القصة الكاملة لإنقاذ طفل قبل ذبحه قربانًا لـ الجن لفتح مقبرة أثرية
يظل حلم العثور على كنز دربًا من دروب النفس البشرية قاطبةً، حلمًا جميلًا تحلم به الأغلبية مهما ساءت ظروفهم، لكن ما شهدته قرية الدميين التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية كان دلالةً وتأكيدًا على أن الثراء السريع ما هوَّ إلى حلم أزلي ورغبة مجنونة قد تدفع بأقذر ما في النفس البشرية إلى سطح الأحداث، وأن الطمع قد يدفع صاحبه إلى الاستعانة ذوي الدجل والشعوذة لأجل استدراج وذبح طفل جيرانه وتقديمه كـ قربان لفتح مقبرة أثرية زعمَّ الدجالين وجودها في القرية.
البداية تعود لأسبوعين وبضع ساعات؛ حين انتهت امتحانات الفصل الدراسي الأول للشهادة الإعدادية، وقتذاك وأثناء عودة الطفل محمود السيد منصور، كان رفقته زميله في المدرسة وجاره في القرية المدعو علاء، الذي يُماثل محمود ولكلٍ منهما خمسة عشر عامًا في الحياة، والغريب في الأمر كان إصرار علاء على اصطحاب زميله وجاره إلى مسكن أسرته، وهناك مرت الأحداث سريعة قبل أن تجلب أسرة علاء وجبة محشي لـ محمود، تبعها تقديم مياه وصفها الفتى بـ المعكرة التي تحتوي على أجزاء من ورق، تبع ذلك دخول الصغير في غفوة استمرت قرابة الساعتين، وبعدها أفاق ليجد طرحة نسائية تُغطي وجهه ورأسه بالكامل، عرف بعد ذلك أنها قد تكون السبب رفقة المياه التي تناولها في كل ما حدث من غرائب، بدأت جميعها فور عودته منزل أسرته ليلًا.
عاد محمود إلى منزل أسرته دون سترته (جاكت)، لكن ما جذب أنظار الجميع -خارج المنزل قبل أهله- أن الفتى كان آخذًا في الصياح على غير عادته، وما أن حان وقت النوم وخلد الطفل إلى سريره حتى فوجئت والدته به يُهذي بكلماتٍ غريبة لا تمت لسنه أو أسرته بصلة، بينها ما دفع بالقلق والرعب إلى قلب الجميع فيما بعدْ.
عبارات مُرعبة
هموت.. دولارات.. آثار.. المقبرة.. أخضر.. أحمر، كلمات من بين كثيرات متشابهاتٍ خرجت على لسان الطفل وهوَّ نائمًا لتثير قلق الأسرة، وبين هذا وذاك صراخ كان يشق صمت الليل ليبلُغ الصوت آذان الجيران ويُنذر بوجود كارثة باتت حديث الجميع صبيحة اليوم التالي حين أخذ محمود في الصراخ داخل مسجد القرية، بالتزامن مع رفع آذان صلاة الجمعة، وتبعَّ ذلك أمور اختلطت بين رفع يديه عاليًا ودعواته لمصر وأهلها بالخير وبين تبدل الحال وسباب وعبارات كانت على النقيض تمامًا، لكن بين رفع الآذان والإقامة استأذن الصغير والده وهرول دون أن يتلقى جوابًا في طريقه لجلب سترته من منزل الجيران (أسرة زميله علاء).
عاد الأب إلى منزله ليجد فتاة في حالةٍ يُرثى لها وقد بات محور حديث الجميع لما أصابه من تبدل في الأحوال وصراخه وما تفوه به داخل مسجد القرية، ليربط الوالد الأمور وتثير شكوكه اهتمام جيرانه برواية بدت وقتها غير مقنعة لكنه لم يعبأ حينذاك، ويتيقن أن ما تحدثت به جارتهم كريمة (والدة علاء) عن حدوث هلع لـ محمود فور سقوط بوابة حديد بمنزلها جراء رؤيته قط بعينٍ حمراء لم يكن سوى أكذوبة من أكاذيب بات نجله يدفع ثمنها تبدلًا في أحواله وما خفيَّ كان ألعن.
لجأ الأب إلى العديد من المشايخ -حسب حديث محمود ووالده ووالدته لـ القاهرة 24- أكدوا جميعًا على أن الطفل قد شرب مياهً تحتوي على طلاسم وتعاويذ وكان يُعد ليتم ذبح على باب مقبرة أثرية في القرية، فيما نوهَّ الأب بأن نجله لم يكُن طبيعيًا بالمرة خلال الفترة التي تلت ما تعرضت له؛ إذ كان لا يستحم ويتبول ويتبرز على نفسه، فضلًا عن دخوله دورة مياه المنزل لأجل غسل وجهه بالمياه الموجودة في قاعدة الحمام، بالإضافة إلى أنه كان يبصق في يده ويمسح بالبُصاق وجهه.
وصل الأمر إلى الأجهزة الأمنية في مركز شرطة فاقوس التابع لمديرية أمن الشرقية، في بلاغ رسمي حملَّ رقم 1258 إداري مركز شرطة فاقوس لسنة 2022، وتبع ذلك إلقاء رجال المباحث الجنائية القبض على المتهمين: مصطفى م ص ال، وزوجته كريمة أ ال، ونجلهما علاء، وشقيق الزوج إبراهيم، وبالعرض على جهات التحقيق بمركز شرطة فاقوس، أمرت بحبس الزوجين وشقيق الزوج على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل نجلهما كونه حدث، وعرض الطفل محمود على الطب الشرعي لبيان حالته.