دوام الحال من المحال.. كيف تخلى الفن عن غسان مطر 4 سنوات حتى عَمِلَ محاسبًا؟
مُغامر مَن يعتمد على الفن كمصدر رزق أولي له، فيومًا يشُمُ الفنان رائحة السحاب ويطير بمحاذاة الطائرات والحمام، ويومًا آخر يلهث سعيًا على الأرض باحثًا عن مصدر رزق يستطيع من خلاله مواصلة حياته، واليوم تحل الذكرى السابعة للفنان الفلسطيني غسان مطر، الذي عانى من تلك المشكلة، ككثير عدد من الفنانين في فترة السبعينيات.
غسان مطر بين القائد والثائر ومجرم في عام واحد
كشفت مجلة الشبكة اللبنانية في عدد شهر مايو لعام 1974، أن غسان مطر تلقى برقية من نقابة الفنانين في دمشق، وطالبته بلعب بطولة فيلم جديد بعنوان مطلوب رجل واحد، تحت قيادة المخرج جورج نصر وقصة إلياس مقدسي إلياس، فلبى على الفور ندائهم رغم ارتباطه بفيلمين آخرين، موجهًا رسالة شكر وتقدير لترشيحهم له خاصةً أنه أول إنتاج لهم.
وعلى إثر الـ 3 أفلام التي شارك خلالهم في 1974، جاء قبول غسان للفيلم السوري مطلوب رجل واحد، بمثابة انطلاقة ثورية للسينما العربية السورية، وأبرز واقع الصمود الحربي قبل وبعد الحرب التي عاشتها سوريا آنذاك.
غسان مطر
والتزم غسان مطر بالسفر بين سوريا والأردن ولبنان لتصوير مشاهده في الـ 3 أفلام، وجسد في فيلم رجال جبل الشيخ، شخصية قائد معركة تحرير مرصد جبل الشيخ، وهو الذي قاد رجاله للنصر في أول معركة تحرير، بينما لعب دور الثائر الذي يرفض الاغتصاب والإرهاب وينتزع الحق بالدم والنار، في فيلم مطلوب رجل واحد، ومجرمًا خلال أحداث فيلم ثائر بيت لحم.
غسان مطر
ومع مغادرة غسان مطر في تلك الآونة للقاهرة، كانت المرة الأولى له التي يترك فيها المحافظة لفترة طويلة، إثر التزامه بالأفلام السينمائية الـ 3، بعدما قدم 23 فيلمًا بالسينما المصرية، وقال في حواره مع المجلة: سأعود للقاهرة عقب انتهائي من أفلامي الـ 3 لأني أؤمن بالسينما المصرية الرائدة ومدين لها بانطلاقتي.
غسان مطر
دوام الحال من المحال
ولم يدم النشاط الفني المكثف لـ غسان مطر، وبعد عام واحد فقط، لم يتلقَ غسان أعمالًا ليُشارك بها، وحسبما ذكرت المجلة في عددها لشهر نوفمبر عام 1975، أنه ظل فترة كبيرة بلا عمل، فقرر تغيير مجال عمله محاولًا البحث عن بديل للفن بعدما تخلى عنه، ليجني ثمار رزقه ويستطيع مواكبة حياته من جديد دون اللجوء لمساعدة أحد.
ثم عمل غسان محاسبًا في إحدى المحلات التجارية بشارع الحمراء في لبنان، بعد توقف كل الأعمال السينمائية في لبنان، إثر الحرب الأهلية التي عانت منها البلاد آنذاك، ولم يعد لأحضان الكاميرا سوى بعد 4 سنوات بمسلسل أيام العذاب، عام 1979.
