يسبب 15% من وفيات الأطفال.. ما العلاقة بين تلوث الهواء والالتهاب الرئوي؟
15.6 % من وفيات الأطفال الرضع خلال 2020 كانت بسبب الالتهاب الرئوي، بينما سجلت باقي أمراض الجهاز التنفسي 10.2%، وفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو الأمر الذي دفع عدد من الأطباء لدق ناقوس الخطر للتعامل مع هذا المرض وتلافي أسبابه، ومن بينها ارتفاع نسب التلوث وزيادة الجسيمات العالقة عن المسموح به عالميا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وحذر الدكتور عادل خطاب، أستاذ الصدر بكلية الطب جامعة عين شمس، عضو اللجنة العليا للفيروسات التنفسية، التابعة لوزارة التعليم العالي، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية Dmc، من ارتفاع نسب انتشار الالتهاب الرئوي في مصر وارتفاع الوفيات الناتجة عنه، والتي تتشر بشكل كبير بين الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
أما الخطر الأكبر للالتهاب الرئوي فيكمن في أنه إذا لم يُعالج بشكل صحيح يسبب الوفاة، وفقا للدكتور محمد جميل، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، ومضاعفاته وتأثيره يكون أكبر كلما قل عمر الطفل.
10 % من الوفيات سببها الالتهاب الرئوي
تقول الدكتورة يمنى شاهين، زميل الكلية البريطانية لطب الأطفال، إن الأطفال تحت سن 5 سنوات وخاصة الرضع هم الأكثر تأثرًا بإصابات الالتهاب الرئوي، مضيفة أن هناك انتشارًا لحالات الالتهاب رئوي بين الأطفال تلك الفترة بشكل واسع.
وذكرت دراسة لمنتدى الجمعيات الدولية للرعاية التنفسية، أن الالتهاب الرئوي من أكبر الأسباب لدخول الأفراد في قارة إفريقيا المستشفى ويؤدي لوفاة 1 من كل 10 أفراد، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج لتجنب الإصابة بالتهاب الرئة، منها الحصول على اللقاحات الخاصة بالمرض إضافة للابتعاد عن التلوث.
وتعد رئة الأطفال وخاصة تحت عمر 5 سنوات أكثر تأثرًا بالتلوث وفقا لمؤسسة الرئة البريطانية -وهي مؤسسة خيرية تهتم بأبحاث الرئتين- لأن المجاري الهوائية أصغر وما زالت في طور النمو إضافة إلى أن تنفسهم أسرع من البالغين، ويكون نتيجة استنشاقهم الهواء الملوث الإصابة بالسعال والكحة وارتفاع احتمالية الإصابة بالربو والالتهابات خاصة الالتهاب الرئوي.
التلوث أحد مسببات الالتهاب الرئوي
وقد أكدت يونيسيف أن استنشاق الهواء المحمل بالملوثات يؤدي لإصابة الجهاز التنفسي عند الأطفال ومنها التهاب الرئة، والذي اعتبره اليونيسف أحد المسببات الرئيسة لوفيات الأطفال دون سن الخامسة، حيث يؤدي لفقدان 2400 طفل حياتهم يوميًا وربطت اليونيسف بين الالتهاب الرئة وتلوث الهواء ونقص التغذية والمياه.
في القاهرة الكبرى التي تعد واحدة من أكبر المدن تلوثًا في العالم وفقا لعدة تقارير صادرة عن مؤسسات دولية، تم تصنيف جودة الهواء المحيط بأنه "غير صحي" في دراسة صادرة عن البنك الدولي 2020، ويعود تراجع جودة الهواء إلى ارتفاع نسب التلوث عن المسموح به دوليًا 20 ميكروجرام/متر مكعب والنسب المسموح بها محليًا 70ميكروجرام/ متر مكعب.
يذكر التقرير أن الانبعاثات في مصر تُنتج من عدة قطاعات أهمها النقل البري الذي يعد ثاني مصدر من مصادر الانبعاثات الكربونية، حيث يخرج منه ملوثات بنسبة 15% ينتج النقل العام ثلث تلك الانبعاثات، نصيب القاهرة الكبرى 40%، ويساهم في حوالي 90% من أكسيد الكربون الموجود في الهواء و50% من أكاسيد النيتروجين.
وترجع نسبة الانبعاثات الكبيرة من قطاع النقل نتيجة لاستهلاكه 3.5 مليون طن من السولار بنسبة 29% من إجمالي السولار المستخدم، وفق مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يحتوي السولار المصري على نسبة كبريت أكبر 100 مرة من النسب المسموح بها عالميًا وهو ما ذكرته ورقة سياسات المناطق منخفضة الانبعاثات الصادرة عن مؤسسة فريدريش إيبرت.
الهواء الملوث ينقل العدوى ويسبب التهابات شديدة
وتقول شاهين أن التعرض لعوادم السيارات والهواء المحمل بالمواد الكيميائية يؤدي للإصابة بالالتهاب الرئوي الذي يكون شديد للغاية، مضيفة أن التعرض للتلوث يضعف من وظائف الرئة ويجعلها ذات قابلية لتلقي العدوى البكتيرية أو الفيروسية التي تسبب التهاب الرئة، وازدياد حالات الإصابة بين الأطفال في الفترة الحالية يعود جزء كبير منها للتعرض للأتربة والهواء غير النظيف، بينما يرى جميل أن التلوث لا يسبب الالتهاب الرئوي بل يسبب حساسيات ويؤدي إلى ضيق شعب عند الاطفال، الالتهاب الرئوي هو ميكروب ينتقل عن طريق الأشخاص، والحساسية يمكن أن يتسبب عنها نقص أكسجين يتطلب دخول المستشفى، وهذه الأيام تنتشر الحساسية لأننا في موسم الشتاء، مضيفًا أنه لا يوجد أرقام حقيقية تحصي عدد الإصابات فأغلب الإحصائيات هي مجرد تنبؤات.
انبعاثات الكربون تخترق حاجز الرئة
وينتج عن احتراق الوقود الأحفوري وفق ما ورد في دراسة صادرة عن منظمة "غرينبيس" وهي منظمة غير حكومية مهتمة بقضايا البيئة والمناخ انبعاث أكاسيد النيتروجين وأكسيد الكبريت الذين يتفاعلان سويًا ويسببا مجموعة من الأمراض التي تصيب الإنسان جراء استنشاقها وهي أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الربو المتفاقمة والانسداد الرئوي المزمن وغيرها من الأمراض التنفسية، إضافة لتفاعلهم مع الجسيمات دقيقة الحجم وهي جسيمات سائلة في الجو تنتج عن تفاعل عدد من المركبات الكيميائية ويكون قطرها 10 ميكرومتر أو 2.5 ميكرو متر والأخيرة الأكثر خطورة نتيجة لدقة حجمها الذي يجعلها قادرة على اختراق حاجز الرئتين، وحذرت منظمة الصحة أن التعرض لتلك الجسيمات يؤدي للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والتهابات الجهاز التنفسي عند الأطفال والبالغين.
وينتج عن التعرض لتلك الجسيمات المنبعثة من احتراق الوقود الأحفوري استنادًا لمنظمة "جرينبيس" وفاة 40 ألف طفل حول العالم قبل سن الخامسة، ويقدر عدد هؤلاء الأطفال في الشرق الأوسط بنحو 865 طفلًا وتكون المخاطر مرتفعة بشكل كبير في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية عام 2016 إلى أن تلوث الهواء المحيط في المدن والمناطق الريفية، على السواء، تسبب في وقوع نحو 4.2 ملايين وفاة مبكرة سنويًا في العالم، وهو ما جاء نتيجة التعرض للجسيمات الصغيرة التي لا يتجاوز قطرها 2.5 ميكرومترات، والتي تسبب الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض السرطان.
وتجنب الإصابة بالالتهاب الرئوي يكون من خلال الابتعاد عن التلوث وهو الذي لا نستطيع القيام به وفق تعليمات دكتورة يمنى شاهين إضافة إلى ارتداء الكمامة وتجنب التعرض لدخان السجائر وعوادم السيارات والاهتمام بالتغذية السليمة لبناء جهاز مناعي قوي قادر على مواجهة المرض، وهي التوصيات التي وضعتها منظمة الصحة بجانب اقتصار أو 6 شهور في حياة الطفل على الرضاعة الطبيعية والحصول على التطعيم الخاص بالالتهاب الرئوي، وهو وفقًا لما صرح به خطاب يؤخذ مرة واحدة في العمر، وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري.
خطة الحكومة لخفض نسب التلوث
وقد اتخذت الحكومة عدة إجراءات لخفض معدل التلوث، وأعلنت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، خلال اجتماعها مع المهندس مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أنه تم العمل خلال العام الماضي على تحسين جودة الحياة والحد من التلوث حتى بلغت نسبة التقليل في أحمال التلوث من الأتربة الصدرية العالقة في الهواء داخل القاهرة الكبرى والدلتا إلى 25.5% في ديسمبر الماضي.
وأضافت فؤاد، أن الوزارة أنشئت 114 محطة لرصد نوعية الهواء المحيط، وربط 85 منشأة بالشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية من خلال 418 مدخنة بجانب فحص العادم لأكثر من 17 ألف مركبة على الطريق، ومن خلال تجميع ما يقرب من 99% من إجمال قش الأرز المتولد وتجميعه في 700 موقع لكبسه تم التجنب حوالي 25 ألف طن من ملوثات الهواء.