تغيير موازين القوى في الأسواق.. كيف تتضرر الدول المناهضة لروسيا من غزوها لأوكرانيا؟
حذر خبراء اقتصاديون دوليون من تبعات توقف عمل شركتان أوكرانيتان تنتجان النيون، موضحين أن هذا الأمر قادر على إحداث تغييرات جذرية في موازين القوى داخل السوق العالمي، وأشار آخرون إلى الأمر سيمتد إلى سيطرة دول على حساب أخرى في هذا السوق تحديدا.. وهو ما يشير لتضرر بعض الدول الغربية اقتصاديا من الحرب الروسية الأوكرانية.
أزمة سوق أشباه الموصلات والرقائق ليست وليدة الحرب الروسية – الأوكرانية، الشهر الماضي، بل بدأت منذ تفشي جائحة كورونا بعدما حدثت مشاكل في سلاسل التوريد بعد فرض الحظر الكامل في كثير من الدول، وتسبب إغلاق مصانع إنتاج أشباه الموصلات والموانئ ووسائل النقل إلى نقص حاد في الرقائق الآن.
تفاقم الأمر مع اجتياح روسيا للأراضي الأوكرانية، إذ تصدر أوكرانيا 90% من غاز النيون المستخدم في إنتاج أشباه الموصلات الأمريكية، وتصدّر روسيا نحو 33% من البلاديوم المستخدم في الرقائق الإلكترونية.. أزمة أشباه الموصلات ستؤثر على صناعة السيارات والأجهزة المنزلية والأجهزة الإلكترونية الشخصية.
العلاقة بين النيون وصناعة الرقائق الإلكترونية
يستخدم غاز النيون في تشغيل أشعة الليزر التي تستخدم في الحفر على الرقائق الإلكترونية، ويتم تركيب الدوائر الإلكترونية المتكاملة عليها IC، وغيرها من مكونات الدوائر الإلكترونية، والتي تدخل في كثير من الصناعات، وفقا لمحمد ثابت أستاذ الفيزياء بكلية العلوم جامعة أسيوط.
نقص النيون يغير موازين القوى في سوق الرقائق الإلكترونية
لكن كيف يمكن لنقص هذا الغاز أن يسبب تغييرا في موازين القوى داخل السوق المصرية، يقول البروفيسور هاورد أوليت، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كامبريدج في تصريحات لصحيفة الاقتصادية، إن نقص غاز النيون القادم من أوكرانيا الذي تعتمد عليه الشركات الأمريكية أكثر من المنافسين الآخرين في تايوان وكوريا الجنوبية وحتى اليابان، يعني تعرضها لضغوط تنافسية شديدة تتطلب إعادة ترتيب أوراقها الداخلية، تلك الضغوط موجودة أيضا لدى منافسيها، لكن بدرجة أقل كثيرا، وهذا يفتح الباب للمنافسين خاصة في تايوان لتبوء المركز القيادي في الصناعة على حساب شركة إنتل الأمريكية.
أبل تخفض إنتاجها بسبب نقص الرقائق
العام الماضي، أبلغت شركة أبل (واحدة من أكبر مشتري الرقائق في العالم) الشركات المصنعة لمنتجاتها في أكتوبر الماضي، بأنها ستقوم بخفض إنتاجها من جهاز آيفون بنحو عشرة ملايين جهاز، عما كان مخططا إنتاجه في 2021 بسبب نقص الرقائق الإلكترونية، الآن ومع التدخل الروسي في أوكرانيا يزداد المشهد تعقيدا.
80% من واردات أمريكا من النيون تأتي من أوكرانيا وروسيا
يكشف الدكتور أوسكار نوح، أستاذ التقنيات الحديثة في جامعة أكسفورد، أن كميات هائلة من واردات النيون تأتي إلى الولايات المتحدة من روسيا وأوكرانيا، قدرها بما يتراوح بين 80 و90%، كما أن الحصول على احتياجاتها من مكان أخر أو مصادر بديلة أمر لا يعد سهلا.
وأضاف نوح في تصريحات صحفية، أن العالم ما زال يعتمد على غاز النيون الأوكراني، حتى بعدما تضرر سابقا عام 2014، عند ضم شبه جزيرة القرم، ولم يعدوا بدائل كافية له، رغم أن أسعار النيون ارتفعت 600% حينها.
وأشار إلى أن شركة ASML الهولندية (إحدى الشركات الرائدة في مجال الابتكار في صناعة أشباه الموصلات) تزود صانعي الرقائق الإلكترونية بكل ما يحتاجون إليه من أجهزة وبرامج وخدمات لإنتاج أنماط ضخمة على السيليكون، تعتمد على أوكرانيا وروسيا لتوفير أقل قليلا من 20% من احتياجاتها من غاز النيون.
أمريكا تطالب المصانع بتوفير بدائل
وتفيد تقارير إعلامية بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن طالبت مصنعي أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، الشهر الماضي، بتنويع مصادرهم من المواد الصناعية متوقعةً حدوث غزو روسي لأوكرانيا.
تضرر صناعة السيارات
وكشفت ليتا شون روي، الرئيس التنفيذي ومسؤول تحليل عمليات التوريد في شركة تيكسيت الإلكترونية، لقناة سي ان بي سي المتخصصة في الأخبار الاقتصادية، أن اكر المتضررين من الأمر هي صناعة السيارات، لأنه سيؤدي إلى نقص في مصدر الرقائق المستخدمة في صناعة السيارات».
العام الماضي أدى نقص أشباه الموصلات إلى تقييد الإنتاج لدى جميع المنتجين الرئيسيين في عالم السيارات تقريبا، وفي بعض الأحيان وصل النقص إلى المستوى الذى دفع شركة جنرال موتورز إلى إغلاق بعض مصانعها بالكامل.
من جانبه أعلن وزير الاقتصاد والتجارة الياباني، أن صانعي الرقائق اليابانيين لن يتأثروا كثيرا لأن اليابان تستورد 5% فقط من الغازات المستخدمة في إنتاج أشباه الموصلات من أوكرانيا، وأشار إلى أن شركات بلاده أبرمت عقودا مع منتجين آخرين قبل اندلاع الأزمة.
كيف يصنع غاز النيون؟
يصنع غاز النيون في مصانع فصل الهواء بالتبريد التي تنتج أيضًا الهيليوم والزينون والنيتروجين، ويبلغ إنتاج أوكرانيا من النيون 90%، ويأتي 65% من هذا الإنتاج من شركة واحدة لها مصانع في أوديسا وموسكو، ومع أن الكثير من العمليات المتقدمة لم تعد تعتمد على النيون، فإن معظم خطوات التصنيع الأخرى تستخدم النيون في ليزر الهيليوم-نيون، وخاصةً من أجل إجراءات الفحص.