الأم المثالية قبل 36 عاما │ أرملة شهيد نكسة 67: عشت بمعاش 19 جنيها.. وكل بناتي معلمات
بين ليلة وضحاها؛ تحولت حياة الحاجة رسمية البيومي، رأسًا على عقب، عندما فقدت زوجها في حرب 67، حيث كانت تعيش معه حياة سالمة هادئة مع أبنائهما الأربعة، إلى أن جاءها نبأ استشهاده في النكسة، ورغم أنها وجدت نفسها وحيدة - ليس لديها سوى أطفالًا صغار، بحجم كف يديها، إلا أنها استطاعت أن تعبر بهم إلى بر الأمان، وتضرب مثالًا راسخًا للأم المصرية المثالية.
روت السيدة رسمية البيومي، 80 عاما، وأرملة الشهيد منصور عبد الرحيم الزهار، أن زوجها ذهب لتلبية نداء الوطن في حرب 1967م، والمعروفة في مصر بنكسة 67، ولم يعد حتى الآن، حيث استشهد فداءً للبلاد، بينما كان عمرها 24 عاما، وترك لها أربعة أبناء، منهم 3 فتيات.
وقالت البيومي في تصريحات لـ القاهرة 24، إنها علمت باستشهاد زوجها في الحرب، بعد أن كان مفقودًا لمدة 4 سنوات من ذهابه للحرب، وكانت أكبر أبنائها في الصف الثاني الابتدائي، وأصغرهن لم تُنه الرضاعة.
وأضافت رسمية: تمكنت من تربية أبنائي الأربعة وتزويجهم وحدي، ولم يساعدني أحدا إلا الله عز وجل؛ هو من أعانني على تربيتهم حتى أصبحوا هم أجداد، ولهم أحفاد.
الأم المثالية
وتابعت الحاجة رسمية: قبل أعوام طويلة، وبعدما علمت باستشهاد زوجي؛ وجدت نفسي وحيدة مع 4 أطفال، وعشت بمعاش 19 جنيها، وقررت أن أعمل خياطة على مكنة تُدار بالقدمين، فقديمًا لم تتوافر الماكينات التي تمتلك موتورا، وكنت أصنع المريولات لطلاب المدارس، وأُخيّط للسيدات في المناطق من حولي، وأيضًا الجيران.
واستكملت الأم المثالية رسمية: في هذه الفترة؛ تقدّم لي رجال عدة، فكنت في نظر الناس امرأة صغيرة السن؛ تحتاج لمن يراعيها مع أولادها، ولكني رفضت تمامًا، وقررت أن أهب نفسي لأبنائي؛ لم أطيق فكرة وجود رجل غريب لهم قد يرفع صوته أو يده عليهم يومًا ما.
وعن التحديات التي واجهتها الحاجة رسمية، قالت في هذا الصدد: لم أشعر أبدًا أن حياتي صعبة، فكانت أيام تملؤها البركة، رغم عدم وجود الغسالة الحديثة أو حتى البوتجاز، فكنت أغسل ملابس أبنائي على يدي، وأطبخ لهم طعامهم على وابور الجاز، وحاليًا لدي كل شيء، ولكني أصبحت أسير مُستندة على عكاز.
واستكملت: أصعب ما كنت أعيشه، هو سماع ابنتي الصغيرة تنادي على والدها، فكانت تُقلدها وتنادي نفس الشخص بـ بابا، وكنت أتألم كثيرًا من داخلي.
وأوضحت رسمية: الثلاث فتيات أصبحن معلمات، أما ابني الآخر فهو موظف في شركة، وبسببهم حصلت على لقب الأم المثالية، حيث منحتني إياه الوزيرة السابقة آمال عثمان، وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية، شعرت حينها أن تعبي لن يذهب هباءً، كنت حقًا سعيدة.