حكاية ليلى حمادة مع قُبلة سعيد صالح التي آذتها وجعلتها تفكر بالاعتزال المُبكر
عاشت الفنانة ليلى حمادة نجمة "إمبراطورية ميم" حياة تميل إلى الهدوء، ولم تكن تحب الانخراط في العواصف والبراكين المتفاقمة بين فنانات جيلها أو الجيل الأكبر منها، اللائي كُنَّ يعتقدن أن كل فنانة شابة صاعدة جميلة الملامح وأدائها مقبول لدى الجمهور ستحل محلها، وألا يتسع الفن لجميع المواهب وأن لكل موهبة بصمتها الخاصة.
ولكن مرت ليلى حمادة بفترة لم تكن الأفضل في حياتها على الإطلاق، وعانت بها كثيرًا من الانتقادات اللاذعة في الشارع المصري، خاصةً بعد إرغامها في تلك الفترة على التعامل مع الشارع بحكم دراستها الجامعية، وجعلتها تلك الفترة تتخذ بضعة قرارت كانت مصيرية لها في مجال الفن، وأشبه بنقطة وقوف لها في حياتها لتحديد الخطوط الحمراء لديها في التمثيل فيما بعد.
انتقادات لاذعة في الجامعة
ففي عام 1974، كانت ليلى مازالت طالبة جامعية، تدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وتحديدًا بعد عرض فيلمها الجديد الذي حمل اسم “العذاب.. فوق شفاه تبتسم” مع الفنانة نجوى إبراهيم ومحمود ياسين وسعيد صالح، ولعبت خلاله دور فتاة تدعى فوقية، وفي إحدى المشاهد كان لها قُبلة مع سعيد صالح، فثار عليها زملاؤها الطلاب؛ وذلك لأنها شخصية مشهورة آن ذاك - بدأت عملها بالمجال الفني منذ عامها الخامس -، ولم يعتادوا عليا بتلك الشخصية من قبل في أعمالها.
وحسبما ذكرت مجلة الشبكة اللبنانية في حوار لها مع ليلى حمادة في نفس العام، أشارت إلى أنها لم تكن تمتلك سيارة خاصةً، وكان أمر حصولها على تاكسي يُسبب العديد من المشكلات لها، فتضطر لاستخدام الأتوبيس العام، فتعرضت للكثير من السخافات والمعاكسات إثر ذلك المشهد، ويتبعونها حتى باب الجامعة، وعندما تخطو أبواب الجامعة، تسمع أيضًا كلامًا جارحًا عن قبلتها، حتى أنها سمعت شابين تفوها بألفاظ آذت مشاعرها، فلم تتمالك نفسها وتوجهت لهما لتلقنهما درسًا في الأدب، موضحةً أن ما فعلته ما هو إلا عمل تؤديه فقط، بعدما أملى عليها المخرج أوامره، وأن للحرم الجامعي قدسيته ولا داعي للخروج عن الإطار الدراسي.
كواليس قبلتها مع سعيد صالح
وسردت ليلى كواليس ذاك المشهد، حيث طلبت من المخرج حسن الإمام أن يعفيها من تلك القُبلة التي ستسبب لها مشاكل لكونها طالبة جامعية وأنه لا داعي لها، فنهرها المخرج بصوت عالٍ وأصابها بالذعر واضطرت لتمثيل المشهد، مؤكدةً أنها بعد ذلك العمل آثرت عدم خوض تلك التجربة مرة أخرى، مشيرةً إلى أنها كانت طوال سنواتها في التمثيل محافظةً على عدم خلعها للملابس، وعدم ارتداء المايوه خوفًا من نظرات الناس وزملائها في الدراسة.
البطولة أو الاعتزال
وتمنت ليلى حمادة ألا يحصرها المخرجون في نطاقها الضيق التي تحلم بالخروج منه، ألا وهو دور السنيدة للبطل أو البطلة، واتخذت قرارًا حينها، بأن تمهل نفسها ولسوق العمل مهلة عامين، منتظرةً خلالهما دور البطولة الذي تحلم به، وإذا لم يتحقق، ستكون خلالها تخرجت في كلية السياسة والاقتصاد، وتقرر خلاله العمل بالسلك الدبلوماسي أو أي مجال آخر بعيدًا عن الفن، الذي لم يتحقق حلمها به التي كانت تصبو من أجل طوال عمرها منذ أن كانت طفلة.
فشل البطولة
ولكن الحظ لم يحالفها في خلال عامين، وتحلت بالصبر لأكثر من تلك المدة، حتى حصلت على فرصتها في عام 1979، ولعبت دور البطولة في فيلم “المغنواتي”، مع الفنانة سهير المرشدي وشكري سرحان، ولم يحالفها الحظ أيضًا فلم ينجح الفيلم ويحقق صدى واسعا كما توقعت، وأشار الجمهور إلى أنه إعادة تمثيل ونسخة ثانية من فيلم “حسن ونعيمة”، الأمر الذي أوقعها في مأزق كبير ومقارنة بينها وبين الفنانة سعاد حسني، حتى عقبت السندريلا على ذاك الفيلم، قائلةً: لا بد ألا تعاد الأفلام الكلاسيكية مرة أخرى، وإذ قرر المنتجين إعادتهم لا بد أن يبحثوا عن ممثلين على درجة كبيرة من الإتقان.
وعادت من بعده ليلى حمادة للأدوار الثانوية مرة أخرى، حتى تزوجت من رجل أعمال مصري من أصول إيطالية، واعتزلت التمثيل تنفيذا لرغبته، ولعله يأسًا منها أيضًا في عدم تحقيق حلمها الذي سعت إليه بكل ما أوتيت من قوة، ولعل شغفها وسنوات صباها التي أفنتها في المجال الفني، هو الأمر الذي دفعها للعودة للتمثيل من خلال الدراما والإذاعة مرة أخرى بعد قرار الاعتزال، حتى بداية القرن الواحد والعشرين.