وزير الأوقاف: الفتاوى الدينية في العلوم التخصصية تبنى على رأي العلم وتتبعه ولا تسبقه
شارك الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في المؤتمر الدولي للعلوم الأساسية والتطبيقية الذي أقامته كلية العلوم اليوم الاثنين 28/ 3/ 2022م بجامعة الأزهر تحت عنوان: "العلوم الحديثة والتنمية المستدامة"، وذلك بحضورالدكتور محمد حسين المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، والدكتور هشام فاروق علي مساعد وزير التعليم العالي للتحول الرقمي، والدكتور محمد فكري نائب رئيس فرع جامعة الأزهر لفرع البنات، والدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا، والدكتور محمد الشربيني نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون الطلاب والتعليم، والدكتور مها غازي عميد كلية العلوم جامعة الأزهر بنات، وأ.د/ سامية الحسيني وكيل كلية العلوم بنات جامعة الأزهر.
وفي كلمته أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن المؤتمرات العلمية أحد أهم روافد البحث العلمي الجاد سواء للأساتذة أم للباحثين أم للمشرفين، وكثيرًا ما تنتج ابتكارًا يفوق التعليم الصفي، فنحن ندعم ونؤكد ونحيي هذا الحراك العلمي الواسع والمؤتمرات الجادة وخاصة تلك التي تأخذ طابعًا دوليًّا كبيرًا.
مشيرًا إلى أن العلم الذي حث عليه القرآن الكريم وبين فضله نبينا (صلى الله عليه وسلم) لا يقف عند حدود العلوم الشرعية التخصصية من فقه وحديث وتفسير ونحو ذلك مؤكدًا أن أغلب ما جاء في القرآن الكريم في شأن العلم جاء في مطلق العلم، لأن من المفاهيم الخاطئة أن بعض الناس حمل ذلك على العلوم الشرعية البحتة، فعندما يقول سبحانه وتعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"، لم يخصص علمًا بعينه بل جاء مطلقًا في عموم العلم، وفي قوله تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"، جاء مطلقًا في عموم العلم، وحتى في قول الشاعر: العلم يرفع بيتًا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والكرم
الفتاوى الدينية في العلوم التخصصية تبنى على رأي العلم وتتبعه ولا تسبقه
واضاف جمعة: هذا جاء في مطلق العلم، وفي حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): "من سلك طريقا يلتمس فيه عِلمًا" جاءت عِلمًا نكرة لتفيد العموم والشمول، وأيضا من التفسيرات الخاطئة التي فهمها بعض الشباب لعقود طويلة تفسير قوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ خصوا بذلك أهل الفقه وعلماء الدين وحدهم، مع أن الحديث في الآية عام لم يقل: اسالوا أهل الفقه، ولا أهل التفسير، ولا علماء الدين، وإنما قال سبحانه: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، وأهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل علم من العلوم سواء في ذلك أهل الطب في الطب، وأهل الهندسة في الهندسة، وأهل الفقه في الفقه، ففي قوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ المقصود بهم أهل الاختصاص حتى في الحِرف والمهن والصناعات.
مختتمًا حديثه ببيان قول الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ، فعندما نتابع السياق القرآني لهذه الآية نجد أن ذلك لم يأت في معرض الحديث عن الفتوى، ولا عن الفقه، ولا عن العلوم الشرعية، إنما جاء في معرض الحديث عن الآيات الكونية، حيث يقول سبحانه وتعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَنُهَا وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَنُهَا وَغَرَابِيبُ سُود وَمِنَ النَّاسِ وَٱلدَّوَابِّ وَٱلْأَنْعَمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَنُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَؤُاْ" فجاء الحديث عن الخشية مرتبطا بالحديث عن الآيات الكونية متسقًا مع قول الحق سبحانه وتعالى: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".
مشيرًا إلى أن الفتاوى الدينية في العلوم التخصصية تبنى على رأي العلم وتتبعه ولا تسبقه؛ فعلى سبيل المثال عندما تعلق الأمر بتخصص الطب فيما يتعلق بجائحة كورونا وكان رأي الطب أن التجمعات تسبب انتشار العدوى أخذنا القرار بغلق المساجد بناء على رأي أهل الطب، وعندما قالوا بأن المساحة الآن تسمح بشيء من الانفتاح قمنا بالسماح هذا العام بصلاة التراويح ومصليات السيدات وبعودة الدروس للمساجد وبفتح دور المناسبات، فنحن نبني أحكامنا الشرعية على منطلقات ومخرجات العلم التطبيقي، داعيًا الطلبة والطالبات إلى بذل أقصى الجهد في مجال اختصاصهم وهم على يقين أن من أراد أن يخدم دينه ووطنه فليخدمهما من خلال النبوغ والتفوق في تخصصه.