أحمد عمر هاشم: الإسراء والمعراج ربطت بين مرحلتين مهمتين في دعوة الإسلام
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن رحلة الإسراء والمعراج جاءت رابطًا بين مرحلتين مهمتين في عمر الدعوة الإسلامية؛ إعلاءً لكلمة الحق، وضيافة إلهية لنبينا العظيم، كما جاءت تلك المعجزة حديثًا قرآنيا واضحًا صريحًا يفند كل الأحاديث التي أثارها البعض بغرض التشكيك فيها، فقد كان وراء هذه المعجزة العظيمة حِكَمًا عالية؛ مصداقًا لقوله تعالى: "لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا".
وجاء ذلك خلال استضافة الجامع الأزهر سلسلةَ ندواتٍ تجمع نخبة من كبار علماء الأزهر مع الجمهور تحت عنوان: ملتقى "شبهات وردود"، لنشر صحيح الإسلام والرد على الشبهات وتفنيد الأفكار المتطرفة، وتعزيز التواصل بين علماء الأزهر وجمهور الرواق الأزهري، والحثّ على تهذيب النفوس وغرس القيم والمبادئ الأخلاقية السوية.
وتابع الدكتور أحمد عمر هاشم: كانت أجلَّ ما يُري الحبيبُ حبيبَه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مشيرًا إلى أن الوحيد الذي رأى ثواب الطائعين وعقاب العاصين وسدرة المنتهى وغيرها من الأمور الغيبية هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خاتم المرسلين، ولكي يكون حديثه عنها حديث من رأى ومن سمع، وحتى لا تتطرق إليها تلك الأوهام، ولتكن اختبارًا لأتباعه، يظهر به الصّادقون المخلصون، وكذلك المنافقون المُكذّبون؛ مصداقًا لقوله تعالى: "وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ"، أي: اختبارًا لهم.
عهد الأزهر الشريف وقدره
وأوضح أن هذا هو عهد الأزهر الشريف وقدره في أن يكون هو حائط الصد ضد كل تلك الحملات التي تستهدف تشكيك الناس في ثوابت دينها، فإليه ينتمي أحد بيوت الله العريقة التي تُذكَر بعد المساجد التي تشد الرحال إليها، بما له من دور عظيم في حماية الكتاب والسنة واللغة العربية والأمة، مؤكدًا أن تلك المعجزة العظيمة تدعونا إلى جمع كلمتنا ووحدة صفنا، وأن يكون المسلمون على قلب رجل واحد؛ متدبرين عطاءها وما تمليه من عبر ودروس كثيرة.
ومن جانبه، أوضح الدكتور حبيب الله حسن أحمد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن المعجزات، ومنها الإسراء والمعراج، أفعال خارجة عن المألوف، أجراها الله تعالى على أيدي رسله تأييدًا لهم، فبيده سبحانه فعل كل شيء، وإليه مرد كل شيء، لافتًا إلى أنه ليس من الجديد ترديد ما من شأنه التشكيك في الإسراء والمعراج أو إثارة الشبهات حولها، فكل تلك الشبهات قديمة ومن يرددها لا يعرف إلا الشبهات وينتقل من شبهة إلى شبهة، وينطبق عليه قوله تعالى: "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ"، وحين يقولون إن هذه المعجزة أمر مناف للعقل، فهم يتحدثون في الحقيقة عن عقولهم؛ إذ المعجزات لا تُنافي العقل المجرد ولكنها تأتي على خلاف العادة وما يألفه الناس فقط، ولذلك سميت بالمعجزة لكونها مخالفة للسنن الكونية، فالعقل يفسح المجال لأن يتغير العالم، وكثير من الأمور والعجائب هي من صنع الإنسان الآن، وإن كانت جميعها من تسخير الله وتقديره، ولم يكن العقل البشري يتخيل حدوثها يومًا، مثل ما نراه اليوم من اختراعات لم تكن موجودة في الماضي، ولم يكن يتصور حدوثَها أحدٌ.