الأحد 22 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بين المشاكل الأسرية وحلول الطلاق.. هل يمكن لدورات تأهيل المقبلين على الزواج أن تقلص حالات الطلاق في مصر؟

القاهرة 24
تقارير وتحقيقات
الأربعاء 02/فبراير/2022 - 08:22 م

خاضت مها (اسم مستعار) تجربتي زواج في مراحل عمرية مختلفة وظروف كل زيجة لا تشبه الأخرى، الزواج الأول كان صالونات بفترة خطوبة لم تتجاوز 6 أشهر، وعُقد القران بعد تخرجها من الجامعة مباشرة، صغر سنها ورغبة أهلها في إتمام الزواج ومدة خطوبة قصيرة لم تمكنها من التعرف الجيد على شخصية الزوج الحقيقية.

تغاضى والد مها عن الفارق المادي الكبير بينه وبين زوج ابنته، بل واشترى له شقة الزوجية، بعد فترة اكتشفت مها أن الزوج عنده ديون متراكمة، أخذ أموالها وباع ذهبها لسداد ديونه، إضافة لتعديه عليها بالضرب والإهانات.

25 حالة طلاق في الساعة

مها واحدة من آلاف المصريات اللائي يُطلقن سنويا، فقد سجلت أعداد حالات الطلاق عام 2020 وفق النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق الصادرة في أغسطس 2021 عن الجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء إلى 220 ألف حالة طلاق، لتكون عدد حالات الطلاق لكل ساعة 25.3 حالة.

وسجلت المرحلة العمرية (من 30 إلى أقل من 35) أعلى نسبة طلاق، بمقدار 20.4% بين الرجال و18.2% بين الإناث، وأعلى نسبة طلاق كانت في السنة الأولى من الزواج بنسبة 11.6%، ويعد الطلاق نتيجة للخلع هو السبب الأول في أحكام الطلاق النهائية حيث بلغ 7065 حكم طلاق بنسبة 87.4%، يليه الطلاق نتيجة للإيذاء.

لذلك تصاعدت مطالبات بضرورة عقد دورات تأهيلية إلزامية للمقبلين على الزواج لتقديم التوعية الثقافية والاجتماعية، ولا يتم تحرير وثيقة الزواج إلا بعد اجتيازها، كان آخرها داخل مجلس الشيوخ، من قبل الدكتورة نيفين الأنطواني، عضو المجلس، مؤكدة أن تطبيق الاقتراح سيساعد في حل عديد من مشكلات الزواج منها معرفة عمر الطرفين ما سيمنع زواج القاصرات، إضافة لإعداد المقبلين على الزواج نفسيًا واجتماعيًا وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الصحة الإنجابية.

وعن مدى جدوى تطبيق هذه الدورات، وهل يمكنها أن تساعد فعليا في علاج أزمة تصاعد وارتفاع حالات الطلاق داخل المجتمع المصري، تحدثنا مع بعض الخبراء لاستبيان الأمر.  

 

الانسجام أساسي قبل الإقدام على الزواج

 يقول دكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إنه قبل الإقدام على الزواج يجب معرفة نوع وطبيعة شخصية الطرف الأخر والتأكد من أن الطرفان ينسجمان مع بعضهم، إضافة لفهم ماهية الزواج وإدراكهم للأعباء الاقتصادية والنفسية التي تصاحبه.

يضيف أن هذا الدعم يقدم من قبل أخصائي نفسي واجتماعي من خلال منهج يقدمه لهم، ويساعدهم من خلال قدرته على توصيل المعلومة لإدراك طرق التواصل والتفاهم، وتنبيهم للأخطاء والعيوب في كل الطرف والتأكد من تقبلهم أو عدم تقبله لهم.

وأوضح أن الحديث عن تقديم الدعم والمشورة النفسية للمقبلين على الزواج صعب تطبيقه في الواقع، لعدم وعي أغلب الناس بأهميته، وإذا تم إلزامهم بتنفيذه أو حضور جلسات دعم نفسي سيكون حضورهم شكليًا فقط، لذا يجب توجيه وعي الأفراد بدور المشورة والدعم من قبل المتخصصين.

طلب زوج مها منها أن تبيع الشقة، فرفضت لأنها المكان الوحيد الذي يحميها هي وأبنائها الثلاثة، وقررت أن تلجأ لرفع "قضية خلع" ووقتها لم تكن مرت مدة طويلة على ظهور قانون الخلع، لكن الزوج وافق على الطلاق بعيدًا عن الخلع شرط التنازل عن كافة حقوقها، واختفى عن حياتها وحياة أولاده وتولت مها ووالدتها رعاية الأطفال ماديًا ومعنويًا.

 

الزواج الثاني 

وبعد سنوات وحين وجدت مها  أطفالها قادرين على رعاية أنفسهم قررت أن تعد الماجستير، وأثناء عملها على الرسالة التقت بشخص اخر وطلب منها الزواج، رفضت في البداية وخاصة بعد معرفتها بأنه متزوج، لكنه أكد لها أن زوجته مريضة وعلاقته بها مقتصره على مساعدتها وافقت مع إصراره وتواصله مع والداتها وشعورها بحبه لها.

في تلك الزيجة أصرت مها على أن تضع شروطها قبل الزواج، منها حقوقها المادية كتوفير مسكن وشبكة ومهر، وتأكيدها على رغبتها في الاستمرار في العمل وإعداد الدكتوراه وأنها وافقت على الزواج منه من أجل أن يكونوا داعمين لبعدهم.

لم ترغب مها أن تكون فترة الخطوبة طويلة احترامًا لأبنائها، وأثناء تلك الفترة وجدته شخص حريص على الصلاة في أوقاتها فاعتقدت أن ذلك معناه أنه زوج صالح، ورغم ظنها بأن وضعها لشروط وبنود اتفاقا عليها قبل الزواج سيساعد الزيجة على النجاح، إلا أنها وجدت عكس ما ظنته فكما وصفته أنه "شخصية نرجسية" لم يفعل شيء طوال مدة الزواج سوى محاولة تحطيمها وهدم طموحها، لا يبدالها المشاعر والعواطف ويهمل الحياة الجنسية، يخطئ في اسمها ويناديها باسم زوجته ويأخذ قررت بالصمت الطويل لمعاقبتها.

لم تخف مها من إنهاء زواجها الثاني والذي نتج عنه ابنة، بل وصفت نفسها أنها في تلك المرة كانت "أقوى" من قبل، فابتعدت عنه ولم ترد على رسائله وهددته بعدم رؤيته لابنته إلا إذا طلقها وأعطاها المؤخر.

 

تحديد شكل الحياة الزوجية يبدأ من الخطوبة

ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، أن فترة الخطوبة يجب ألا تقل عن عام أو عام ونصف، يضع فيها الطرفان بروتكول لشكل الحياة بعد الزواج يتضمن الأمور المالية والعلاقة مع الأهل والعمل إضافة لتوضيح كل طرف لرغباته وعدد الأطفال الذين يرغبون في إنجابهم، ويتم أيضًا في فترة الخطوبة اختبار ردود أفعال الطرف الاخر والتدقيق في تصرفاته مع المحيطين به من أهل وأصدقاء.

وتؤكد أن وضع نقاط لتقريب وجهات النظر خلال هذه الفترة مهم، ولا يجب الانتظار حتى تحدث مشكلة، وإهمال هذا الأمر قد يؤدي في المستقبل للطلاق وتشتيت شمل الأسرة، موضحة أن الزواج قبل سن الثلاثين هو الأفضل ليسهل تطبعهم بطباع بعضهم، لكن وصولهم سن الثلاثين دون زاوج يعني أن كل طرف قام ببناء حياته بشكل ونسق معين لا يسهل فيه أن يشاركه شخص آخر، مشيرة إلى أن تأهيل الشباب قبل الزواج يكون عن طريق الأهل من خلال نصائح بسيطة يوجهوها لهم، إضافة أن الانسان يتعلم من خلال التقليد فالعلاقة الإيجابية بين الأب والأم تساعد الشباب على إدراك كيف يكون الزواج صحي، وهو أيضًا يتعلم من النماذج الموجودة حوله فإذا رأى نموذج سلبي سيتعلم ويتفادى أخطاءه.

وأوضحت أن المسئولية الأكبر تقع على الإعلام والفن من خلال تقديمهم لنماذج لعلاقات أسرية سليمة، والابتعاد عن تقديم السلبيات فقط سيساعد الشباب في بناء أسرة صحية، ولا يعني ذلك أن يتم إيهام الشباب بعدم وجود مشكلات ففي النهاية هما شخصان مختلفان عن بعض فبالتأكيد سيواجهم عراقيل.

 

دورات تأهيل الشباب للزواج

من جانبها، أطلقت وزارة التضامن، خلال 2019، برنامج مودة، مستهدفة الشباب من سن 18 إلى 25 عامًا وتهدف من خلال البرنامج لتزويد المقبلين على الزواج بالتأهيل النفسي والاجتماعي الكافي لتشكيل الأسرة وحل أي خلافات محتملة.

وفي منتدى شباب العالم 2019 أطلق رئيس الجمهورية المنصة الالكترونية للبرنامج، وفقا لما أعلنته وزيرة التضامن وصل عدد مستخدمي المنصة في عامها الأول 3 مليون و400 ألف شاب وفتاة.

ونظمت دار الإفتاء أول دورة تأهيلية عام 2014 وهدفت من إطلاق تلك الدورات إلى إرشاد وتأهيل الشباب لمهارات الحياة الزوجية وكيفية مواجهة مشكلات وضغوط الحياة، يقدم الدورة مدربين في علم النفس والشريعة والاجتماع والصحة الإنجابية والتطوير الحياتي، وسعر الدورة التي تقدمها الدار 80 جنيهًا مصريًا.

 واستحدثت عام 2021 إدارة الإرشاد الزواجي وتطلق من خلال الصفحة الخاصة بها كل ثلاثاء بث مباشر مع أساتذة في علم النفس والاجتماع يتم فيه فتح نقاش حول أبرز المشكلات الزوجية وكيفية مواجهتها.

ووجه المجمع المقدس في يونيو 2016، بتوحيد منهج معتمد كنسيا لاستخراج شهادات الدورات اللازمة لإتمام الزواج وبدء العمل بها إجباريًا من بداية يوليو 2017، ووفقًا لما هو مذكور على موقع معهد المشورة الأرثوذكسي بالمعادي أن الدورة تساعد الشباب على فهم أهداف فترة الخطوبة وتأهيلهم نفسيًا لفترة جديدة من المسئوليات، ولا يتم الحصول على الشهادة إلا بعد اجتياز الامتحان في نهاية الدورة، وسعرها كما ذكره الموقع 200 جنيهًا.

 

لحماية مستقبل الأسرة.. مقترحات بإلزامية الدورات التأهيلية

تقدمت دكتورة دينا هلالي، عضو مجلس الشيوخ، العام الماضي بمقترح للمجلس تطالب بتطبيق الكشف النفسي على المقبلين للزواج، ويكون الكشف من خلال أماكن تابعة لوزارة الصحة كالأمانة العامة للصحة النفسية، ويتم تشكيل لجنة لفحص المتقدمين للتأكد من خلو الطرفين من أي أمراض نفسية أو عصبية مشددة على أنه لن يتم الزواج إلا بعد علاج الحالة المصابة، مؤكدة أن اقتراحها يحمي الأسرة خاصة مع وجود أمراض نفسية وراثية مثل الاضطراب ثنائي القطب والاضطراب الكتئابي الحاد والفصام.

وخلال اجتماع لجنة الصحة بمجلس الشيوخ مطلع العام الجاري طالبت الدكتورة نيفين الأنطواني، عضو المجلس، بعقد دورات تأهيلية إلزامية للمقبلين على الزواج لتقديم التوعية الثقافية والاجتماعية، ولا يتم تحرير وثيقة الزواج إلا بعد اجتيازها.

أكدت أن تطبيق الاقتراح سيساعد في حل عديد من مشكلات الزواج منها معرفة عمر الطرفين ما سيمنع زواج القاصرات، إضافة لإعداد المقبلين على الزواج نفسيًا واجتماعيًا وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الصحة الإنجابية.

وضعت مها شروطها في عقد موثق بوجود محامي وشاهدين حتى تضمن تنفيذ زوجها للشروط، كان منها كيف سيرى ابنته، ترى مها أن الوعي والتأهيل قبل الزواج ومعرفة أسباب اختيار الشخص أمر مهم لكن تبقى أمور خافية لا تظهر سوى بالمعاشرة، فالشخصية "النرجسية" لا تظهر إلا من خلال التعامل القريب.

ابنة مها الكبرى تمت خطبتها، فوجهت مها نصيحة لها أن تهتم بإشراك خطيبها في حياتها وتعطي له الأمان وتتناقش معه في رغباتها وطموحاتها للحياة بعد الزواج وتراقب رد فعله، وأن تبتعد عن التمثيل أو الاهتمام فقط بالمظهر الخارجي حتى تظهر شخصيته الحقيقية.

تابع مواقعنا