الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الصحة أجّلت الجراحات غير العاجلة.. هل يفاقم فيروس كورونا ظاهرة نقص أسرّة العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية؟

عملية جراحية- أرشيفية
تقارير وتحقيقات
عملية جراحية- أرشيفية
الإثنين 14/فبراير/2022 - 11:01 م

"يا جماعة أنا أخويا بيموت ومحتاج عناية مركزة، يا ريت لو في ناس تعرف حد في مستشفيات حكومية يتواصل معايا".. ملخص استغاثة نشرها شخص يدعى مروان محمد، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لإسعاف أخيه الأًصغر عبدالرحمن صاحب الـ 19 عاما، بعدما عجز عن توفير سرير فارغ بغرف العناية المركزة في المستشفيات الحكومية، وذلك إثر تعرضه لحادث سير 29 يناير الماضي.

كان عبدالرحمن يركب دراجة نارية "موتوسيكل" واصطدم بسيارة نقل تسير عكس الاتجاه على المحور، وتسبب الحادث في إصابة عبدالرحمن بعدة كسور وإصابات في المخ وقاع الجمجمة والعمود الفقري والحوض والفكين، مع إصابات مضاعفة في قدمه ويده الشمال ونزيف في المخ والجيوب الأنفية والأذن، إضافة لبعض الإصابات القطعية في الوجه، ونقص العناية المركزة يعرض عبدالرحمن للوفاة. 

 

32 % نسبة العجز في غرف العناية المركزة

عبدالرحمن واحد من المصريين الذين يعانون من نقص غرف العناية المركزة داخل المستشفيات، فوفقا لتقرير صادر عن نقابة الأطباء خلال 2020، فإن نسبة العجز في أسرة العنايات المركزة بلغت 32%، حيث يتوافر في مصر 132 ألف سرير عناية مركزة، بما يعادل سرير واحد لكل 813 مواطنا.

وأعلن النائب محمد عبدالعليم داوود عضو مجلس النواب، عبر مداخلة هاتفية ببرنامج "حديث القاهرة"، أنه لا يوجد غرف عناية مركزة كافية لتغطية حاجة المرضى، والغرف الموجودة لا تلبي سوى 5% فقط من حالات المرضى التي تتطلب عناية مركزة، موضحا أن الموت يسبق كثير من المرضى قبل تحديد موعدا لإجراء العمليات والجراحات اللازمة لإنقاذ حياتهم، فـ50% من الحالات تتوفى قبل إجراء الجراحات المطلوبة، وطالب بإطلاق مشروع قومي لتوفير غرف عناية مركزة كافية للمصريين.

فور علم مروان بوقوع حادث سير لشقيقه مروان، اتصل فورًا على الإسعاف التي نقلت شقيقه إلى مستشفى زايد التخصصي، ولم يعثر داخله على سرير واحد فارغ في غرفة العناية المركزة، لذا نقل عبد الرحمن  الفاقد للوعي إثر حالته الحرجة من عربة الإسعاف إلى سرير بغرفة الاستقبال بقسم الطوارئ، ولعدم قدرته على التنفس وضع له أنبوية أكسجين حنجرية يدوية تعمل عن الطريق الضغط اليدوي عليها، لذلك تناوب مروان الأخ الأكبر ووالده الأدوار لمدة 3 أيام متتالية للضغط اليدوي، كي لا يختنق عبدالرحمن.

 

إسعاف يدوي لمختلف الحالات

ولم يُسعف عبد الرحمن بيوم الحادث بعد دخوله مستشفى زايد التخصصي إلا بأنبوبة أكسجين يدوية، ولم يتعامل الأطباء مع كسوره المتعددة بأنحاء جسمه كله، وظلت جروحه تنزف إلى اليوم التالي الموافق 30 يناير 2022، حيث جاء طبيب ليُلم الجروح والقطع بوجهه حتى لا تتوفى الألياف، ما قد يتسبب في إصابته بشلل، ولم يتحدد له موعدا لدخول غرفة العمليات.

"الحقو أخويا بيموت" أجهد مروان من مناهدة أطباء زايد التخصصي لإيجاد سرير فارغ بغرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات الحكومية، لان ظروفه المادية التي لا تسمح له أن يُدخل شقيقه غرفة عناية مركزة في مستشفى خاص، ولكن لم يجد جوابا من الأطباء إلا "ملناش علاقة"، واستمر عبدالرحمن في رحلة بحثه عن سرير فارغ بإحدى غرف العناية المركزة في مستشفى حكومي. 

تقرير طبي عن حالة عبدالرحمن 

 

إِشغال العناية المركزة يزيد احتمالية الوفاة لـ92%

كما ذكر موقع ميدريكسف الطبي MedRxiv، نقلا عن دراسات علمية حديثة، أن امتلاء جميع أسرة العناية المركزة بالمستشفى يزيد من خطر الوفاة بنسبة 92% للمرضى، وأن كلما قلت كثافة المستشفى ونسبة امتلاء أسرة غرف العناية المركزة قلت نسبة احتمال وفاة المرضى.

من جانبه أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن نسبة الوفيات في النصف الأول من 2021 ارتفعت لتبلغ 31.3% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019، ووفقا للإحصائيات الجهاز المركزي فإن 49818 شخصا توفوا أول 6 أشهر من عام 2021.

 

عدم وجود طبيب مرافق 

اليأس واللامبالاة التي لاقاها مروان، جعلته يلجأ لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أملا في إيجاد سرير فارغ بإحدى غرف العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، إلا أن استغاثته لم تلق استجابة، ولكن تحركاته الدائمة وتنقله بين المستشفيات جعلته يجد سريرا فارغا بمستشفى وادي النطرون، 31 يناير الماضي، أي بعد3  أيام من الحادث، وما يزال أخيه الأصغر بغرف الطوارئ دون إسعاف رغم إفادة تقرير مستشفى زايد التخصصي يوم 29 يناير-يوم الحادثة- بأن المريض يحتاج إلى حجز بالرعاية المركزة، وخلال ذلك اتصلت مستشفى وداي النطرون لتبلغ أسرته بانشغال السرير بمريض آخر، إلا أن مروان اتصل بأحد المعارف ليتوسط له لدخول المستشفى، وتمكن من ذلك أخيرا.

لكن كان الحائل بين ذلك لزوم وجود طبيب مرافق مع عبدالرحمن خلال انتقاله، وذلك في ظل رفض أي طبيب من زايد التخصصي أن يرافق المريض.

مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء نشر مقالا، يناير 2021، يتضمن آراء العاملين في مجال الصحة يفيد بأن زيادة الضغوطات على الفريق الطبي تؤدي إلى تقديم مستوى أقل من الرعاية للجميع، بما في ذلك المرضى الأكثر حرجا، وهو ما يمكن أن يزيد من احتمالية وفاة هذه الحالات. 

ما حدث مع عبدالرحمن يتنافى مع تعليمات وزارة الصحة والسكان فيما يتعلق بالتعامل مع أقسام الطوارئ والإسعاف، والتي تحمل الطبيب المعالج مسئولية توفير مكان للمريض بإحدى المستشفيات الحكومية، حال عدم توفر سرير داخل المستشفى، وذلك بعد استقرار حالته الصحية، عن طريق الاتصال برقم 137 لتنسيق نقل المريض لمستشفى آخر عن طريق سيارة الإسعاف، وتقع مسئولية استقبال وعلاج مصابي الحوادث بشكل مباشر على مدير المستشفى ومدير قسم الطوارئ به.

انتقلت سيارة الإسعاف خلال يوم نقل عبدالرحمن من مستشفى زايد التخصصي إلى مستشفى وادي النطرون العام 3 مرات، لعدم وجود طبيب يرافق عبدالرحمن، ما اضطر أسرة الرحمن إلى اللجوء لطبيب خاص ليرافق شقيقه نظير 5 آلاف جنيه، وانتقل عبد الرحمن عبر الإسعاف ويرافقه الطبيب الخاص إلى مستشفى وادي النطرون التي رفضت وجود مرافق معه وطلبت من أسرته المغادرة، ليستيقظوا على مكالمة باليوم التالي في تمام الـ10.30 صباحا من المستشفى بوفاة عبدالرحمن.

تقرير طبي لنقل عبدالرحمن 

 

تزايد الاستغاثات عبر فيسبوك 

بخلاف استغاثة مروان وجدنا العديد من الاستغاثات المنشورة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تستنجد لتوفير سرير فارغ بغرفة عناية مركزة داخل المستشفيات الحكومية، وذلك أمثال "بالله عليكم عايز عناية مركزة في إسكندرية ضروري مش لاقي"، "عايز عناية مركزة لوالدي بالله عليكم"، "محتاج عناية مركزة ضروري لخالي حالة كورونا متأخرة"،"عاوزة عناية مركزة ضروري لطفل بأي سعر حد يقدر يساعدني"، وغيرها من الاستغاثات التي لا نعرف هل وجدوا السرير المفقود الذي يبحث عنه كثيرون بغرف العناية المركزة نتيجة العجز الذي تعاني منه المستشفيات الحكومية أم لم يجدوه وساءت حالتهم.

 

 

برلماني يطالب بإطلاق مشروع قومي لتوفير غرف عناية مركزة 

من جانبه قال النائب محمد عبدالعليم داوود، إن كثيرًا من الاستغاثات تصله بحثا عن مكان في غرف العناية المركزة الحكومية، وأقوم بالتواصل مع مدراء المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية إلا أنني لا أجد استجابة إلا بمعدل لا يزيد عن 50%، والبسطاء إذا دفعت كل ما تملكه واستدانت أيضا لن يكفوا ليلتين أو ثلاثة بغرف العناية المركزة الخاصة، مضيفا أن المرضى والحالات الحرجة مثل الحوادث والأزمات القلبية تأخد دورًا في طابور طويل جدا لإجراء العمليات، وعندما يأتي دوره يكون أمر الله قد نفذ وانتهى وفارق الحياة، وذلك لأن الساعة والدقيقة والثانية تفرق في عمر الإنسان وتحدده مصيره 

وأوضح لـ القاهرة 24، أن السبب وراء ذلك يعود لعدم وجود موازنة محترمة من وزارة الصحة للمستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية، ولا يوجد تنسيق بين المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية ومديريات الصحة بكل محافظة، متابعا: هناك حالات حرجة ترفض المستشفيات قبولها لعدم وجود إمكانيات واستعدادات كافية، ولعدم توفر عنايات مركزة وحضانات للأطفال بها.

واقترح تأسيس مشروع قومي لوضع بنية أساسية لتوفير غرف عناية مركزة كافية للمرضى، لإنهاء هذه الأزمة وإنهاء قوائم الانتظار، وتوفر البنية الأساسية للعنايات المركزة يأتي بالتعاون مع وزارة الإسكان ووزارة الصحة.

 

كورنا تزيد نسب إشغال غرف العناية المركزة 

من جانبه أعلن الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، القائم بأعمال وزير الصحة والسكان، يناير الماضي، أن زيادة أعداد مرضى فيروس كورونا المستجد أدت إلى ارتفاع نسبة إشغال الرعاية المركزة بأغلب مستشفيات القاهرة بنسبة 70%.

وقرر عبدالغفار تأجيل جميع التدخلات غير الطارئة التي لا يؤثر تأجيلها على المرضى، ولا يسبب مضاعفات لمدة أسبوعين من تاريخ التأجيل، وأمر بزيادة عدد أسرة القسم الداخلي وأسرة الرعاية المركزة المخصصة لمرضى فيروس كورونا المستجد إلى 50% من إجمالي عدد الأسرة كحد أدنى ويمكن زيادة النسبة طبقا لعدد الحالات.

تابع مواقعنا