أعلام الثقافة العربية.. الجاحظ شاعرًا وعالمًا
تعرفت الأمم منذ سالف الأزمان إلى يومنا هذا على الجاحظ الشاعر، الكاتب، الفيلسوف، الأديب، المؤرخ، وربما يطلقون عليه لقب العالم، وهو جدير بكل ذلك خصوصا لقب العالم لأن اتبع منهجًا علميًا روى على أساسه قواعد ثابتة في علومنا، وليست كلمة تطلقها ألسنتنا من باب إكبار صاحب الأدب أو الشعر.
أبو عثمان عمرو الجاحظ، البليغ الساحر، الذي لم يختلف على فصاحته أحد، حيث يعد من أبرز الرجال الذين أعطوا للفكر حقه، وللأدب مكانته، كذلك لم يختلف اثنان على أنه وضع مناهج علم الحيوان، وفكر ولاحظ واستبين فيه.
إلى جانب أن الجاحظ ساهم بأدبه وفكره في إثراء الفكر العربي، وجعله للأدب موضوعًا محددًا ومنهاجًا معينًا، واستطاعته أن يتخذ من كل ما يحيط به موضوعًا لأدبه وشعره وكلامه، وكون أسلوبه سريع الفهم، موجز لا يتخلله حشو، برز من بين كل السمات، العالم البارع، الواسع الإطلاع في جميع العلوم، الكاتب الموسوعي الذي استطاع أن يسخر تجارب من قبله أساسًا لرؤيته، ومقدمةً لعلمه الذي أفاد به الكون فيما بعد.
علم الحيوان بين أساسه وتنقيحه
ويُعرف الجاحظ عالمًا، من خلال كتاباته في علم الحيوان، ذاك العلم الذي ألف فيه الجاحظ كتابًا باسمه، ويعتبر موسوعة ثرية غنية بالمعطيات التي يريدها أي باحثٍ علمي أثناء إجراء تجاربه.
ولقد كان الجاحظ ذو سبقٍ في هذا المجال، ذلك أنه اخذ من علوم أسلافه وأضاف عليها وطور فيها، غير أنه قد توافرت فيه شروط الباحث العلمي، حيث كان دقيق الملاحظة، وحر الفكر، واعتمد على التجربة في أحيانٍ كثيرة، وجمع الماده العلمية من كل الأماكن القريبة والبعيدة، ولم يتوقف عند حد ذلك بل ناقش كل ما جمعه من علوم.
وكانت العلوم في عصر الجاحظ لا زالت في مهدها، وخاصةً علم الأحياء الذي لم يكن فيه إلا قواعد مبسطة لم يعن بها أحد، حتى جاء الجاحظ وجمع المادة العلمية من كل شيء، من النثر والشعر، من المصادر العربية والأخرى غير العربية، بجانب أنه كانت لديه حاسة نقدية مميزة، اكتسبها من طول التأمل وكثرة التفكر.
مؤلفات الجاحظ
ألف الجاحظ العديد من الكتب، حتى يقول العلماء من بعده أنها تزيد عن 170 كتاب، ومن بين هذه الكتب برزت عدة كتب تعد من أشهر مؤلفاته منها: البيان والتبيين، البخلاء، المحاسن والأضداد، رسالة التربيع والتدوير.