مصر والخليج وإيران.. أبرز المستفيدين من الحرب الروسية الأوكرانية
دخلت الحرب الروسية - الأوكرانية أسبوعها الثالث، مع تصاعد تداعياتها الاقتصادية؛ التي طالت العالم بأسره، نتيجة نقص إمدادات النفط، وارتفاع سعره في الأسواق العالمية، ووصل سعر برميل النفط إلى 133 دولارًا، مع توقعات لارتفاع سعره حتى 300 دولار.
ارتفاع أسعار النفط عالميا؛ دفع بعض الخبراء للإشارة إلى استفادة الدول المنتجة للنفط من ارتفاع أسعار البترول، باعتبارها أولى الدول المستفيدة من الحرب الروسية – الأوكرانية، لكن آخرون أكدوا أن هذه الدول غير مُستفيدة على طول الخط، وأنها ستدفع فاتورة مقابل ارتفاع أسعار السلع التي تستوردها، بينما ظهرت إيران ودولة الاحتلال ضمن قائمة الدول المستفيدة من الحرب.
خبير اقتصادي: استفادة دول الخليج من الحرب جزئية
قال الدكتور خالد رحومة، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ القاهرة 24، إن الحديث عن وجود دول مستفيدة من الحرب الروسية - الأوكرانية سابق جدًا لأونه، لأن أي استفادة في الوقت الحالي ستكون جزئية، موضحا أنه عندما تصدر هذه الدول منتجها بسعر مُرتفع، لن تكون رابحة، لأنها تستورد سلعا أخرى؛ سترتفع أسعارها نتيجة الحرب، مضيفًا أن حساب مكسب الدولة اقتصاديًا؛ يحتاج لأن نطلع على فاتورتي الواردات والصادرات الخاصة بها، ونقارن بينهم.
توقعات بارتفاع إمدادات الغاز المصري لأوروبا
وقبل أيام أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، فرض حظر على واردات الولايات المتحدة من الطاقة الروسية، وتعهد الاتحاد الأوروبي بخفض ورادات الغاز الروسي بمقدار الثلثين قبل نهاية العام، ورجح خبراء أن مصر من الدول المستفيدة من الأزمة.
وعن مدى استفادة مصر من فرض عقوبات على واردات الطاقة الروسية، باعتبارها تفتح سوقا أمام الغاز الطبيعي المصري، يقول الخبير الاقتصادي خالد رحومة، إن مصر تصدر الغاز المسال لأوروبا، ونتيجة لتداعيات الحرب، ورغبة أوروبا في إيجاد بدائل للغاز الروسي، فإنه من المتوقع أن تزيد نسبة إمدادات الغاز المصري لأوروبا.
صناعة السلاح والنفط رابحة بشكل مؤقت
من جانبها صرحت الدكتورة عالية المهدي، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بأنه لا توجد دول مستفيدة في حد ذاتها، لكن توجد صناعات رابحة من الحرب، كصناعة الأسلحة والنفط والغاز الطبيعي، وما يترتب عليه استفادة الدول المُتوطن بها تلك الصناعات.
وأكدت المهدي، في تصريح خاص لـ القاهرة 24، وجود استفادة مُؤقتة للدول المصدرة للنفط، نتيجة نقص إمدادات الغاز الروسي والأوكراني، أهم مصدري الغاز الطبيعي، وبالتالي الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز الطبيعي؛ ستكون بديلًا لهما.
7 ملايين برميل.. دول الأوبك لا يمكنها السيطرة على السوق
وأوضحت المهدي، أن قرار زيادة الإنتاج من دول الأوبك أو غيرها، لن يكون قرارا سريعا أو غير مدروس، فزيادة الإنتاج دون وجود أسواق لتداولها؛ سيٌنضبه.
وأعلنت منظمة أوبك، على لسان الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو، أن المنظمة لا تستطيع السيطرة على الأحداث الجارية، موضحًا أن الجغرافيا السياسية أصبحت هي المسيطرة على السوق، وأنه لا توجد طاقة في العالم يمكنها تعويض نقص 7 ملايين برميل من النفط في الوقت الحالي.
الغاز الروسي ورقة ضغط رابحة على أوروبا.. ودولة الاحتلال مستفيدة
وعن الشق السياسي، قال الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن المستفيد الأول من الحرب وتداعياتها هي روسيا، لأنها ستفرض سيطرتها على أوكرانيا، وتٌملي شروطها على المنطقة، موضحًا أن العقوبات المفروضة على روسيا لن تؤثر عليها بالشكل الكبير، والضرر سيكون على الدول الأوروبية، نتيجة لنقص إمدادات الغاز الروسي.
وأضاف حسين، في تصريحات خاصة، أن دولة الاحتلال مستفيدة من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، فعدم الاستقرار الموجود بالعالم قد يمكنها من التعدي على الدول العربية المجاورة لها، أو اتخاذ رد فعل اتجاه إيران للتخلص من تهديداتها العسكرية والاقتصادية.
البنية الأساسية لأوروبا لا تحتمل الغاز المسال
وذكرت دراسة صادرة عن المركز الدولي للدراسات الإيرانية (مركز أهلي مستقل مقره الرياض)، أن روسيا تمتلك أوراق ضغط على الدول الأوروبية، أهمها الغاز الروسي المصدر لأوروبا، لصعوبة إيجاد تلك الدول بديل عنه في الوقت الراهن.
وأكدت الدراسة، أن أمريكا وقطر لا يمكنهما تأمين كميات الغاز التي تحتاجها أوروبا، إذا أوقفت روسيا تصدير الغاز لهم، وذلك بسبب صعوبة تحويل البنية الأساسية للدول الأوروبية لبنية قادرة على استقبال الغاز المسال بدلًا من الخام، بجانب ارتفاع تكلفة نقل الغاز الأمريكي، والتزام قطر بعقود آجلة طويلة الأمد مع دول آسيوية.
دول الخليج أبرز الرابحين
بينما أفادت دراسة المركز الدولي للدراسات الإيرانية، بأن دول الخليج ستحقق مكاسب سياسية واقتصادية جراء الحرب، فموارد دول الخليج من النفط والغاز تضعها كبديل للغاز الروسي، مشيرة إلى قيام الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، بإجراء اتصالات مع دول خليجية، بجانب بعض الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة؛ لبحث فرص إمداد أوروبا بالنفط بديلًا عن الغاز الروسي، إضافة لتخفيف ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وأشارت الدراسة إلى أن دول الخليج يمكنها الحصول على مكاسب سياسية، جراء حاجة أمريكا لدول الخليج، ما يؤدي لتغاضي الولايات المتحدة عن بعض السياسات التي لا تتوافق مع أهواءها، بجانب رفع القيود التي فرضتها إدارة بايدن على ورادات السلاح لبعض دول الخليج.
ويرى الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن دول الخليج والشرق الأوسط ليست طرفا فاعلًا في هذا الصراع.
إيران بين الدول المستفيدة من الحرب
تتواصل منذ فترة مُباحثات بين إيران والولايات المتحدة وأوروبا في فيينا؛ تهدف للعودة للاتفاق المبرم عام 2015، والذي رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عام عليها عام 2012، مقابل وقف أنشطتها النووية، ومكنّها ذلك من إنتاج النفط وتصديره.
ومع إعلان دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق، مايو 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية؛ تضمنت قطاع النفط؛ عادت إيران لرفع سقف نشاطها النووي، للضغط على أوروبا وأمريكا، لرفع العقوبات الأمريكيه المفروضة خاصة على قطاع النفط.
دور الغاز الإيراني
ولفت تقرير منشور عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، إلى رغبة إدارة بايدن في التوصل إلى اتفاق في فيينا هذا الأسبوع، حتى تنتهي العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، أملًا في أن يؤدي طرح الغاز الإيراني في الأسواق لخفض أسعار النفط، التي ارتفعت بشكل كبير نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكدت دراسة صادرة عن معهد المركز الدولي للدراسات الإيرانية، رغبة أمريكا في تهدئة التوتر بالمنطقة، وذلك سيفتح الباب أمام إحياء الاتفاق النووي وإعادة استيعاب إيران؛ ما يترتب عليه دخول مصادر الطاقة الإيرانية السوق، وستكون مؤهلة بجانب قطر لتصدير الغاز لأوروبا.
وأشارت الدراسة إلى أن ذلك سيؤدي لحدوث مزيد من الضغط الاقتصادي على روسيا، ويُوفر فرصة ومساحة اكبر للمناورة من قبل إيران، وقُدرتها على الضغط على أمريكا.