فرص واعدة لمصر.. أوروبا تبدأ تحركاتها للاستغناء عن الغاز الروسي عبر الشراء المشترك
أيّد زعماء الاتحاد الأوروبي فكرة تضافر جهود الدول الأعضاء لشراء الغاز الطبيعي من أجل تجديد الاحتياطيات المستنفدة، والفوز بأسعار أقل في سوق صعبة للغاية.
يُمهّد القرار السياسي في قمة بروكسل، اليوم الطريق أمام الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء المهتمة لبدء التخطيط للمساومة الجماعية مع الشركاء الدوليين؛ حيث يسعى الاتحاد هذا العام لاستبدال ما يقرب من ثلثي واردات الغاز من روسيا، أكبر مورد لها، بعد غزو موسكو لأوكرانيا.
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر صحفي عقب القمة التي استمرت لمدة يومين: يُعدّ مزيج الطاقة والوضع الملموس في الدول الأعضاء مختلفين تمامًا، إلا أننا بحاجة إلى العمل معًا لتجميع ثقلنا؛ ولدينا قوة شرائية هائلة. لذلك، أُرحّب بخطوة استخدامنا الآن لقوتنا في المفاوضة الجماعية، وبالتالي بدلًا من المزايدة على بعضنا البعض ورفع الأسعار، فإننا سنجمع طلبنا" وذلك وفق وكالة بلومبرج الاقتصادية.
المشتريات المشتركة
وتم إحياء فكرة المشتريات المشتركة، التي طُرحت لأول مرة في الاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات، بعد أزمة طاقة عززتها الإمدادات المحدودة من روسيا، ما دفع أسعار الغاز والكهرباء إلى مستويات قياسية، ومع ترنح العملاء بفعل الفواتير المرتفعة وتحذير الشركات من ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي، تواجه الحكومات ضغوطًا متزايدة للبحث عن طرق جديدة لمعالجة الأزمة.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون للصحفيين: لم نقم بذلك من قبل؛ لذا فما قمنا بسنّه اليوم هو خيار سياسي مبني على أساس طوعي، لأن هذه العقود ليست حكومية، وليست الحكومات هي من سيوقع هذه العقود، بل الشركات.
واتفق القادة على أن منصة الشراء المشتركة ستكون مفتوحة أيضًا لدول غرب البلقان، وثلاثة شركاء مرتبطين هم: أوكرانيا، ومولدوفا، وجورجيا، وفقًا لبيان مشترك بعد اجتماعهم. وسيساعد تجميع الطلب على ضمان توفير الغاز الطبيعي المسال، والغاز، والهيدروجين بأسعار معقولة، في شراكات مع الموردين في البحر الأبيض المتوسط، وإفريقيا، والشرق الأوسط، والولايات المتحدة.
ووفقًا لاستراتيجية الطاقة الجديدة التي حددتها اللجنة في وقت سابق من هذا الأسبوع، يمكن استبدال الواردات من روسيا بمصادر متجددة متزايدة وكفاءة أكبر للطاقة، فضلًا عن واردات غاز خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال من دول أخرى، حسب المفوضية. ولهذه الغاية، اقترحت المفوضية الأوروبية إنشاء فريق عمل بشأن مشتريات الغاز المشتركة على مستوى الاتحاد.
ومن جانبه قال المستشار الألماني، أولاف شولز، إن فكرة تجميع القوة الشرائية طوعًا، وشراء الغاز الطبيعي من السوق، يمكن أن تساعد في إبقاء الأسعار منخفضة.
كما أجرى رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي نقاشًا محتدمًا حول إجراءات الطوارئ للحدّ من الأسعار المرتفعة، بما في ذلك فرض سقف على أسواق الجملة، وفصل أسعار الغاز والكهرباء. وبينما حثّ الأعضاء الجنوبيون بقيادة إسبانيا الاتحاد الأوروبي على التدخل، كانت ألمانيا وهولندا ودول أخرى متشككة في مثل هذه الخطوة.
وفي حل وسط، اتفق القادة على تكليف اللجنة والحكومات الوطنية بالتواصل بشكل عاجل مع شركات الطاقة، ومناقشة كيفية استخدام الخيارات قصيرة الأجل المختلفة لمعالجة تأثير عدوى أسعار الغاز على أسواق الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بلدانًا مثل إسبانيا والبرتغال، التي تمتلك حصصًا كبيرة من الطاقة المتجددة، وعددًا قليلًا من روابط الطاقة مع بقية الاتحاد، تم منحها خيار التقدم للتمكن من وضع حدود للأسعار.
وبسبب الوضع المتوتر والغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاسات ذلك على إمدادات الغاز من روسيا، تبحث دول الاتحاد الأوروبي على موردي غاز بدائل، حيث تلعب القارة الأفريقية دورا في الحد من الاعتماد على الصادرات الروسية. إذ أن بعض البلدان في إفريقيا لديها احتياطات كبيرة من الغاز. ولكن في كثير من الأحيان تكون قدرات الإنتاج والنقل محدودة.
زيادة صادرات مصر لأوروبا
وتمكنت مصر من تصدير 6.64 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال في 2021، وهو أعلى مستوى لها في 10 سنوات؛ حيث أظهرت البيانات أن صادرات الغاز الطبيعي المسال المصرية، التي كانت تتجه في الماضي في الغالب إلى آسيا، زادت إلى أوروبا في 2021 لتصل إلى 2.04 مليون طن، مقارنة بـ270 ألف طن متري فقط في 2020.
يشار إلى أن مصر كانت قد أعلنت، على لسان رئيس الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي، مجدي جلال، أنها تتوقع أن تصل صادرات الغاز الطبيعي المسال في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيه إلى 7.5 مليون طن متري.
وقال محللون وخبراء في مجال الطاقة أن أزمة نقص إمدادات الطاقة لأوروبا "فرصة لوضع مصر على خريطة الطاقة الأوروبية"، وتأمين جانب من إمدادات الغاز الروسي للقارة العجوز.
ونبه الخبراء في الوقت ذاته إلى إمكانية زيادة حصيلة تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى أوروبا على المدى المتوسط، في ظل الدور الذي تلعبه القاهرة ضمن منتدى غاز شرق المتوسط، علاوة على الاستفادة من خطوط الأنابيب المزمع تدشينها لاحقا بين مصر من جهة، واليونان وقبرص من جهة ثانية، لزيادة الكميات المصدرة لأوروبا.
ولا تزال أسعار الغاز الأوروبية عند مستويات تاريخية مرتفعة، بسبب انخفاض مستويات التخزين، وتقليص التدفقات الروسية، بجانب المخاوف بشأن الإمدادات وسط المواجهة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا.