أم بلا حَبل.. فتاة عشرينية تكفل طفلة: اختار الطفل اللي يختارك
«أطفال الكفالة أحن كثيرًا من الأطفال البيولوجيين»، بتلك الكلمات بدأت ندى السيد حديثها مع القاهرة 24، ساردة قصتها مع صغيرتها «وداد» التي ساقتها الأقدار لتكون أمًا لها بـالكفالة، حيث أنها لم تكن تعلم بوجود نظام الكفالة في مصر من الأساس ولم تدر الفكرة في ذهنها من قبل، حتى زيارتها لإحدى دور الأيتام وخطف قلبها من قبل الصغيرة.
منذ عام ونصف تقريبًا قررت الفتاة العشرينية، القيام بعمل خيري رفقة عددًا من أصدقائها، وذلك من خلل التبرع لدور أيتام بمساعدات عينية والذهاب إلى الدار والجلوس رفقة الأطفال ومرافقتهم لبعض الوقت، وفي إحدى تلك المرات وقع نظرها على طفلة لا يتعدى عمرها الأربعة أشهر، غيرت معها حياتها.
وبنبرة يغلبها الحنين، تعود ندى بذاكرتها إلى اللقاء الأول بطفلتها، حيث كانت الطمأنينة والسكينة من نصيب الصغيرة أما ندى فكان من نصيبها الحب وشعور لا تجد كلمات لوصفه، حسب قولها، وسط غرفة بها نحو 20 طفلًا، تكاد تتكأ وداد وحيدة في مجلسها، وقع نظر الأم عليها وكأنها الوحيدة في الغرفة، قائلة: «من أول غرفة في دار الأيتام دخلتها كان بها 20 طفلا، وهي جالسة وحيدة تكاد تسند نفسها.. وكأن ربنا أعمى بصيرتي عن كل الأطفال إلا هي.. شيلتها في حضني وقعدت بيها، مشرفات الدار استغربوا لأنها طفلة معروفة بانطوائها ولا تتعامل مع أحد ولكنها كانت هادئة ومطمئنة معي».
بعد مرور أسبوعين من اللقاء الأول اتخذت العشرينية قرارها بمسئوليتها الكاملة عن الطفلة وأبلغت إدارة الدار بالقرار، ووقتها علمت بنظام الكفالة الداخلية بالدار، مضيفة: «تعلقت بها.. وبالفعل تكفلت بها حتى تمامها السنة الأولى من عمرها.. حتى وقعت مشكلة بيني وبين مديرة الدار، وعلمت بأنها بدأت في إجراءات كفالتها لأحد الأسر، انتقامًا مني، وفورًا تحدثت مع أهلي وأخبرتهم برغبتي في كفالة وداد حتى موتي».
واجهت الفتاة مشاكل عدة تعرقل من الكفالة، أولها عمرها، حيث أنها تبلغ من العمر 24 عامًا فقط، فيما تنص اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، على أن تبلغ الأرملة والمطلقة ومن لم يسبق لهن الزواج، من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة، حتى تستطيع كفالة طفل، وأخرى برفض الأهل والأصدقاء لقرارها، وهو ما تغير الآن، مردفة: «عائلتي يعاملوا طفلتي وكأنها ابنتهم وأنا أختها.. دائمًا يقال إن إحساس الأمومة يولد مع ولادة الطفل، أنا ضد ذاك تمامًا رأيت أمهات لا تعرف شيئًا عن الأمومة، وأنا شعرت بذاك الإحساس منذ وضعها في حضني من أول مرة، بحس أنها حتة مني، والبنت تتغير وتصبح شبهي كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقه، تأخذ من تصرفاتي ومن ضحكتي.. الأم اللي ربت مش الأم اللي خلفت».
«رزق من الله كالزواج، وزوجي المستقبلي إذا اختارني فهو اختارني في وجود طفلتي.. وجودها شقلب حياتي رأسًا على عقب، كنت شخص ليس لديه أي اهتمامات، كانت تأخذها أمور الحياة ولا شيء مهم يذكر في حياتها، فجأة أصبحت مسئولة عن طفلة، بجانب دراستي الجامعية، كان مرهق في البداية، ولكن مع كل حدث كان يحدث معها كان له إحساس مختلف.. أول ما قالت ماما أول حركة، كل حاجة فيها إحساس مختلف، أصبحت سعيدة ووجدت معها الراحة النفسية، وأصبح لدي إحساس بالرضا، متفائلة، بقيت أحسن عشانها.. غيرتني 180 درجة، وأصبحت إنسانة مختلفة بسبب صغيرتي»، هكذا عبرت ندى عن شعورها بعد تكفلها بالطفلة وداد.
«اختار الطفل اللي يختارك».. تقول ندى موجهة حديثها إلى الأسر المقبلة على خطوة الكفالة، متابعة: « الناس لا تذهب لاختيار الأطفال، اتركوا الأطفال يختاروكم.. ربنا يرزق الكل بالخطوة دي لأنها أحسن خطوة في الدنيا، أطفال الكفالة أحن كثيرًا من الأطفال البيولوجيين ويقدرون مجهود الأهل جدًا».