر شيئا آخر غير عينيه. وددت لو أنهما بقيتا أمامي إلى الأبد، لكن كان لزامًا عليّ أن أرحل. وحين قلت لجاك إن ثمة مسؤولية على عاتقي في البيت عمرها ثلاث سنوات، كان مثالًا للرجل المهذب في أكمل صورة، وأقلني في سيارة أجرة إلى البيت.
واسترجعت فالتراود فقالت: كنا نسكن في شقة جميلة في حي هادئ في شمال فرانكفورت في شارع تحفُّه أشجار الكستناء وأوصلني جاك إلى باب البيت، وقال إنه سيسافر في الصباح إلى فيينا في رحلة تمتد عشرة أيام. ثم أردف قائلا: عند عودتي سوف أتزوجك. قال عبارته المباغتة هذه، واستدار منصرفا بسرعة ليعود إلى سيارة الأجرة التي انطلقت به قبل أن أعي ما قاله. وعقب هذه الليلة الجميلة قلت في نفسي إنه مجرد رجل مهزار، وأيقنت أن هذه هي آخر مرة أراه فيها. دلفت إلى داخل البيت وفي ظني أنني سأبقى وحدي، غير أن أمي كانت تنتظرني. قالت إنها مستيقظة لأن أندريا لم تنم. غير أن ظني انصرف إلى غير ذلك. أعدت لي القهوة ونحو مائة سؤال. حكيت لها عن أحداث الليلة، وبدت سعيدة لما أرويه إلى أن ذكرت لها ما حدث أمام باب البيت، فاستشاطت غضبا على نحو مفاجئ. وانقلب جاك عندها من الرجل المهذب الساحر إلى ملك للعربدة وانعدام المسؤولية. وأخبرتني أنني غير مهيأة لكي آخذ أمرًا من هذا القبيل مأخذًا جادًا، وكيف أننا لا نعرف بعضنا، وأن واجبها أن تنبهني إلى خطئي وأنا في أول الطريق. وقلت لها إنني واثقة من أنني لن أراه ثانية، وأنه ربما قصد بذلك المزاح ليس إلا. وهدّأ هذا من روعها كثيرا مما ساعدني على أن آوي إلى فراشي.
يهودي فرنسي ولد في المنصورة
وتابعت أرملة الهجان: طوال حياتنا كانت بدافع الحب لي ولأولادي. فقد قدم جاك نفسه إليّ، وإلى كل من عرفتهم باعتباره يهوديًا فرنسيًا ولد في المنصورة عاصمة إحدى محافظات مصر في يوم 23 أغسطس 1919. وقال إن أباه كان رجل أعمال فرنسيًّا عمل في مصر، وتزوج من امرأة مصرية ولدت له ابنين. كان جاك هو الأكبر أما روبرت الأخ الأصغر فقد انتحر. وبعد وفاة أم جاك، تزوج أبوه للمرة الثانية من امرأة فرنسية، ومن ثم أصبحت حياة جاك في البيت غير مريحة مع أختيه من زوجة أبيه، وآثر الهرب. كانت تلك هي القصة التي صدقناها دائما. لكني اكتشفت فور وفاته أن كل ذلك لم يكن حقيقيًا. فبعد وفاة جاك في نهاية مرضه العضال الذي لازمه زمنًا طويلًا، اتصلنا بأصدقائه لإبلاغهم بوفاته. وعم الحزن الجميع رغم أننا كنا جميعًا نعرف أن هذا هو المصير الذي ينتظره، نظرًا لإصابته بداء السرطان القاضي على الحياة. غير أن صديقًا واحدًا بدا أكثر انزعاجًا مما كنا نتوقع، هو محمد الجمال، الذي ركب سيارته فور انتهاء المكالمة التليفونية معه، وخلال فترة وجيزة سمعته يدق جرس الباب. ووسط المشهد الحزين أخبرني بأن جاك بيتون هو عمه رفعت الجمال.
وأشارت إلى أن محمد الجمال قد لازمهم طوال مرض جاك. كان يأتي ويذهب باستمرار، ويجلس معه ساعات طويلة، يثرثران باللغة العربية، متابعة: ولم أر في ذلك غضاضة، فقد كان جاك مريضًا ويسعده أن يتحدث إلى شخص ما باللغة العربية، وكان ذلك يرضيني. وقبل ذلك كان محمد قد بقي معنا في البيت عندما جاء لألمانيا لأول مرة، وعاش معنا لفترة باعتباره ابن استاذه ومدرسه السابق، حتى هيأنا له وظيفة في مستشفى ماينز الجامعي كطبيب، وعندها انتقل من عندنا ليعيش في ماينز. والآن، وبعد كل هذا، أستطيع أن أقرأ الرسالة التي تركها لي جاك وتسلمتها بعد 3 سنوات من وفاته، بعينين جامدتين خاليتين من الدموع.
رسالة رأفت الهجان الأخيرة لزوجته
وجاءت الرسالة التي تركها جاك بيتون - رفعت الجمال - إلى زوجته كالتالي: حبيبتي فالتراود.. عندما تقرئين هذه الكلمات سيكون قد مضى بالفعل وقت طويل منذ أن تركتكم. ربما تكونين الآن قادرة على قبول الحقائق بطريقة أفضل. لقد أخبركم محمد بأنني لست الإنسان الذي كنتم تعتقدون أنني هو. سوف تسألين لماذا لم أثق بك. ولماذا لم أقل لك الحقيقة وأنا على قيد الحياة. أعرف قسوة الألم الذي تشعرين به عندما تكتشفين أنني كذبت عليك. أكاد أرى عينيك الخضراوين وقد غامتا. فهكذا كانتا دائمًا إذا ما استعرت نار الغضب في داخلك. أعرف أنك ستبذلين المستحيل لاكتشاف الحقيقة كاملة، وإنك إذا بحثت عن الحقيقة فسوف تهتدين إليها. وكل ما أستطيع أن أقوله لك سطرته في المذكرات المرفقة. لن تقدري أبدا مدى ما كنت أعانيه من عذاب بسبب كذبة دائمة اضطررت أن أعيشها. أرجوك لا تستبِقي الحكم. فأنت تعرفين أنني لم أحب أحدًا أبدًا أكثر منك. وإذا ما تهيأ لك أن تمعني التفكير في مذكراتي، وإذا ما فهمتِها، وفهمتِني فإنني أرجو أن تخبري طفلينا أندريا ودانيال بالحقيقة. القرار لك، وأعرف أنك ستفعلين الصواب. هذا ما وددت أن أفضي به إليك، لا تحزني، وتذكري أن حياتك وحياة طفلينا رهن باستمرارك قوية أبدًا. امض في حياتك، الحياة التي تحدثنا عنها معا عندما كنت هناك. لا تستمعي إلى كلام الآخرين ولا تثقي بهم. ثقي كل الثقة بحدسك ومواهبك الفطرية إنك إنسانة قوية، وسوف تحققين كل أهدافك. وإذا أردت أن تبلغي أهدافك، فعليك أن تقاتلي من أجل الحصول على حقك، وأنت تعرفين كيف تفعلين ذلك. حظًا سعيدًا وحياة هانئة. وستبقين دائمًا حبيبة عمري. المخلص أبدًا جاك.