45 عاما على ذكرى جنازة العندليب الرمزية الشعبية
الوداع يا حبيب الملايين.. الوداع يا عبد الحليم، هكذا كانت هتافات الآلاف من المصريين لتوديع الأيقونة المصرية العندليب عبد الحليم حافظ، في جنازته التي أقيمت في 30 مارس عام 1977، وتوفى عبد الحليم عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاما؛ جراء إصابته بالتهاب كبد فيروسي تعذر علاجه لوجود تليف بالكبد ناجم عن إصابته بداء البلهارسيا، كما أوضح فحص مستشفى كينجز كولوليدج في لندن، وكانت جنازة العندليب واحدة من أكبر الجنازات الشعبية في تاريخ مصر، لكبر قاعدة جماهيره العاشقين له ولفنه الذي بقى رغم رحيله عنا.
جنازة رمزية أسطورية
عُرف بعد سنين من إقامة جنازة العندليب، أن نعشه كان فارغا خاليا من جثمانه، وذلك ما كشفه لنا المصور الخاص للعندليب فاروق إبراهيم في لقائه ببرنامج نهارك سعيد على نايل لايف، إذا قال توفى عبد الحليم يوم 27 مارس، ورجع من لندن يوم 28 مارس، ودخل مستشفى في المعادي في الثلاجة، ويوم 30 مارس كانت الجنازة، طلعناه الساعة 6 صباحا، وكان اشترى أرض المدفن في البساتين، وكان مجرد أرض فارغة لم يبنى عليها شيء، والأسرة أصرت تدفنه في مدفنه الذي اشتراه، وبسرعة التُربية عملوا غرفة تحت الأرض للذكور دون سور.
وتابع: ودفن عبد الحليم ستة صباحا، وكان فيه خوف من أن النعش يتخطف، ويتبهدل جثمان عبد الحليم، وعملنا جنازة رمزية لعبد الحليم حافظ، كنا متأكدين 100% أن جثمان عبد الحليم ممكن يتخطف، لأن ولا حراسة ولا حاجة ممكن تمنع حب الناس له، وفي ناس ماتت في واحدة رمت روحها من الدور السادس والجنازة ماشية قدامها، فكان في خطورة وخوف من الأمن.
لكن لم يعلم الشعب حينها ذلك، لذا كانت جنازة العندليب أسطورية حضرها الآلاف من الشعب المصري، كما نراها في الفيديوهات المتبقية من ذكراها، وكان فيها علم مصر يحتضن نعش الراحل حاملا لصورته ومكللا بالورود والأزهار، ومحمولا على سيارة يسير أمامها عدد من الأشخاص حاملين بأيديهم بوكيهات من الورود، وخلف السيارة آلاف من الشعب المصري بين البكاء والهتاف، وامتلأت البلكونات والشبابيك حينها بجماهير العندليب لتودعه الوداع الأخير.
عشق العندليب لمصر وشعبها بآخر كلماته
كان العندليب عاشقا لمصر وشعبها؛ لتكن آخر كلماته التي وصلت لنا عبر مكالمته مع الإعلامي وجدي عبد الحكيم قبل يومين فقط من وفاته في لندن، حول السؤال عن أحوال مصر وشعبها، وجاء نص المكالمة هكذا: ايوه يا وجدي، ازي مصر يا وجدي، كويسة وحشاني مصر بوسهالي وبوسلي ترابها، وحشتني مصر خالص، سلملي والنبي على مصر كلها يا وجدي، وتراب مصر، وكلهم من أصغرهم لأكبرهم.
منظور حليم للحياة والفن
عاش عبد الحليم يتيما، حيث توفت والدته بعد أيام من والدته، وعقبها والده بعد شهور من وفاة زوجته، لذا كان عليه أن يخوض الحياة بمفرده ليتعلم منها، وفي فيديو قول يا حليم الذي أهداه الإعلامي وجدي عبد الحكيم لجماهير العندليب، عبر حليم من خلاله عن منظوره للحياة قائلا: "الحياة حرمتني كثير وعلمتني كثير وأدتني كثير، حركتني حنان الأم وعطف الأب، وعلمتني أن الدنيا فيها الخير، وحتى اليتيم اللي عمره أيام، يقدر يعيش ويكمل.
وكان عبد الحليم محبا للفن الذي أعطاه كل وقته ومجهوده، لإيمانه أن الفن وسيلة لإسعاد الناس، معبرا عن ذلك بقوله: الدكتور ممكن يقولي أني أموت لكن ميقوليش متنغنيش، فمفيش أبدا حسيت أو ندمت على أني فنان أبدا؛ لأن الفنان بيسعد الناس، والناس اللي مؤمنة بهذا قليلين من الفنانين، يعني يمكن أنا واحدة منهم".