مستشفى مصغر وجهاز غسيل كلوي بالمقر البابوي.. أسرار من حياة البابا شنودة في ذكرى رحيله العاشرة
حنون ومحب ومعطاء، ثلاثة صفات تميز بها الراحل البابا شنودة الثالث، أسد مرقسي بقلب طفل صغير، كما لقبه البعض، لم يرفض أحدًا قط، ولم يتخلى عن شعبه القبطي، تحل اليوم الخميس السابع عشر من شهر مارس الجاري، الذكرى العاشرة لرحيل البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 من بطاركة الكرازة المرقسية.
وفي هذا الصدد التقى القاهرة 24، مع أحد أفراد الأمن الخاص بـ البابا شنودة الثالث بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وأيضا مسؤول الاستقبالات الخاصة بقداسته، للحديث عن أبرز مراحل حياته ومواقفه التي حُفرت في القلب، تزامنًا مع الذكرى الـ10 لرحيله.
قال هاني شحاتة، وهو أحد أفراد الأمن الخاص للبابا شنودة، ويبلغ من العمر 44 عامًا، لـ القاهرة 24: أعمل فرد أمن لقداسة البابا منذ أن كان عمري في العشرينات، كانت له هيبته، ولكن كان حنونًا محبًا للجميع.
وأضاف: كان أسبوع البابا مزدحم جدًا، حيث كان يقضي يومين في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، ويوم الاثنين يستقبل إخوة الرب ولجنة البر، وهي خدمة خاصة بالمحتاجين، والأربعاء في عظته الأسبوعية، والخميس يلتقي إخوة الرب مرة أخرى لسداد احتياجهم وتوزيع البركة ومعهم عامة الشعب.
وأوضح: كان كل أربعاء قبل الدخول لإلقاء المحاضرة في العظة الأسبوعية، يمر على إخوة الرب، وذوي الهمم يعطيهم البركة ويسلم عليهم، وكنت أقوم بتنظيمهم حتي يلتقوا قداسته، فكانوا ينتظرون في ممر مخصص لهم عند باب الكنيسة من جهة المنارة الخاصة بالكاتدرائية، وبعد ذلك يذهب ذوي الهمم معه لحضور المحاضر، وكان ذلك شيء أساسي يحدث كل أسبوع، بشكل مستمر.
وتابع صاحب الـ 44 عاما: وليس ذلك فقط، بل كان يستقبل عمال الزراعة والنظافة بالكاتدرائية ليطمئن عليهم ويعطيهم البركة، وذلك كان كل أسبوع قبل سفره للدير أو إلى الإسكندرية.
وقال: كان يخصص قداسته يوم الخميس من كل أسبوع، للقاء عامة الشعب، حيث كنا كأفراد أمن، ننظم ممرا لدخول الناس ومحبيه في حديقة المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية، ليأخذوا البركة من قداسته، ويجلسوا معه، وكان يقابلهم بكل حب وعطاء وبشاشة.
أيام صعاب في تأمين الكاتدرائية وقداسة البابا
وعن الحديث فيما يخص أصعب الأيام التي مرت على هاني شحاتة، في تأمين الكاتدرائية وقداسة البابا قال: من أصعب أيام تأمين الكاتدرائية، وقداسته كان يوم حادث جريدة النبأ الشهيرة في يونيو 2001، فكان يومًا صعبًا، فوجئت بتظاهر الناس داخل الكاتدرائية وكان قداسة البابا بالمقر بالبابوي.
أضاف شحاتة في حديثه: جاءت الشرطة في ذلك اليوم للكاتدرائية، كما جاء مدير مكتب الرئيس مبارك ليتحدث مع البابا شنودة ويُطمئنه أنه سيتم غلق هذه الجريدة، وأيضًا لحل الأزمة وفض النزاع، وذلك لأن المتظاهرين داخل الكاتدرائية كانوا يلقون الأحجار معترضين على ما حدث من تشويه لصورة الكنيسة، وكان حديث البابا لنا كأفراد أمن هو عدم الاقتراب من الجمهور المتظاهر.
وأردف شحاته لـ القاهرة 24 قائلا: لم يهدأ الشعب القبطي وقتها، إلا بغلق الجريدة؛ وحدث بالفعل.
وتابع: ثاني الأيام الصعبة كانت أيام قصة وفاء قسطنطين الشهيرة، حيث تظاهر بعض الأقباط الغاضبين داخل الكاتدرائية أثناء الاجتماع الأسبوعي للبابا، فحدثت موجة اعتقالات عشوائية من الأمن ضد الشباب الذين ذهبوا للاجتماع، وكان قداسة البابا أخذ وعدًا من الجهات الأمنية بعودتها يوم العظة الأسبوعية ولكنها لم تعد فغضب البابا شنودة مما حدث، وأعلن امتناعه عن إلقاء محاضرته الأسبوعية، وذهب للاعتكاف بدير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون.
مستشفى مصغر للبابا شنودة داخل المقر البابوي
كشف هاني شحاتة في حديثه لـ القاهرة 24 عن وجود مستشفى صغير يحتوي على وحدة للغسيل الكلوي وبعض الأجهزة الحديثة والمحترفة داخل المقر البابوي، وكان يتلقى البطريرك الـ117 علاجه بداخلها قائلا: كان للبابا شنودة مستشفى مصغر داخل المقر البابوي، مجهز بأحدث الأجهزة، وكان قداسته مريض فشل كلوي، وكان هناك جهاز للغسيل الكلوي حيث يتلقى جلساته، داخل المستشفى بالمقر البابوي.
يوم رحيل البابا شنودة
تحدث صاحب الـ44 عامًا عن يوم وفاة البابا شنودة قائلا: لم أر مثل هذا اليوم في حياتي، كانت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في ذلك اليوم مليئة بالناس، والجمهور الذي مر بالبلاد حتى يلقى نظرة الوداع على قداسته، وكان هناك بابًا سريًا لدخول الأساقفة، لإلقاء نظرة الوداع، مضيفًا: كان يومًا صعبًا جدًا فكان هناك من يقفز من سور الكاتدرائية ليدخل.
منظم استقبالات البابا شنودة: لن يتكرر في التاريخ
ومن جانبه قال مجدي رمزي، مسؤول ومنظم استقبالات الراحل البابا شنودة الثالث: لا يعوض ولا يوجد مثله، ولن يتكرر في التاريخ، كان إنسانًا حنونا ومحبا ويتميز بالعطاء الشديد، وكان يساعد جميع الناس ولم أره يرفض مساعدة شخص أبدًا، كان متواضعًا، إنسان بداخله إنسان كان يشعر بمن أمامه دون أن يتحدث.
وأضاف صاحب الـ 62 عامًا في حديثة لـ القاهرة 24 قائلا: كانت لجنة البر وهي إخوة الرب تأتي له كل أسبوع، ليتحدث معهم ويساعدهم، كان يعطى والله يعطيه، كان يستقبل الجميع، فكانت الناس تأتي لرؤيته من الساعة الـ10 صباحًا لحضور العظة مساءًا.
وتابع رمزي: كان قداسته مريض بشدة، لكن إيمانه الشديد كان يغلب المرض.
وأضاف: ففي يومًا كنت ذات يوم أشعر بضيق، فجاء إلى ووجه لي سؤال قائلا: مالك يا مجدي، قولت له مفيش يا سيدنا أنا بخير؛ وبعد أيام قليلة رأيته مرة أخري فقال لى موضوعك خلص؟ قولت له أي موضوع قداستك؟ قالي لي مش عاوز تقول خلص ولا لا قولت له خلص، فهو كان يعلم ما بي دون أن تتفوه بكلمه واحدة وهذه تسمى شفافية.
ما يحبه البابا شنودة الثالث
واستكمل رمزي حديثة لـ القاهرة 24 قائلا: كان أكثر ما يحبه البابا شنودة هو خدمة إخوة الرب وزيارة الملاجئ، كان عاشقًا لها، وكان يحب الناس كثيرًا ويحب المرح والفكاهة، وفي أيام الأعياد تكون الكاتدرائية مزدحمة بطريقة لا توصف وكان يستقبل ضيوفه وابناءه ويقوم بتوزيع الحلوى عليهم ويضحك ويمرح معهم.
وأضاف منظم استقبالات البابا شنودة: قداس العيد ينتهي في وقت متأخر من الليل ونحن والعمال والأمن نكون صائمين فيرسل لنا العشاء مساء عقب القداس فكان يهتم بنا كثيرًا، متابعًا: كان يعلم وهو صامت وكانت بسمته أفضل شئ في الحياة.
جنازة القرن ويوم عذاب
وعن يوم وفاة البابا شنودة الثالث قال صاحب الـ62 عامًا: يوم الوفاة كان يوم عذاب، كان إخواننا المسلمون أكثر من المسيحيين في الكاتدرائية، لإلقاء نظرة الوداع.
وأضاف: يوم وفاته لم أر له مثيلًا في العالم، كانت الكاتدرائية مزدحمة بشكل لم أره، من قبل احتوت المسلمين قبل المسيحيين كانت الملايين تريد أن تلقي نظرة الوداع على الأسد المرقسي، كانت جنازة القرن.