باب الأم.. قصيدة جديدة للشاعر محمود سباق
محمود سباق هو شاعر مصري من مواليد البحيرة 1983، حصل عدة جوائز منها جائزة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2018 عن ديوان محاولة لاستصلاح العالم، وجائزة الاتحاد العالمي للشعراء عن ديوان أوراق الجنوب والشمال.
للشاعر محمود سباق العديد من الدواوين الشعرية منها كان الوقت تأخر، عن دار المحروسة للنشر والتوزيع 2010، وأبناء القطط السوداء، عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة 2017، ومحاولة لاستصلاح العالم عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2018، وأوراق الجنوب والشمال عن الاتحاد العالمي للشعراء 2019.
وله تحت الطبع دواوين: النهر.. شعر وموسيقى، وغرام الغابة وقصائد أخرى، واللون والكلمة والنغم.. دراسات في الفن والتلقي.
ما كُنتُ أحْسَبُنِي غَرِيبًا أو وَحِيدا
لِتَزُجَّ بي يَدُهُمْ وتُبقِينِي بَعِيدا
قالوا كلامًا طَعمُهُ عَسَلٌ ونَظْرَتُهُمْ
تُقَطِّعُنِي وتأكُلُنِي ثَرِيدا
وأتَتْ عليَّ الرِّيحُ، ضاقَتْ بي دِيارٌ
أخرَجُوني مِنْ حَوَائِطِها طَرِيدا
وعَضَّنِي ذِئبُ اللَّيالِي، هاجَمَتْ رُوحِي
جُيُوشٌ كَيْ أضِلَّ وكيْ أَحِيدا
وتَلاعَبَتْ بِي كَأسُها الدُّنْيا
وأغْرَتْنِي وأنْسَتْنِي الوَصَايَا والبَرِيدا
وَتَرَكْتُ يا أمِّي بِلَادِي رَاغِمًا
وبَقِيتُ في نَفْسِي وفي ظَنِّي شَرِيدا
وَسَارَ بِي شَغَفِي ولمّ أحمِلْ مَعِي
إلا دُعَاءَكِ أنْ أُصَانَ وأنْ أعُودا
مِنْ بَيتِكِ المَعمُورِ يَأتِينِي النِّدَاءُ
وَيُوقِظُ الأحلامَ والزَْمَنَ البَعِيدا
ويعيدُ لي قلبي الجسورَ وصُورتي الأولَى
ويُرجِعُني مُدَلَّلَكِ الوَلِيدا
ويصُبُّ لي شايَ الصباحِ ويَقْتَفِي أثَرِي
لِيَحرُسَني ويَمْنَحُنِي المَزِيدا
يحكي ويبْسَمُ لي ويَمَسَحُ خَاطِري
مِنْ دَمْعَتَينِ ويَغْزِلُ الحَظَّ السَّعِيدا
وبه أمرُّ على الصِّعابِ أهُدُّها
وأقِيمُ لَفْظِي مُرهَفًا حُرًّا شَدِيدا
مِنْ لَيْلَتَيْنِ أتَى يُعَاتِبُنِي على هَجرِي
وكانَ الصَّوتُ مُتَّئِدا وَئِيدا
ويقولُ لي: ما أنتَ ماذا تَبتَغِي؟!
قلتُ: احتِضَانَكِ مَرَّةً، وَصْلًا جَدِيدا
ما كانَ مِنِّي كانَ مِنِّي فاسْمَحِي
لي أنْ ازورَكِ في الخَيَالِ فَتًى مُرِيدا
_ أظَلَمْتَ بِنْتَ النَّاسِ؟
_ لَمْ أقْصِدْ غُلُوًا في الوِصَالِ ولمْ أكُنْ فيها زَهِيدا
وأصَابَنِي مِنْ فِتْنَةِ الإشْرَاقِ
ما أغْرَي الجَنُوبِيَّ الذي هَجَرَ الصَّعِيدا
في البَدءِ كانَ أبي ووَحْشَتُهُ
وكنتِ النورَ والرُّوحَ الشهيِّةَ والوُعُودا
وكنتِ حينَ تَعَلَّمَ الأسْماءَ تُمْلِينِي
رسائِلَ بَوْحُهَا يُبْكِي الوَرِيدَا
الأرضُ لا تَسَعُ المحبَّ وبيتُنا
من دون حسِّكَ عازمٌ ألا يجودا
وأنا وإخْوَتِيَ الحَمَائِمُ
لا نملُّ حكايةً تصفُ الأمِيرَةَ والعَبيدا
ونَقُولُ زِيدِينا فثَمَّةَ قِصَّةٌ
عنْ شُرفَةٍ انْتَظَرَتْ سُدًى قَمَرًا عَنِيدا
أوَكان يأتي لو يعود به الزمانُ
يُعِيدُ أعيُنَها سَنًا ويُقِيمُ عِيدَا
فَغَدِي وحاضريَ المُدانُ بهاجسِ الذكرى
وأمسي ممكنٌ يبدو أكيدا
إنْ كنتُ عَرَّتني المعاولُ والرياحُ
فإنَّ جذعي ثابتٌ أصلًا وَتِيدا.