عظيم شهداء مصر الفريق عبد المنعم رياض
في التاسع من مارس من كل عام، نحتفل في مصر بيوم الشهيد الذي يُوافق ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة عام 1969، وهو في وسط جنوده، وفى موقع من أكثر المواقع تقدمًا على جبهة القتال، عندما سقطت إحدى قنابل المدفعية الإسرائيلية على الموقع الذى يقف فيه، وشاء قضاء الله أن يُصاب، وأن تضع إصابته نهاية لحياته المجيدة.
والفريق عبدالمنعم رياض واحد من أشجع رجال مصر وأكثرهم بسالة وفروسية، وهو أيضًا واحد من أكثر العسكريين في تاريخ مصر انضباطًا وحزمًا، ورصانة في التكوين والمعرفة، وأصالة في التفكير والرؤية التكتيكية والاستراتيجية.
إلى جانب تلك الخصائص والسمات والمهارات العسكرية، فقد تميز الشهيد عبدالمنعم رياض على المستوى الإنساني بالاستقامة الأخلاقية والتجرد عن الهوى والمصالح الشخصية.
وفوق كل ذلك، فقد عاش راهبًا في محراب الوطن والعسكرية المصرية، دون أن يتزوج؛ لأن السنوات التي كان يستطيع فيها الزواج قد انقضت وهو في رحلات دراسية بعيدة عن الوطن، أو في مواقع خدمة في المعسكرات وجبهات القتال المختلفة.
بعد استشهاده وصفه الفريق محمد فوزي وزير الحربية، فقال:
"عبدالمنعم رياض رجل ليس له مثيل، لم يكن في الاستطاعة أن يكون لي رفيق فيما كُلفت به غيره".
وكان الفريق محمد فوزي يقصد التكليف الذي صدر له من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بإعادة بناء القوات المسلحة بعد نكسة عام 1967.
في يوم استشهاده نعاه إلى الشعب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فقال:
"... إنني أنعى للأمة العربية رجلًا كانت له همة الأبطال، رجلًا تمثلت فيه كل خصال شعبه وقدراته وأصالته".
وبعد استشهاده منحه الرئيس عبد الناصر رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تُعتبر أكبر وسام عسكري في مصر. كما صدر قرار باعتبار يوم (9 مارس ) من كل عام يومًا للشهيد؛ تخليدًا لذكرى تضحية واستشهاد الفريق عبد المنعم رياض، وتخليدًا واحتفاءًا بذكرى شهداء مصر الأبطال الذين ضحوا بأروحهم ودمائهم الغالية من أجل حرية وكرامة وشرف الوطن.
كما رثاه الشاعر الراحل نزار قباني، فقال:
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ
لو يعرفونَ أن يموتوا مثلما فعلتْ
لو مدمنو الكلامِ في بلادنا قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ
لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ قد خرجوا، كما خرجتَ أنتْ
واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ
ما استُبيحتْ تغلبٌ
وانكسرَ المناذرهْ
يا أشرفَ القتلى على أجفاننا أزهرتْ
الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا أنتَ بها بدأتْ
يا أيّها الغارقُ في دمائهِ
جميعهم قد كذبوا، وأنتَ قد صدقتْ.
رحم الله الشهيد الفريق أول عبدالمنعم رياض في ذكرى استشهاده، ورحم الله شهداء مصر الأبرار في معاركها المختلفة عبر كل ميادين القتال وفي مختلف العصور؛ فهم الذين ضربوا لنا المثل الأعلى في البطولة ونكران الذات والتضحية من أجل حرية وكرامة وأمن واستقرار هذا الوطن، وهم الذين يستحقون دائمًا تخليد أسمائهم، وتكريم مصر والمصريين.