الخميس 19 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مدرسة شهيد ملحمة طابا الدبلوماسية

الأحد 20/مارس/2022 - 12:35 ص

في منتصف تسعينيات القرن الماضي التحقت بمدرسة الشهيد محمد كامل الحويج الثانوية بجهينة الغربية.. دون أن أعرف من هو الشهيد الذي تحمل المدرسة اسمه.. كانت المدرسة معروفة بصرامة مديرها الأستاذ الفاضل أحمد أبوزيد، وتضم رعيلًا مشهودًا له بتربية الأجيال وغرس الأدب والقيم قبل العلم.. كنت أظن أنه من شهداء حرب أكتوبر 1973 والتي شكلتها في وجداننا منذ نعومة أظافرنا السينما وأفلامها والدراما ومسلسلاتها، بتفاصيل فخرها وعزتها وكرامتها، توجتنا وتوجت العرب أجمعين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

في 19 مارس 1996 دخلنا فناء المدرسة السادسة والنصف صباحًا، كعادة كل يوم وجدنا مسرحًا منصوبًا، وأثناء طابور الصباح تم التنويه في الإذاعة المدرسية أن اليوم ستحتفل المدرسة بحضور الجميع بذكرى غالية علينا جميعًا خلال النصف الثاني من اليوم الدراسي، وما أن دق جرس الفسحة حتى خرجنا مسرعين لنصطف أمام المسرح، ننتظر بدء الاحتفال الذي بدأ بتلاوة القرآن الكريم من أحد الطلاب، ثم كلمة لمدير المدرسة ليحكي قصة الشهيد الرائد محمد كامل الحويج ابن مركز جهينة بمحافظة سوهاج وأحد أبناء عائلة الحويج العريقة تلك العائلة التي تضرب بأصولها الطيبة في هذا البلد.. الشهيد الذي نفتخر بها وجلب شرفًا لبلدنا وأهلها واستشهد في أثناء المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي ضمن الوفد العسكري والدبلوماسي لاسترداد طابا.. رحل الشهيد ليترك لنا شرف وعزة نفتخر بهما جميعًا.. بعدها صعد إلى المسرح طفلان هما ابنا الشهيد أحمد وإسلام.. أحمد الآن ضابط بوزارة الداخلية، وإسلام رحمة الله عليه توفي منذ ثلاث سنوات أو أكثر بتوقف قلبه أيضًا، وكان يعمل مهندسًا.. تحدث الطفلان ببراءة شديدة خطفت قلوب الجميع ليسود صمت الجميع أمام حديثهما عن اشتياقهما لوالدهما وفخرهما بوالدهما الشهيد. 

إدراكنا وقتها لم يكن كافيًا لفهم القضية لكن هذه الاحتفالية بكل تفاصيلها ظلت عالقة في وجداننا، وعندما كبرنا ووعينا قيمة هذه الملحمة الباسلة التي قادها نخبة من الدبلوماسيين والعسكريين والجغرافيين والمساحيين، وسطّرها التاريخ بحروف من ذهب عن قصة كفاح وقتال دبلوماسي ودحض المراواغات الاسرائيلية طيلة 10 سنوات حتى انتصرنا.. وكان الرائد محمد كامل الحويج ضابط الاتصال بأحد الأجهزة وأحد خبراء المساحة والطبوغرافيا أحد أفراد كتيبة القتال الدبلوماسية..الجميع منهم خاض ملحمة باسلة أسلحتها الوثائق والخرائط والشهادات التي لا تقبل التأويل والمراوغة، وفي 13 أغسطس 1986 كان اجتماع منعقدًا في تل أبيب بين الوفد المصري والجانب الإسرائيلي وفي أثناء المناقشات توقف قلب الشهيد البطل محمد كامل الحويج، وخلال 14 ثانية فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها.. كانت أسرته تنظر قدومه كما وعدها ليحضر معهم عيد الأضحى، لكنه عاد يحتضنه علم مصر حاملًا شرف الشهادة باستماتة دفاعه عن قطعة غالبة من أرض الوطن القطعة التي لا تتجاوز مساحتها كم مربع لكنها العقيدة الراسخة لدينا كمصريين بغلو كل شبر في أرض الوطن بغلو العرض فلا تفريط ولا هوان في تركه.. فتحيةً لروحه الطاهرة ولكل شهدائنا الأبرار..

تابع مواقعنا