عصابة العشاق.. قصة قصيرة لـ محمدأبو طالب
محمد أبو طالب كاتب روائي وقاص عضو اتحاد كتاب مصر صدر له من قبل العديد من المرلفات منها رواية مخلب قط، وروايةوطن الأوهام، ورواية رجلا مروا من هنا، وهذه قصة قصيرة له بعنوان عصابة العشاق.
قصة عصابة العشاق
حكى له خادمه المطيع عثمان عن وردة وسحرها الفتان وجمالها الخلاب الذى أسر القلوب ولعب بالعقول والألباب في عزبة الباشا.. فثار أبوالمجد باشا فى وجهه غاضبآ:
- لماذا لم تخبرنى بذلك من قبل ؟!
فقال له:
- إنها من الغجر الذين جاءوا إلى العزبة لجمع بقايا المحاصيل الزراعية من الأراضى العام الماضى.. فهربت منهم ومكثت هنا.. كى لا تتزوج أحدهم، وهم مازالوا يبحثون عنها فى كل مكان.. فهم لا يتزوجون إلا من بعضهم البعض كعادة متأصلة فيهم، ومتوارثة بينهم.
- إذا آتى بها فورآ لتكون في حمايتنا وإحدى رعايانا.
أتى بها عنوة إليه.. فبهر بما رأى من جمال طبيعى لم يرى مثله من قبل، وحركت فى نفسه المشاعر والأحاسيس التى ماتت منذ سنوات.. فقد تخطى الخمسين من عمره ولم يتزوج بعد.. بسبب سهراته الماجنة، ومغامراته النسائية وفضائحه فى كل مكان.. ثم مالبث أن إستجمع قواه وإستعاد تركيزه وتوازنه وصاح قائلآ:
- تتزوجينى يا وردة ؟!
فقالت له فى حدة:
- لا.. هذا لا يمكن أبدآ.. هذا مستحيل.
فصرخ فى عثمان قائلآ:
- تشتغل خدامة في السرايا من بكره.
فنظرة إليه نظرة إحتقار، وبصقت في وجهه، وخرجت مسرعة وسط دهشة الجميع.
عادت إلى المنزل فوجدت عدد كبير من شباب العزبة قد جاءوا لخطبتها وقد إحتدم الصراع بينهم وكأنهم على شفا حرب ضروس.. فقالت لهم:
- من منكم قادر علي حمايتى من الباشا ؟!
طأطأ الجميع رؤسهم، وخرجوا منكسرين.. فبصقت فى وجوههم إلا مهران خيرة شباب العزبة الذى عاهدها على الحب والموت دفاعآ عنها، وجاء المأذون وكتب الكتاب، وفجأة هجم رجال الباشا عليهم.. فقتلوا مهران وأحرقوا المنزل بكل ما فيه وهربت وردة إلى الجبال.
استدعت كل عشاقها وكونت منهم تشكيل عصابى، وسطوا على السرايا ليلآ وسرقوها وأشعلوا النار فيها.
هرب أبوالمجد، وقد فقد عقله، وأصبح مجذوبآا.. يدور فى البلاد يحكى للناس على الناى الحزين حكاية عشقه لوردة، وعاد الهاربون إلى العزبة واستتب الأمن، وأحس الناس بالأمان، ومرت الأيام والسنين حتى ظهر أحد أقارب أبوالمجد ويدعى أبو العز باشا.. فأعاد بناء السرايا المهجورة، وإستولى على أراضى الناس بالقوة والعنف والبلطجة، وعادت أيام الزمن الغابر من جديد.. أحس الناس بالذل والهوان، وهجروا العزبة بكل ما فيها.. فثارت وردة وجمعت كل عشاقها، وأعادت تشكيل عصابتها من جديد، وفوجئت في أول اجتماع لهم بحضور أبوالمجد فقد عاد إليه عقله وأصبح من دراويشها.
قاموا باختطاف أبوالعز وأجبروه على إعادة كل الحقوق لأصحابها، وعاد أبوالمجد إلى سراياه، وتزوج وردة، وعمت الفرحة جميع أرجاء العزبة، وأثناء مرور الزفة في شوارعها وطرقاتها الضيقة.. هجم عليها أحد الغجر الملثمين وطعنها بسكين فى قلبها وهرب فى الزحام.. تناثرت الدماء على ثوب الزفاف الأبيض، وتحول صوان الفرح إلى صوان عزاء.