الجمعة 08 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الفتوى العمرية.. انتصار للزوجة العاملة

الأربعاء 23/فبراير/2022 - 04:28 م

إذا نظرنا بموضوعية ورؤية فقهية صحيحة لمكانة الزوجة العاملة في الإسلام، نجد وبكل فخر واعتزاز، أن الإسلام أعاد للزوجة العاملة حقوقها ومكانتها الإنسانية الرفيعة، فالزوجة   كزوجها في الحقوق والواجبات من حيث العبادة والأعمال، فالزوجة من حقها أن تعمل وأن يكون لها ذمة مالية خاصة، لا ينازعها في ذلك أحد، لا زوج ولا أب ولا غيرهما، فالتاريخ الإسلامي يحمل لنا صورًا عدة للزوجة العاملة في الإسلام، فبداية من عهد النبوة كانت هناك  سيدات أعمال بلغة عصرنا الحالي، وكانت منهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فالسيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي، كانت أول سيدة أعمال في الإسلام، فكانت لها تجارتها الخاصة وجمعت منها المال الوفير، وهناك أيضا زوجات أخريات  في الإسلام، كٌن سيدات أعمال، مثل أم عمار، نسيبة بنت كعب الأنصارية، وكذلك المرأة المسلمة التاجرة لم يذكر اسمها التي دخلت سوق بني قينقاع وتعرضت لاعتداء من قِبل أحد تجار اليهود، وأيضا زوجة النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش التي كانت تبيع وتتصدق من صنع يدها،  بالإضافة إلى  نساء كثر كن يعملن بالنسيج، وهناك واقعة من عهد النبوة، تؤكد أن الزوجة كانت تعمل ولها ذمة مالية خاصة منفصلة عن زوجها وهي واقعة السيدة زينب الثقفية زوجة الصحابي عبدالله بن مسعود، التي استأذنت النبي في تقديم الصدقة لزوجها من مالها، لأنه كان فقيرا وهي كانت ثرية، ولدينا أسماء ابنة أبي بكر الصديق، وكثير من النماذج  الأخرى،  فكان للزوجة العاملة، دور كبير في فترة ذروة الحضارة الإسلامية.

وعندما أصدر شيخ الأزهر مؤخرًا بيانه المناصر للزوجة العاملة، الذي يحمل فتوى حق الكد والسعاية للزوجة العاملة، فهو بذلك أحيا الفتوى العمرية التي حدثت في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، حيث توفي عمر بن الحارث الذي كان زوج لامرأة تسمى حبيبة بنت زريق، وكانت حبيبة نساجة طرازة، وكان زوجها يتاجر فيما تنتجه وتصلحه حتى اكتسبا من جراء ذلك مالا وفيرا، ولما مات الزوج وترك المال والعقار، قام الورثة بوضع يدهم على ما تركه وارثهم، إلا أن الزوجة نازعتهم فى ذلك، وحين اختصموا إلى عمر بن الخطاب انتصر للمرأة التي شاركت زوجها في العمل،  فقضى لها بنصف المال وبالإرث في الباقي وهو نصيب زوجها.

وفي عصرنا الحديث كان المغرب صاحب السبق في تطبيق حق الكد والسعاية في مدونة الأسرة المغربية، والتي تم اعتمادها عام 2004، حيث نصت المادة 49 منها على أن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الرابطة الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها، ويكون هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، وقام المشرع المغربي في المدونة بالحفاظ على مبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين، لكن في الوقت نفسه أجاز وجود اتفاق بين الزوجين على تدبير أموالهما معًا.

يتبين لنا مما تم سرده، أن الإسلام أجاز للزوجة العمل وأن تتحصل على مقابل مادي لعملها، يتحقق لها به ملكية خاصة، وإذا شاركت المرأة زوجها في مشروع عمل كانت لها مثله فيما ينتج عن هذا المشروع من أموال، دون أن يؤثر ذلك على نصيبها في الميراث، فهل بعد ذلك يخرج علينا دعي يقول إن الإسلام حَرم الزوجة من حقها في العمل؟!، أو أن يكون لها ذمة مالية خاصة بها ؟!.

تابع مواقعنا