ذاكرة الأمثال.. خليك في عشك لما ييجي حد يهشك
لا تُضرب الأمثال لمجرد اللهو أو التسلية كما يعتقد البعض، بل هي ذاكرة تُمثل عادات الشعوب ومُعتقداتهم وما يؤمنون به، ومضارب الأمثال كثيرة ومتنوعة، ومن هذه الأمثال: خَلِّيكْ فِي عِشَّكْ لَمَّا يِجِي حَد يِهِشَّك.
وهذا المثل العامي يشرحه أحمد تيمور في كتابه الأمثال العامية أن الصَّواب في كلمة العِشِّ ضم أوله، والعامة تكسره، مضيفا المراد بالعش هنا هو الدار أو مكان العمل. ولَمَّا بمعنى حتى، وحَد: أحد، والهش هو زجر الطائر وطرده.
وهذا المثل هو تعبير مجازي عن معنى إجمالي يوضح تيمور أن المقصود أنه إذا توقعت إخراجك من دارك أو من عملك فاصبر ولا تحاول بنفسك فتجني عليها بيديك؛ أي: لا تترك دارك أو عملك إلا اضطرارًا حينما تجبر على ذلك، فإن الأحوال تتغير وما في الغيب مجهول.
خليه في عشه لما ييجي الدبور ينشة
وفي معنى هذا المثل أيضا قولهم خَلِّيهْ فِي عِشُّهْ لَمَّا يِجِي الدَّبُّورْ يِنِشُّهْ والمقصود دع جماعة النحل في كورها حتى يطردها منه الدبور.
وإذا أخذنا هذا القول المجازي من عالم الحيوان إلى عالم الإنسان فنجد أن تفسيره يقصد به دَعِ الأمور على حالها حتى يغيرها الاضطرار.
عموما تبقى الأمثال منهلا فياضا لأخذ العبرة والخبرة في الحياة، وليست مجرد قول يتم إلقاؤه على سبيل التنكيت أو التظرف.
الأمثال أيضا تمثل ذاكرة تجسد هوية الأمم، وجذورها الضاربة في عمق التاريخ، فكلما كانت الأمثال ضاربة في القدم دل ذلك على قدم حضارة الشعوب صاحبة هذه الأمثال.
