أحمد بخيت.. رفض العمل الأكاديمي من أجل الشعر وتفرد بأصالة أسلوبه وحداثة معانيه
مَا زَالَ فِي الْكَهْفِ سِرٌّ، وَالرَّقِيمُ مَعِي.. طُوبَى لِمَنْ قَالَ: رُوْحُ الْوَردَةِ العَبَقُ.. أحمد بخيت، الشاعر المصري المتفرد، أحد أهم شعراء مصر في العصر الحالي، المولود في 26 فبراير من العام 1966، حاز جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عن أعماله المتميزة، وله العديد من الأعمال التي تجمع بين أصالة الشعر، وحداثة مفرداته.
ولد بخيت في صعيد مصر، تحديدا مدينة أسيوط، لكنه لم يعش فيه إلا سنوات قليلة، قبل أن ينتقل للقاهرة، ويلتحق بالتعليم فيها، ثم بكلية دار العلوم، التي تخرج منها في عام 1989، ليصبح معيدا في قسم النقد والبلاغة والأدب المقارن بكلية الدراسات العربية والإسلامية، جامعة القاهرة، لكنه لم يستمر في العمل كـ أكاديمي في الجامعات، من أجل التفرغ للعمل على أعماله الأدبية.
بدأ أحمد بخيت مشواره الأدبي بـ ديوان وداعًا أيتها الصحراء، الذي أصدره في عام 1998، وتبعهم بالعديد من الأعمال المتفردة والمميزة، منها: الليالي الأربع، وصمت الكليم، وجبل قاف، والأخير أولا، وجزيرة مسك، ووطن بحجم عيوننا، وقل للمليحة، وقمر جنوبي، قبل أن تصدر الأعمال الكاملة في عام 2012.
حاز على العديد من الجوائز والتكريمات، وترجمت له العديد من القصائد، ومن جوائزه، الجائزة الأولى في الشعر، من المجلس الأعلى للثقافة في 1987، و88، و89، وجائزة أمير الشعراء 1998، وجائزة المنتدى العربي الإفريقي، بالمغرب 2000، وجائزة البابطين للإبداع الشعري بـ الكويت 2002، وجائزة البردة الشريفة أبو ظبي 2005.
يتميز شعر بخيت بالعديد من اللمحات الفنية، والمرتكزات التي يعتمد عليها في أعماله، حيث أنه يحرص دائما على الجمع بين عنصر الأصالة، والجزالة، على المستوى اللفظي، والمستوى الدلالي، والمستوى الشعري، وما يتعلق بعناصر الشعر وعموده الأساسية، إضافة إلى حداثة المعاني المطروقة، وقدرته على صوغ أحاسيس الإنسان العصري، ومشاكلة، وقضاياه، دون غموض، أو إبهام، أو تساهل.
صوفية وخيال أحمد بخيت في قصيدة الحسين
يتمتع أحمد بخيت بـ خيال صوفي، مفعم بالصور المُحبة، الحالمة، زاخر بالتصوير الحي للأحداث، وهذا يتضح في قصيدته التي كتبها في محبة سيد الشهداء، الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا، والتي كُتبت بمداد من أدمع صب مستهام، يقول بخيت: «إيٍهٍ أبا الشهداءِ وابنَ شهيدِهم.. وأخا الشهيدِ كأن يومَك أعْصُرُ» فالبكاء والنواح، على الحسين، لم ينتهي، والندم من يوم كربلاء لم يهدأ، والنار في قلب المُحب ما تزال ولم تزول، فكأن يوم أخذه، يومًا يُعاد بصورة سرمدية في عقول المُستهامين، وهنا براعة بخيت في قوله كأن يومك أعصرُ، أو هو كذلك بالفعل.
«يا داميَ الأوصالِ لا قَبْرٌ لهُ.. أفْدِيكَ إِنِّ الشَّمْسَ ليستْ تُقْبَرُ» وكيف بـ قبر، على انحصاره وضيقه، يحوي الحسين الذي، كانت رحابة روحه، تطغى على شمس النهار إذا اجتمع، فكأن قدره أن يضيئ كما هي، بشواهده بلدانًا زينتها شواهد الحسين.
«عريانةٌ حتى الفؤادِ قصيدتي.. والشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» ويصف بخيت قصيدته، على جزالتها، بأنها شعثاء، بل يصف شعره كله بذلك الوصف، أمام ذكر الحسين، تشتت عم أرجاء خياله، وسيطر على صوره، من هول ما رأى، كل المعاني لم تسع حجم انفطار فؤاده.